8 مارس، 2024 1:41 ص
Search
Close this search box.

عدنان الزرفي بين احتمالين

Facebook
Twitter
LinkedIn

يبرر بعض المؤيدين لترشيح عدنان الزرفي بكونه مرفوضا من هادي العامري وشلته، على قاعدة عدو عدوي صديقي.
ولكن هل صحيح أنه فعلا وواقعا خارج من خيمة المعسكر الإيؤاني العراقي، وأنه عازم وقادر على تنفيذ وعوده الكبيرة التي وعد بها المنتفضين؟
مقدما، قد يكون صادقا في عزمه على تجريد المليشيات من سلاحها، وعلى سوق المختلسين الكبار إلى ساحة العدالة، ولكنه، في الوقت نفسه، قد يكون حصان طروادة الذي يراديريد الإيرانيون والأمريكان إدخاله إلى معسكر المنتفضين لتخديرهم وإبطال انتفاضتهم، أو تنويمها لأقصى ما يمكن من الزمن، ليريح الإيرانيين ووكلاءهم، والأمريكان وأصدقاءهم، من وجع الراس الذي تسببه الانتفاضة التي لم تقهر. وهنا ما على المنتفضين الآن إلا أن يتنبهوا. فالحذر غلب القدر كما يقولون.
نعم، لقد رفضه بعضهم، وأعلنوا أنهم لا يثقون به وبوعوده، ليس فقط بتدقيق صحيفة أعماله السابقة، بل بمتابعة مسلسل تسلقه سُلمَ المناصب العليا، وسر بقائه في أعلاه بين ذئاب العملية السياسية القائمة أساسا على مبدأ الإحتكار القسري والحصري لعضوية نادي السلطة، وتحريم الوظائف الكبرى، والصغرى في بعض الوزارات والشؤسسات إلا على من يكون أحدهم، أو حاصلا على منهم على الرضا والقبول.
ولمن لا يعرف عدنان الزرفي جيدا نقول له إنه انتمى لحزب الدعوة عام 1983، وهو إبن السابعة عشرة من عمره، وتحت رعاية نوري المالكي في سوريا، وتحت إشرافه وقيادته.
ويوم اندلعت انتفاضة 1991 ضد نظام صدام حسين، وكان سجينا في أبي غريب، هرب من السجن وشارك فيها. وبعد فشلها هرب إلى السعودية، وعاش في مخيم اللاجئين العراقيين في مدينة رفحا عدة شهور، ثم اعتقلته السلطات السعودية بتهمة القتل العمد، ثم أفرجت عنه وأمرت بتسفيره فاختار سوريا، ومنها توجه إلى أمريكا لاجئا.
وبعد الغزو الأمريكي عاد إلى العراق عضوا في مجلس إعادة إعمار العراق الذي أسسه عماد الخرسان، ومترجما، في الوقت نفسه، لدى القوات الأمريكية آنذاك.
وقد نسبه عماد الخرسان مع ثلاثة آخرين نجفيين أعضاء في المجلس للأشراف على إعادة تأهيل المحافظة وتطويرها. وهنا ولد صاحبنا من جديد، ووضع قدمه على أول طريق المجد والقوة والسلطان.
ويروي عنه رفاقه الذين عملوا معه في النجف أنه استغل لغته الإنكليزية ليلتصق بالقادة العسكريين الأمريكيين الذين تقع محافظ النجف ضمن حمايتهم، ليصبح الصديق والمرافق والمترجم الذي يساعدهم في عقد الجلسات الحوارية (المغلقة) مع كبار رجال الدين والعشائريين في النجف وما حولها،. وهذا ما جعل هؤلاء القادة يوصون به خيرا لدى الحاكم الأمريكي بول بريمر الذي كافأه بفرضه، علنا على شاشات التلفزيون، محافظا للنجف في 2004. https://www.facebook.com/dawood.albasri/videos/10156939119167890/
وفي 2005 تظاهر النجفيون ضده واتهموه بالفساد المالي واستغلال الوظيفة وهدر المال العام، ولكن لدى أحد دليل قاطع على ما يقول، فطُرد.
ثم عين نائبا لوزير الداخلية لشؤون الاستخبارات في زمن وزيرها الشهير بوزير الدرل باقر صولاغ.
ولكنه تمكن من العودة إليها محافظا بدعم مباشر وحازم من نوري المالكي، شخصيا، باعتباره عضوا في حزب الدعوة.
وفي إنتخابات مجالس المحافظات في 2013 خسر منصبه لأن المالكي لم ينجده، فقرر الانسحاب من حزب الدعوة، وتأسيس إئتلاف جديد أسماه (الوفاء.)
من هذه المسيرة يتبين بوضوح أن أباطرة أحزاب السلطة الشيعية، سمحوا له بأن يكون محافظا للنجف سنواتٍ ومرات عديدة، وهي التي لها منزلة لديهم كمنزلة الفاتيكان لدى المسيحيين، فهي مربط خيولهم الطائفية والسياسية والاقتصادية.
ثم سمحوا بتعيينه مسؤولا أعلى عن استخبارات وزارة الداخلية المملوكة، كليا، للقتيل قاسم سليماني وأعوانه المقربين، هادي العامري وأبي مهدي المهندس وباقي وكلائه الآخرين.
وإلى هنا والمسألة تبدو وكأن الرئيس برهم صالح وضع يده في يد عدنان الزرفي ورئيسه حيدر العبادي ليدخلوا في حرب تكسير عظام مع رفاقهم في البيت الشيعي، وخوصا نوري المالكي وهادي العامري وقيس الخزعلي، ومع إيران ذاتها، مع سبق الإصرار والترصد.
وهذا ما لا يُعقل ولا يسهُل هضمه في الوضع المحلي العراقي الحالي، وتعقيداته وتداعياته.
فكما زفوا لنا نوري المالكي ثم حيدر العبادي ثم عادل عبد المهدي، فهم اليوم يزفون لنا الزرفي وكأنه طرزان الآتي ليرفع الزير من البير، ولكي يقطع دابر الفساد والفاسدين، ويضرب بيد من حديد على أيدي القتلة الجهلة الذين أغرقوا الوطن ببحار من الدم والدموع.
والذي لا يمكن هضمه في هذا التكليف هو طلب الرئيس برهم صالح من عدنان الزرفي، في لقاء التكليف، أن يلتزم بتنفيذ مطالب المحتجين. دون أن يُشخص تلك المطالب، وهو الذي يعرفها، كلها، وبالتفاصيل.
والشيء الآخر الصعب على البلع هو أن المرشح الجديد، نفسَه، وهو يبشَّر العراقيين بخبر تكليفه، على صفحته الرسمية على موقع تويتر، وعدهم بعراقٍ “خالٍ من الفساد ومن المليشيات”.
فهل يعقل أن يستطيع تجريد المليشيات من سلاحها وهو الخارج من سلة بيض أصحابها الذين يأكلون ويشربون وينهبون ويقتلون ويختطفون بها، ويهشون على أغنامهم بسلاحها وأموالها الطائلة؟
ثم كيف يَعد مواطنيه بالقضاء على الفساد، وهو إبن البيئة الفاسدة التي ولدته وأحتضنته، وسهرت على رعايته حتى اشتد عوده، وأصبح، بكرمها وبركاتها، القائد الضرورة الجديد؟؟
يقولون إن الجمل صعد النحلة. جميل. هذا هو الجمل وهذه هي النخلة. والبينة على من أدعى واليمين على من أنكر. وانتظروا إننا معكم لمنتظرون!!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب