23 ديسمبر، 2024 2:46 ص

عدنان الباجة جي لا تيأسوا !

عدنان الباجة جي لا تيأسوا !

لا تيأسوا ، كلمة اعادت لنا شيء من الثقة التي فقدناها منذ زمن بعيد ، ولا أقصد بها ثقتنا بحكامنا ، فقد فقدناها منذ زمن بعيد ، انما ثقتنا بأنفسنا ، ونحن نعيش أسوأ حالات اليأس والأنكفاء ، بعد ما أل اليه البلد من تمزق ، وتقطّع للأوصال ، وانهيار أقتصادي ، وفساد ، وبطالة ، وضعف للسلطة ، ومخاطر تتربص بنا من كل صوب ، وهزيمة ، ولاجئين ، وكل أفات الزمن .
كلمة قالها السياسي العراقي المتمرس والعملاق والمخضرم والحصيف والمفكر ، متعدد المواهب واللغات والثقافات ، الشريف والنزيه والثقيل وزنا وأخلاقا ، السيد عدنان الباجةجي ، على قناة البغدادية ، جعلتنا نستعيد الأعتزاز بالنفس ، فصرنا نفتش عنها ، لننفض عنها الغبار ، فلا يوجد وجه مقارنة بين هذا الرجل ، مع من بيده دفة البلد وهذا من سوء حظنا للأسف الشديد ، وكأن لا مكان للنظيف ، أمثال عدنان الباجةجي فيها ، فأقصي الرجل بحجة الأنتخابات المهزلة ، وحُرمنا من عطاءه وخبرته العريضة .
نعم ، نزلت عبارته (لا تيأسوا) كالماء البارد على قلوبنا المحترقة النازفة المكلومة اسىً على بلدنا ونحن نراه يتأكل ، ويتقاذفه اللصوص وما جاؤوا بها من محاصصة وأحزاب وكتل وتيارات ، أخر ما يهمها صون الوطن وبناءه .
رجل لم ينزل الى عبارات مبتذلة ، حافظ على توازنه وتواضعه ، ابتعد عن التسقيط ، وكان احترافه في تعاطي السياسة الرصينة والصادقة والواقعية ، سيد الموقف طيلة فترة اللقاء ، وهذه نادرا ما نشهده عند استضافة سياسيون أخرون ، وضع اصبعه على الجرح مباشرة  ، دون لف أو دوران أو مخاتلة ، أو اتهامات مبطنة ، وبكلمات قليلة صادقة ، وبعينين منكسرتين هيبة وتواضعا ، أعاد لنا شيء من ثقة النفس ، وصرنا نشعر بشيء جديد لم نألفه ، انه التفاؤل .
رجل محترم ، فهم بعمق  أن اصول اللعبة في البلد غير شريفة ولا نزيهة وليست على مقاساته ، فما كان من أدبه وتواضعه الجم ، الا أن ينزوي بعيدا وبهدوء للأسف الشديد ، عرف الرجل ، أن حكومة كهذه ، تضيق به وهو العملاق فكيف يتألف مع الأقزام ، فخسرنا أنموذجا نادرا  ، نحن أحوج ما نكون اليه ، لتتلاقفه بلاد أخرى متقدمة ، فهنيئا لها لأنها عرفت قدره حق المعرفة ، هكذا فقدنا البلسم ، فتتقيّح جراحنا دون أن تأبه حكومتنا الى تضميدها ، لأنهم غرباء ، بينما لمسنا من السيد عدنان الباجةجي ، لهجة صادقة حنونة ، يغلفها حرص الأب والأخ الذي يهتم لأمر عائلته ، ويؤلمه ما يؤلمها .
فشكرا لأطلالتك البهية على قناة البغدادية سيدي ، وأطال الله في عمرك ، وأبقاك مفخرة لنا ، ولا حرمنا من عطائك ومشورتك ، نسأل الله ، أن ينبري من مدرستكم ، من يقوم الأعوجاج ، أنه سميع الدعاء