فرصة ثمينة لن تتكرر، إلا في الرابع والعشرين، من شهر ذي الحجة الحرام، يوم تقف فيه الأبصار شاخصة، للذين أمنوا وعلى ربهم يتوكلون، إنهم مجلس أعلى للمباهلة، التي طالب بها وفد نصارى نجران، وقد تهيأوا وتجمعوا، لرؤية ما يباهل به خاتم الأنبياء والمرسلين، فكان الوعد الحق يومها، بأن خرج أصحاب الكساء، فاطمة وأبوها، وبعلها وبنوها، (عليهم السلام أجمعين)، ولو أرادوا حينها، أن يترك الجبل من مكانه، لأزاله الخالق إكراماً لهم، فهم معدن الرسالة، ومختلف الملائكة!
إظهار للحقن وتفضيل لآل النبي محمد، (صلواته تعالى عليه وعلى أله)، ومباهلة تأريخية لا مجال للشك فيها، بالأبناء (الحسن والحسين)، والنساء (فاطمة)، والأنفس(علي)، في سورة آل عمران الآية 61، بقوله تعالى: ((فقل تعالوا ندعُ أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين)) فخرجوا بإسلامهم المحمدي، العلوي الفاطمي، الحسني الحسيني، إنهم باب نجاة الأمة، فكانت تلقائية النبي في التعامل، مع وفد نجران، طريقاً لإعلان إنتصار الإيمان على الإلحاد، والتواضع على الغرور!
وقت للصلاة، وللتصدق في سبيل الباريء عز وجل، كان هو الأخر سلوكاً عظيماً، وخالصاً في ذلك اليوم المبارك، الذي سأل عبد فقير، في المسجد النبوي الشريف، وحانت اللحظة الإلهية، والإمام علي (عليه السلام) في حال الركوع، حيث نزلت الآية الكريمة: ((إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا والذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)) وما كان أحد يصلي غير وصي الأمة، بعد نبيها الكريم (عليهما السلام)، فألقى بخاتمه له، وبات السائل وأولاده مسرورين بهذه الهدية الثمينة!
من أبرز مظاهر الخواء الفكري، لوفد نصارى نجران، أنهم حضروا بزينتهم، وخواتيمهم، ورحالهم المليئة بالثروات والبضائع، لكن نبينا صاحب مكارم الأخلاق، والأسوة الحسنة، رفض إستقبالهم حتى نزعوا زينتهم، لأن الباريء جل في علاه لا يحب كل مختال فخور، وجاءت الفرصة الذهبية، لكي يثبت للنصارى والمسلمين على السواء، فضل أهل البيت (عليهم السلام)، الذين أبعد الخالق عنهم الرجس، وطهرهم تطهيراً، بعد إتمام النعمة، والرضا بالإسلام، وإكمال الرسالة، والتبليغ النهائي، لخلافة علي (عليه السلام)، وفضل أولاده المعصومين!
عذراً يا جدي، فالأولى لنا بهذا اليوم، أن نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات، لصاحب الأمر والزمان، الحجة المنتظر، أرواحنا لمقدمه الفداء، ولحفيد البيت العلوي الإمام المرجع، السيد علي الحسيني السيستاني، بمناسبة ذكرى المباهلة المباركة، وعلى وجه الخصوص، مَنْ نباهل به في يومنا هذا، سليل المرجعية الرشيدة، الذي أصدر فتوى الجهاد الكفائي، لحفظ أرض المقدسات، فأستشعرنا خيراً، من أبناء علي وفاطمة (عليهما السلام)، بما نحن عليه من الفرح، والغبطة، والأمن، فمبارك لكم ولنا، يوم التصدق والمباهلة!