23 ديسمبر، 2024 3:54 ص

عدنان الحمداني.. مدلل أبيه.. ومعذب الشيوعيين.. ومفتت المقاومة الفلسطينية

عدنان الحمداني.. مدلل أبيه.. ومعذب الشيوعيين.. ومفتت المقاومة الفلسطينية

ـ مدلل أبيه.. ثم مدلل صدام.. كان صدام في كثير من الأحيان يتصل به هاتفياٌ عارضاٌ عليه مشكلة ما.. فيقدم عدنان الرأي والحل.. ويخاطبه من خلال مكالمته الهاتفية بعبارة أستاذ.. حسب وصف القيادي ألبعثي السابق الدكتور فخري قدوري.

ـ أكبر الخطايا التي تسجل على عدنان هو العمل في لجان التحقيق مع الشيوعيين واليساريين بعد انقلاب 8 شباط 1963.. ومشاركته في تفتيت المقاومة الفلسطينية خلال مجازر أيلول 1970.

نبذة عن السيرة والتكوين:

ـ ولد عدنان حسين عباس الحمداني في منطقة كرادة الشرقية.. منطقة ارخيته..  ببغداد العام 1940.. وهو اصغر إخوته الأربعة.. فشل في الدراسة في كلية بغداد.. وهي مدرسة ثانوية من المدارس المتميزة وفق النظام التعليمي الأميركي.

ـ انتقل الى المدارس العراقية الرسمية.. ثم أكمل كلية الحقوق.

ـ متزوج وله عدد من الأبناء.. زوجته كانت مقربة الى ساجدة زوجة صدام.. وإثناء المحاولة المزعومة وإعدامه كانتا في باريس تتبضعان.

ـ ولده خالد كان مقيم في أمريكا مع عائلته منذ التسعينات.. أما ابنه أياد.. فكان يقيم في بغداد.. كذلك ابنته الصغرى كانت تقييم في بغداد مع زوجها.

عدنان.. والبعث:

ـ انظم عدنان الى حزب البعث العام 1959.. وبعد دخوله لكلية الحقوق اتصل بعدد من المعجبين بجمال عبد الناصر الناصريين..  فتم فصله من الحزب العام 1961 لخروجه على تعاليم ميشيل عفلق.

ـ لم تمض سوى تسعة أشهر حتى حدث انقلاب عبد السلام عارف على حزب البعث.. وفصل عدنان من وظيفته.. وانقطع عن الحزب.

عدنان.. وانقلاب 8 شباط العام 1963:

ـ أعيد الى التنظيم في الأيام الأولى من انقلاب ٨ شباط العام 1963.

ـ عين عدنان عضواً في هيئة التحقيق الخاصة بالتحقيق مع المعتقلين.. حيث تم تأسيس موقع تحقيقي في بناية في البتاويين تحت اسم (اللجنة التحقيقية مع المثقفين).

ـ تم إناطة رئاستها بعدنان الحمداني.. وكان من نزلاء ذلك الموقع نخبة من خيرة المثقفين اليساريين العراقيين.. وحسب نتائج التحقيق يتم إحالة بعضهم إلى مركز ناظم كزار الذي حول محكمة الشعب قرب وزارة الدفاع إلى مركز تحقيق وتعذيب.

ـ بعد خمسة اشهر.. نقل عدنان الى وظيفة مدير ناحية سلمان باك (المدائن) حالياً.

ـ لم تمر ثلاثة أشهر على تعينه.. حتى استطاع عبد السلام محمد عارف في 18 تشرين الثاني 1963 حل الحرس القومي.. والسيطرة على السلطة بشكل تام.. وطرد الحمداني من الوظيفة.

ـ من جهته فأن عدنان ترك البعث بمحض اختياره.

عدنان.. وانقلاب 17 تموز 1968:

ـ بعد انقلاب 17 ـ 30 تموز 1968 أعيد الحمداني الى الحزب كبقية البعثيين التاركين الحزب.

ـ ويقال انه أعيد للحزب.. بجهود شقيق زوجته الموصلية الذي كان عضواً في المكتب العسكري للحزب.

ـ وفي هذا الصدد يتحدث القيادي ألبعثي اللبناني جهاد كرم في كتابه: (بعثيون من العراق كما عرفتهم) حيث يقول: “تأخر عدنان حسين قياساً على موقف رفاقه بالعودة الى الحزب.. الذي سعت اللجنة المكلفة من قبل القيادة القومية لإعادة تشكيله.. صرف معه بعض الجهد كي ينظم الى الحزب من جديد.. وتوطدت العلاقة مع صدام منذ ذلك الوقت”.

ـ وكامتحان ومقدمة لتصعيده أرسل عدنان الحمداني عضواً في القيادة القطرية المؤقتة التي شكلت في الأردن داخل معسكرات الجيش العراقي المرابط هناك.. التي تكونت من منيف الرزاز.. وطالب صويلح.. ورافع الهاشمي.. ومحمد فاضل.. وعلي عليان.. وطه محمود السامرائي.. إضافة الى عدنان الحمداني.. والجدير بالذكر إن هذه القيادة أعدمت جميعها من قبل صدام في أوقات مختلفة.

ـ وعن دور هذه القيادة كان العمل على تفتيت المقاومة الفلسطينية المتمثلة بمنظمة فتح.. وخلق منظمة فلسطينية بتوجهات بعثية.. وتصفية القيادات الفلسطينية .

ـ نجحت هذه القيادة بمهماتها بعد مجزرة أيلول العام 1970 ضد المقاومة الفلسطينية.. في الأردن.. في تفتيت المقاومة الفلسطينية المتمثلة بمنظمة فتح.. وخلق منظمة فلسطينية بتوجهات بعثية باسم (جبهة التحرير العربية).. وتصفية القيادات الفلسطينية.

ـ يقول حسن العلوي: “بحكم علاقة القرابة بيني وبين عدنان.. حيث إن (والدي خاله).. ولكوني مسؤولاً عن توريطه بالعمل الحزبي.. كنتُ ألاحظ عدنان إثناء إجازة قصيرة يقضيها مع عائلته قادماً من الأردن.. وهو شديد التوتر.. مرهقاً تقرأ في أعماقه شعورا بالعذاب.. وكلما سألتهُ عن مهمته قال: (نحن في المستنقع الأردني).

ـ لم يقف البعث عند حدود تفتيت المقاومة الفلسطينية.. بل قام بمحاولة اغتيال ياسر عرفات (رئيس منظمة التحرير الفلسطينية).. ففي طريقه مدعواً من مقره في جرش الى بغداد خرجت إليه شاحنة عسكرية عراقية في الوقت الذي مرت سيارته من أمام معسكر في بغداد.. وقد أصيب عرفات بكسر في ذراعه.. وبقيً حطام السيارة.. وهي من طراز بونتياك أميركي موديل 1969 بيضاء اللون ماثلاً أمام المسافرين بين بغداد والأردن.

ـ المضحك إن ياسر عرفات حضر مجلس عزاء أقيم في مدينة سامراء.. بمناسبة وفاة والد الوزير عبد الله سلوم السامرائي.. وكانت يد عرفات معلقة بضمادة إلى صدره.. فسأله حسن العلوي عن يده.. فأجاب بذكائه المعهود.. وقدرته عن الخروج من مأزق كهذا: لا شيء.. لقد تعرضت لهجوم إسرائيلي.. وأنا في عملية فدائية.

ـ كما إن البعث صفى نخبة من قادة منظمة فتح منهم: سعيد حمامي في لندن.. وعز الدين خلف في باريس.. وعلي ياسين في الكويت وآخرين.. ونجح البعث في ترحيل المقاومة الفلسطينية من الأردن في أعقاب مجازر أيلول العام 1970.. ويعتقد إن ذلك كان ثمرة اتفاق سابق بين نظام البعث في العراق والملك حسين.. فكان بداية العلاقة الخاصة بين الملك حسين والنظام العراقي.

مناصبه:

ـ بعد عودته الى العراق من الأردن نهاية 1970.. صار عدنان من المقربين الى صدام حسين.. وانتقل بسرعة من موقع حزبي ورسمي.. الى أخر حتى وصل الى عضو قيادة قطرية.. ووزيراً للتخطيط.. والمسؤول الأول عن تسويق النفط العراقي.

ـ أصبح عدنان الرجل الثاني بعد صدام في مجلس التخطيط .. ويعد أهم عضو في مجلس قيادة الثورة بعد صدام.

ـ وقد اثبتً جدارة في كل المسؤوليات التي أناطها صدام إليه.. كذلك من خلال تعاطيه مباشرة مع الشركات الراغبة في الحصول على مشاريع في العراق مثل: (منديس جونيور) و(بتروبرايز) و(انجازا) في البرازيل و(شل) و(بوي) في فرنسا.. وعشرات الشركات الكبيرة الأخرى.

ـ كان همً عدنان الوحيد رضا صدام عنه.. ولا شيء آخر سيكون مهماً في حياته.. كما غدا نشاطه وسهره المتواصل وتنفيذ طلبات صدام هو الحصول على تقدير الأخير له.

عدنان.. العقل الاقتصادي للحزب:

ـ خلال زيارة صدام والوفد المرافق له فرنسا في كانون الأول العام 1975 وصف صدام عدنان الحمداني وهو يقدمه الى جاك شيراك رئيس الوزراء آنذاك.. بقوله: “هذا هو عقل الحزب الاقتصادي.. واليد النزيهة التي تتحكم بوزارة النفط”.

ـ فعلاً كان عدنان بحكم منصبه هو الذي يمنح القروض للدولة.. ويوقع على صفقات النفط الكبرى.. وتحت يده مخصصات مناهج الاستثمار.. والتحكم بواردات النفط.

ـ كان عدنان الحمداني واحداً من ثلاثة لهم حق سحب مبالغ طائلة من الرصيد السري.. الذي أودعه صدام في أحد بنوك سويسرا.. والذي يقوم على اقتطاع 5) %) من عائدات النفط العراقي اعتباراً من أواسط السبعينيات.. أما العضوان الآخران فهما عدنان خير الله.. وعندما صاهر حسين كامل منحه حق سحب وإيداع المبالغ من الرصيد نفسه.

ـ كل هذه الامتيازات لعدنان الحمداني أثارت حفيظة رفاقه في قيادة الحزب والدولة.. وكانوا يسمونه: (مدلل صدام).

ـ في 20 تموز 1979 عين عدنان رئيسا لديوان رئاسة الجمهورية.. ونائباً رئيس وزراء.

حقيقة استقال البكر:

ـ ينقل عن مرافق البكر المقدم إبراهيم ألدليمي (اغتيل فيما بعد): أنّ البكر.. غضب من اعتراضات نائبه (صدام حسين).. على إصدار قانون زيادة الرواتب.

ـ وذهب إلى منـزله مساء التاسع من تموز (يوليو) 1979.. معتزلاً مكتبه في القصر الجمهوري موصياً حراسه ومرافقيه بعدم السماح لأحد بزيارته.. وامتنع عن التحدث عبر الهاتف مع النداءات التي كانت تصل إليه.

ـ شعر صدام أنّ اعتزال البكر المفاجئ يوحي إليه بأنه لا يريده إلى جانبه.. بل فهم الأمر بأنه رسالة تدعوه للاستقالة والابتعاد عن مناصبه كرجلٍ ثانٍ في الدولة والحزب.. وهو أمر من رابع المستحيلات يقدم عليه صدام!

ـ استغل صدام غياب البكر عن القصر الجمهوري.. فاستدعى صباح العاشر من تموز (يوليو) 1979 الأمين العام المساعد منيف الرزاز وأبلغه: أنّ الرئيس البكر (زعلان) في منزله وأنّ المعلومات التي تسرّبت من أوساطه والحلقات المحيطة به.. تُفيد بأنه قرر الاستقالة.. وينتظر حلول ذكرى الثورة لإعلان ذلك.. وأنه (أي صدام) لا يستطيع ملء الفراغ الذي ستخلفه تلك الاستقالة في حال انتخابه رئيساً للجمهورية وزعيماً للحزب.. لذلك فقد اتخذ قراره هو الآخر بالاستقالة أيضاً وعلى قيادة الحزب أن تختار من تراه مناسباً للمنصبين.

ـ صَدقً الرزاز كلام صدام.. وأجرى اجتماعات مع القيادة.. لكنه فشل  في الوصول الى حل.. حيث انقسم أعضاء القيادة إلى فريقين.. الأول: برز فيه محمد عايش ويطالب بعقد اجتماع لمجلس قيادة الثورة والقيادة القطرية للحزب.. يحضره البكر وصدام وجميع الأعضاء وتُناقش المشكلة من جميع جوانبها.. بغية الوصول إلى حل لها.

ـ فيما طالب الفريق الثاني.. وفي مقدمتهم طه ياسين رمضان.. وعزة الدوري بأنه مادام الرئيس مصراً على الاستقالة فيجب العمل على إقناع نائبه صدام حسين.. بتولي الرئاسة مؤقتاً لحين الانتهاء من الاحتفالات بذكرى الثورة والدعوة إلى عقد مؤتمر قطري باعتباره أعلى هيئة في العراق لحسم هذه المشكلة.

ـ أدرك  صدام  الرأي الأول: (محمد عايش.. ومحيي ألشمري.. وغانم عبد الجليل).. الغرض الذي يضمرونه في أنفسهم.. وارتاح لطروحات الفريق الثاني.. التي جاءت منسجمة مع رغبته.

ـ طلب الرزاز عقد مؤتمر قطري خلال يومين لحسم الأمر.. لكن  صدام لم يُجب بلا أو نعم على مقترح الرزاز.. وانفضَّ الاجتماع دون اتخاذ قرار محدد.. غير أنّ الذي حدث أنّ حراساً ومرافقين لصدام.. منعوا محمد عايش.. ومحيي الدين ألشمري.. من مغادرة مبنى المجلس الوطني.. واقتيدا إلى قاعة جانبية.. وتدخل غانم عبد الجليل مستفهماً عن هذا الإجراء.. فدفعه الحراس إلى القاعة نفسها.

ـ حاول الرزاز العودة إلى مكتب صدام لمقابلته والشكوى إليه.. فمُنِعَ بشدة.. وطُلبَ منه التوجه إلى منـزله وعدم مغادرته.. وترك المكان وخرج الأعضاء الآخرون على أثره.

ـ باستثناء عدنان الحمداني.. وطارق عزيز.. وعزة الدوري.. وطه ياسين رمضان.. الذين استُبْقوا في المجلس.. وعقدوا اجتماعاً مع صدام وضعت فيه خطة عزل البكر والإجراءات المتخذة بهذا الشأن.

ـ كانت حجة صدام في اعتقال عايش.. وألشمري أنهما تبادلا خلال الاجتماع قصاصات ورقية صغيرة.. تضمنت تبادلاً للآراء وتنسيقاً فيما بينهما.. بشأن إعاقة وصول (السيد النائب) إلى سدة الحكم والسلطة.

ـ فيما اجبر البكر على الاستقالة.. واقتيد إلى المجلس الوطني.. ومن ثم اصطحبه صدام إلى دار الإذاعة والتلفزيون في منطقة الصالحية.. وألقى خطاب التنحي.

صدام: عدنان ليس صديقي

ـ قلل صدام حسين من مستوى العلاقة التي تربطه بعدنان الحمداني خلال إجابته على أسئلة المحقق الأمريكي جورج بيرو معه بعد اعتقاله العام 2003 “إن عدنان حسين ليس صديقي.. بل سعدون شاكر هو صديقي المقرب”.. ولأول مرة يقدم صدام توصيفاً صريحاً لمستوى العلاقة التي تربطه بقياديين بعثيين عملوا بمعيته.

زيارة عدنان الى سورية:

ـ في 20 تموز 1979 زار عدنان دمشق مبعوثاً عن الرئيس الجديد (صدام).. بعد تنحية (البكر) ليبلغ الأسد بان مؤامرة ضد الرئيس الجديد اكتشفت وقد اعتقل المتورطون بها.

ـ وعن لقاء عدنان الحمداني بالرئيس حافظ أسد ذكر مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري في مذكرات: “وبعد أن استمع الى مضمون رسالة صدام إليه التي نقلها الحمداني.. سأل الأخير: هل أنت مقتنع بأننا في دمشق شاركنا في المؤامرة المزعومة ؟

ـ رد الحمداني : لا ادري.. أنا حاملاً رسالة.. وعليً توصيلها.. فصمت الرئيس الأسد قليلا.. ثم قال: إنني أخشى عليك يا رفيق عدنان.. ابق بضعة أيام في دمشق.. وسترى العجب في العراق.. ضحك الحمداني ساخراً من كلام الرئيس الأسد.. قائلاً: “إن مهمات كثيرة تنتظرني في بغداد.. أنا عائد اليوم لان وظيفتي الحقيقية يا سيادة الرئيس هي رئيس وزراء”.

اعتقاله وإعدامه:

ـ اعتقل عدنان بعد عودته من دمشق في 22 تموز (يوليو) 1979.. بعد أن أوفده صدام إلى القيادة السورية لوضعها في صورة الأحداث الأخيرة.

ـ يصف تايه عبد الكريم العضو القيادي في البعث ما دار بعد إحضار عدنان الحمداني الى اجتماع القيادة حيث يقول: “حضر عدنان الحمداني وأحد أعضاء القيادة الآخرين واستدعاهم صدام.. وقال: يا رجال سترون المتآمرين.. وقال: صيحوا المتآمرين.. وقال: هؤلاء المتآمرون.. والله سأجعل من رؤوسكم (نافضات)السكائر.. ولم يتحدثوا ويردون عليه.. وكان عليهم علامات الإرهاق والتعب.. وقد يكون مارس فيهم بعض أنواع التعذيب النفسي أو الجسدي”.

ـ يقول صباح سلمان / السكرتير الصحفي لصدام حسين.. في كتابه: (صدام حسين قائد وتاريخ): ” تبين إن سبب اعتقال عدنان الحمداني.. ومن ثم إعدامه.. انه كان الوحيد الذي يعرف تفاصيل أرصدة صدام وحساباته في المصارف الأجنبية.. باعتباره المسؤول عن الاتفاقات التجارية وصفقات النفط”.

ـ يقول القيادي في البعث وسفير العراق في الهند جهاد كرم: “لا أكاد اصدق.. وبرغم كل هذه السنين.. ما زلتُ اشعر بالألم كلما فكرت في هذا الأم.. خصوصا انه لا يقين عندي.. لأعرف الحيثيات كي ارتاح.. فقد ذهب الاثنان ـ أي عدنان وغانم ـ وأخذا سرهما معهما.. وظلت حقيقة ما جرى محصورة بصدام واللجان التحقيقية في المخابرات.. هرعت الى بغداد حال سماعي الخبر.. وبالرغم من فظاعة الأمر وعدم تصديقه سمعتُ أسبابا من الممكن أن تنسجم مع المنطق وهي:

1ـ تغليب الرأي السياسي على الموقع الاقتصادي.. وقناعة (عدنان) بأهمية استمرار (البكر) لفترة أطول في القيادة.

2ـ إيمانه بأهمية الوحدة بين العراق وسوريا.. ولو أدى ذلك الى التخلص من صدام الذي تبين انه معارض لهذه الوحدة.

3ـ إدراكه بأن (صدام) ماض بحرب مع إيران التي ستؤدي بالعراق الى المخاطر والاستنزاف”.

ـ الحقيقة: (إني د. هادي حسن عليوي.. كاتب هذه الدراسة وكباحث ومؤرخ) أجد: إن مثل هذه الأسباب التي أوردها جهاد كرم: لا تقنع أي شخص.. فالحمداني.. كما أوضحنا هو الذي سلمً حافظ أسد رسالة صدام التي تكشف فيها المؤامرة.. ورفض الحمداني البقاء في دمشق بناء على طلب الأسد.. ورد عليه: بأنه (ينتظرني منصب رئيس الوزراء).

جريمته:

ـ نفذ بعدنان الإعدام رميا بالرصاص.. بعد أن كسروا عموده الفقري.. وأعلن في قرار التجريم إن عدنان الحمداني كان يستلم راتباً شهرياً من حافظ أسد مقداره 200 دينار.

ـ وعدنان الحمداني كما يعرف العراقيون هو الذي يمنح القروض للدولة.. ويوقع على صفقات النفط الكبرى.. وتحت تصرفه مخصصات مناهج الاستثمار.

جثته:

ـ سلمت جثة عدنان الى أسرته بلا عيون.. مع الأمر بعدم إقامة فاتحة على روحه.. ومنذ لحطة تسلم جثته انقطعت والدته فقد عن الطعام والشراب.. حتى ماتت في فراشها.. ومات والده بعد حين.

ـ يقول جهاد كرم: لا أكاد اصدق.. وبرغم كل هذه السنين.. مازلت اشعر بالألم.. كلما فكرتُ في هذا الأمر.. خصوصا انه لا يقين عندي.. ولا اعرف الحيثيات كي ارتاح.. فقد ذهب الاثنان (أي عدنان الحمداني وغانم عبد الجليل).. وأخذا معهما سرهما.. وظلت حقيقة ما جرى محصورة بصدام واللجان التحقيقية في المخابرات العراقية.. لأنه خان وظيفته.

حسن العلوي.. وإعدام عدنان الحمداني:

ـ يدعي حسن العلوي إن عدنان الحمداني ابن خاله.. لكن ما أن أعدم صدام عدنان الحمداني في 22 تموز 1979.. كان حسن العلوي في لندن فأرسل ـ حسن – إلى صدام حسين من لندن برقيته المشهورة التي قال فيها: “انتصاركم على المؤامرة الخيانية الغادرة للأمة العربية وقضاياها ومستقبلها المشرق .. الخ”.. (مجلة ألف باء، العدد 567، 8 آب 1979).

ـ عاد العلوي من لندن ليطلق زوجته التي هي شقيقة عدنان الحمداني تقرباً من صدام.

ـ إلا أن صدام انزعج من ذلك.. واعتبر طلاق العلوي نوعا من الاحتيال أو لنقل الضحك على الذقون.. فأمر بإقالته من رئاسة تحرير مجلة “ألف باء” واعتقاله.

ـ بعد فترة قصيرة كتب العلوي رسالة الى صدام يستعطفه فيها ويرجوه إطلاق سراحه.. فأمر صدام بإطلاق سراحه.. وقابله.. ومنحه مبلغا مالياً.. كما وافق على طلبه بمنحه جواز سفر.. والسماح له ببيع بيته.. وتحويل ثمنه الى الخارج.