18 ديسمبر، 2024 6:42 م

عذراً يا زهراء أيها البتول الطاهرة (سلام الله عليكِ)

عذراً يا زهراء أيها البتول الطاهرة (سلام الله عليكِ)

لم يقدم لنا التاريخ الإنساني امرأة كالصديقة الكبرى فاطمة الزهراء عليها السلام حملت كل الصفات النبيلة والأخلاق الحسنة والعلوم الكاملة وقدمت لنا المثل العليا بأرقى ما يمكن من التطبيق العملي ، فهي العابدة في محرابها في جميع أوقات الفرائض وساعات الليل الطويلة والقانتة لربها تدعوه لقضاء حوائج جارها قبل حوائجها ، والقانعة بما يقدمه زوجها لبيتها من مأكل وملبس ولم تحرجه في طلب اصغر حاجة ، والمربية الضليعة بأرقى طرق التربية من خلال تنفيذ الأقوال بالأفعال ومن ثم تقليد الصغار للكبار نتيجة إتباع القدوة ، لم تخالف أبيها ( صلى الله عليه واله) وزوجها طرفة عين ولم تتأفف من صعوبة الظروف ومرارتها وهي ابنة التسع سنين عندما تزوجت ، ولم تترك إمام زمانها عندما انقلبت الأمة عليه بل وقفت بوجه الانقلابيين بكل ما تملك من أدوات فقدمت ضلعها وجنينها وصحتها ودموعها وراحتها ومن بعد ذلك حياتها ، فجابهت أخطر انقلاب عرفته البشرية وقدمت لنا أروع خطبة ثورية جمعت فيها تعاليم الدين والقيم و المبادئ الإنسانية وبقت هذه الخطبة تتناقلها الأجيال عبر الامتداد العرضي والطولي للزمان فكما آثار الإنقلاب السقيفي موجودة وتعيش آثارها السلبية الإنسانية فأن آثار الخطبة الفدكية تعيش معنا وترشد الإنسانية الى طريق الهدى والصلاح وهو طريق محمد وال محمد صلوات الله عليهم اجمعين ، وفي كل عام نجدد ذكرى مصاب الزهراء عليها السلام بإقامة المجالس واللطم وغيرها من الشعائر التي تحيّ هذا المصاب الجلل ، ولكن في الحلق غصة وفي القلب حسرة عندما تأتي هذه المناسبة العظيمة وتذهب ولا نتغذى من أثارها وإلهاماتها العظيمة ودروسها الكبرى التي قدمتها الصديقة الكبرى عليها السلام للإنسانية وخصوصاً المرأة بالشكل المطلوب :

فنقول للزهراء (عليها السلام) عذراً لقد باتت أغلب النساء اليوم لا يخرجن من بيوتهن إلا والتبرج يملئ وجوههن ، عذراً يا زهراء لا تخرج أغلب النساء من بيوتهن إلا ويرتدين الملابس غير المحتشمة إن كانت بنطلون او ملابس ضيقة تظهر تقاسيم أجسامهن ومفاتنهن عذراً يا زهراء أصبحت اغلب النساء أسيرات مجاميع التواصل الاجتماعية والعلاقات مع الرجال والعكس صحيح ، عذراً يا زهراء اصبح الكثير منا نساءً ورجال لا يمتلك المعلومات الكافية عن دينه من فقه وعقيدة بالإضافة الى التاريخ ، عذراً يا زهراء اصبح الكثير منا سجين حبال مكائد الشيطان من غيبة وبهتان وكذب ونفاق وغيرها من الموبقات ، عذراً يا زهراء أصبحنا ممزقين كلٌ يجلس في بيته تركنا التزاور وقضاء الحاجات وتسهيل الأمور والتحفنا بالعناوين التي مزقتنا اشر تمزيق فتركنا الإخوان خوفاً من الحسد والعين وزرعنا الوهواس من هذه العناوين في عقول الأبناء والبنات ، عذراً يا زهراء اصبح تواجد الكثر منا في الحسينيات والمساجد من أجل قضاء الوقت والأكل والشرب لا من أجل التعلم والتعبد والحصول على الغذاء الروحي والمعنوي ومعرفة أخبار الإخوان ، عذراً يا زهراء أصبح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غريب ما بيننا لا نعرفه ولا نقترب منه حتى أستفحل ما بيننا المنكر وضاع المعروف لقلته وصغره ، عذراً يا زهراء أصبحت الصلاة للكثير منا ليس من اولوياته ولا تصلى في اول أوقاتها ، عذراً يا زهراء أصبح المال يمثل مكانة الشخص بوجوده يصبح وجيهاً وبعدمه يصبح الإنسان وضيعاً والأخلاق والدين لا يزيدان او ينقصان من الشخص شيئا ، فعذراً لك يا زهراء ايها الصديقة الكبرى أصبح الكثير منا بعيداً كل البعد عن طريقك وطريق بعلك وأبنائك سلام الله عليهم أجمعين ، فأصبحنا كالقطيع التائه الذي تحيط به الذئاب من كل مكان وهو مشغول بمأكله ومشربه ولا يحتاط من المخاطر التي تحيط به ، فيا سيدتي المقدسة العظيمة التي يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها نحن في أشد الحاجة لنظرة منك لجذبنا من مكائد الشيطان والدفع بنا الى طريق الرحمن وهو طريق محمد وال محمد صلوات الله أجمعين .