12 أبريل، 2024 1:09 ص
Search
Close this search box.

عذراً ايتها القلعة

Facebook
Twitter
LinkedIn

ليس من شك لدى الجميع ان قضية تلعفر شائكة وتحريرها سيكون في نهاية مطاف الحرب على داعش .فالقضاء ذات اهمية كبيرة بالنسبة للحكومة الأميركية، فالجدير بالاهتمام ان الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الإبن تحدث مطولا عن هذه المدينة بعد الحملة العسكرية التي قادها جيشه ضد تنظيم القاعدة وطرده منها آنذاك قائلا: ان تلعفر اصبحت “نموذجا لمدينة حرة تعطي الأمل في العراق” وحقيقة الامر مختلفة اذ علق كاتب امريكي على ما ذكره بوش قائلا: ” ان ما فعله الأمريكيون بمدينة تلعفر هو جريمة حرب مروعة مكتملة الأركان خطط لها البيت الأبيض ونفذها البنتاجون”.
والمعلوم ان الحرب على التنظيمات الارهابية المتطرفة ماهي الا لُعبة اصطنعتها امريكا وحليفتها بريطانيا -التي لم تنس مقتل جنودها في ثورة 1920 على يد الغيارى من اهالي تلعفر انذاك -وغيرها من الدول الحاقدة على الاسلام عامة والعراق خاصة – والتي تعتبره أمريكا احد ولاياتها- بحجة وجود اسلحة الدمار الشامل غايتها تشويه سمعة العراق لدى العالم، وإضعاف قدراته العسكريّة والاقتصادية التي كان يتمتع بها ابان حرب الخليج من خلال السيطرة على موارده النفطية حتى يعيدوا العراق تحت الوصايا الدولية لنهب ثرواته.
وتجب الإشارة هنا انهم لم يكتفوا بذلك بل راحوا يبحثون عن نقاط ضعف وكان افضلها زرع بذور الفتنة الطائفية بين الشعب، وكان لابد ان يكون حاضنة لهذه الفتنة ،ووقع الاختيار على قضاء تلعفر لتركيبته المذهبية وقوميته التي تكتنفه الغموض او الضائعة ان جاز التعبير من جهة ولقربها من الحدود السورية والتركية من جهة اخرى فضلا عن جهل بعض سكانها من خلال امكانية تقبلهم الافكار المتطرفة التي لا حصر لها.
ومع مرور الزمن امتدت نار الفتنة رويدا رويدا باتجاه الجميع ،والبيت الذي لم تكوه النار راح اهله يتحدّث بلغة الطائفيّة . سيما ان أمريكا لم تشف غليلها بعد فراحت تدس سمومها عن طريق عملائها لاشعال الفتنة على نطاق أوسع وبدلا من تفويت الفرصة كان السذج والمغفلون منا حاضرين لتطبيق هذا المخطط الممنهج من خلال انتمائهم للجماعات الارهابية المتطرفة سواء داعش او ماعش معتقدين بغبائهم انهم يحمون الدين الإسلامي. فخسرت المدينة الالاف من شبابها فضلا عن الاعداد الكبيرة من الايتام والارامل ،حتى صارت المرأة اكثر نسبة من الرجل وهذا ماكان يسعى اليه اعداء الاسلام .
وما اثار حفيظتي اننا كنا نعتقد ان تلعفر متماسكة بعشائرها وتصاهرها (خال وابن اخت) مع بعضها. لكن ما ان حانت ساعة الامتحان حتى تبينت النتيجة فكانت معكوسة تماما وخيبة الامل حاضرة فلم يكن ذلك التماسك الا وَهمٌ وضحك على الذقون نتباهى به امام الاخرين وصار القاتل والمقتول من بيت واحد.
نعم
حاول الاخرون ابعاد شبهات انتماء ابنائها لداعش وإلصاقها باهالي تلعفر متناسين ان الغالبية العظمى من قيادات داعش هم من عشائر غير تلعفرية ،وكان هذا جليا خصوصا بعد ان سُلمت الموصل لداعش حيث تكشفت الوجوه وتبين كل واحد على حقيقته .
لذا على عقلاء وحكماء المدينة المعتدلين الاخذ على عاتقهم ان ينزعوا ثوبهم القديم وان يلبسوا حلة جديدة وان يرتقوا افكارا واساليبا تتناسب مع الوضع الحالي وبشفافية مطلقة واستنفار البحث عن جوهر العوامل المشتركة الحقيقية من خلال تقديم التنازلات من الطائفتين لاجل ان تعود الحياة للمدينة وانهاء الازمة والخروج من هذا المأزق. ناهيك عن ان المشتركات التي تجمعنا اكثر بكثير من تلك التي تفرقنا وخصوصا اذا ما وضعنا بعين الاعتبار اخطاء الاجتماعات التي كانت تُعقد سابقا تحت اسم المصالحة العشائرية التي لم يتعد فحواها المجاملة وتبادل القبلات والحلول العفوية والترقيعية بين المجتمعين. والاصل ان نبدأ بالعمل لاعادة بناء الإنسان واللحمة لتلعفر والتركيز على نبذ العنف من اجل الفقراء لا الاغنياء، فالاخير قد أسس حياة جديدة في مكان نزوحه ذات طابع ترفيهي ولا يفكر في العودة الا لتفقد ممتلكاته .اذن ولد الخايبة دائما من يدفع الثمن. ومن باب أولى ان نبعد الوجوه غير المرغوب بها عن هذا الدرب والمعروفة للجميع ممن تسبب في اشعال نار الفتنة الطائفية والمتهمين بتسليم نينوى الى داعش من السويسيين والذين كانوا سببا ايضا في تلويث اسماء احزابهم العريقة ، ولم يكتف هؤلاء بذلك بل يسعون لزيادة مكاسبهم من خلال الاصطياد في الماء العكر مجددا والترشح في الانتخابات القادمة كي يزيدوا الطين بلة.
بالاحرى كم نحن مذنبون بحقك ايتها القلعة التي كتب عنك شهاب الدين التلعفري وتألق بوصف بساتينك ياقوت الحموي. فهل تقبلين عذرنا ؟ وهل ستصفحين عنا ؟فنحن لم نستطع حمايتك من حماة الجهل والتخلف. ماذا سيكتب التاريخ عنا؟ وفي اي صفحة سوداء سنكون ؟ باي عذر قببح سنواجه الاجيال القادمة ؟ وكيف سنعود لكِ وقلاعك قد احتضنت الارض؟وووو.
تلك القلعة ومنذ اكثر من 6000 سنة ق.م لم تنحن قلاعها لان رجالا كانوا يقفون خلف اسوارها لحمايتها ،واذا بقاماتها تنهار على ايدي حشرات الظلام ،فكم نحن قليلو الوفاء ايتها القلعة، اعرف انكِ لم تصفحي عنا الا اذا أعدنا امجادك وبنينا قلاعك من جديد وذلك من خلال تلاحمنا ووحدتنا وان نزيح عنك غبار الجهل والتخلف الذي خططت له امريكا ونفذه الاغبياء من داعش وماعش .فارجوا ان تقبلي اعتذاري؟ .
ساتفاءل بالخير ولا أريد ان اشكك واقول :هاهي المدينة قاب قوسين او ادنى من تحريرها من داعش فهل نتلمس ان نعيش ونتعايش بسلام من جديد ؟ونتخلص من الطوفان الذي أصابنا. ام نلف وشاحا اسود حول المدينة ونبقى نازحين ومهجرين للابد في الداخل والخارج ،وهذا ما سيكون في الاعم الاغلب اذا ما تركنا قرار المدينة بيد شعيط ومعيط.
وخلاصة القول :من يعتقد ان أمريكا وعملاءها في العراق يقدمون طائفة على اخرى فهو احمق. نعم احمق لان امريكا لا شأن لها بالقاتل ولا المقتول ،وانما تبحث عن مصالحها فهي اهم واسمى من دماء العراقيين جميعا، وخير دليل ان مئات الدواعش من الاجانب الذين قتلوا العراقيين بغير حق عادوا الى بلادهم واستقبلتهم عوائلهم أمام الملأ ويتفاخرون بعرضها على الشاشات الصغيرة دون أن تعتقلهم حكوماتهم التي تدعي انها تحارب الارهاب والافكار المتطرفة فكم نحن سُذّج .
واخيرا ان قضية تلعفر لاحل لها إلا بيد أهلها .
رحم الله شهداء العراق واسكنهم فسيح جناته والخزي والعار لكل من اؤتمن فخان… وللحديث بقية..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب