22 نوفمبر، 2024 9:27 م
Search
Close this search box.

عدم مبالاة المسؤولين أوصلت البلد الى هذا الحال

عدم مبالاة المسؤولين أوصلت البلد الى هذا الحال

العجيب والغريب أن رجال الساسة العراقيين الجدد والمسؤولين على اختلاف مواقعهم لم يضعوا في حسبانهم انتفاضة الشعب التي قد تطيح بعروشهم وبأحلامهم الوردية . والطامة الكبرى أنهم يعرفون جيدا أن الدستور العراقي الذي تمت كتابته بأيديهم يسمح بالتظاهرات السلمية ويكفلها ولا يضع العراقيل أمام صوت الشعب . ولكنهم لم يتصورا أن صوت الشعب يمكن أن يتحول الى قنبلة ذرية هائلة تبيد وجودهم وتقلعهم من جذورهم . وهذا الأمر دليل واضح على عدم مبالاتهم بالوضع المتدني الذي يتجه من سيء الى أسوء وعدم اكتراثهم بغضب ونقمة العراقيين . على امتداد السنوات المتعاقبة منذ عام 2003 ولغاية الأول من تشرين الأول من عام 2019 أي بحدود ستة عشر عاما لم يجد العراقيون آفاق مشرقة لاستيعاب أحلامهم وطموحاتهم ، بل أن عناترة السياسة الفاشلة والذئاب المنتشرة في المنطقة الخضراء وضعوا لأنفسهم امتيازات كبيرة جدا على حساب حقوق الشعب العراقي ، وبهذه الامتيازات صنعوا حاجزا عاليا متينا بينهم وبين أبناء الشعب ظنا منهم أن هذا الحاجز سيحميهم ويضمن لهم البقاء الدائم ، وهذا خلاف المنطق وخلاف معادلات العقل والحكمة . كان الأجدر بهم أن ينظروا الى الشعب بعين المسؤولية وأن يضعوا في حساباتهم أن لكل فعل رد فعل معاكس ، وأن رد فعل المظلوم المستضعف ( ان أتيحت له الفرصة ) يكون أقوى بأضعاف مضاعفة من تجاهلهم لحقوقه المنهوبة ولكرامته المهدورة . ان المسؤولية واجب وطني وأخلاقي وديني وليست متعة يتمتع بها الذين يسعون اليها سعي الوحوش الكاسرة في عالم الغاب . والذي يقبل بالمسؤولية عليه أن يصون الأمانة ويحافظ على نزاهة التصرف ، لا أن يجعلها فرصة سانحة لتحقيق مصالحه الشخصية ومصالح من يحيطون به من المتملقين والمنافقين وأصحاب الوجوه الملونة . ربما بعض المسؤولين الكبار يحملون في دواخلهم نوايا طيبة تجاه الشعب والمواطنين ، ولكن المحيطين بهم من مستشارين وغيرهم ( وهم في الغاب جهلاء وغير أكفاء ) يسحبون البوصلة الى اتجاه آخر بعيدا عن نوايا المسؤول الشريف وعن مساره الوطني . والدليل على هذا الأمر أن حلقات التواصل بين المواطنين والمسؤول تكاد أن تكون مفقودة لأن المكلفين بإيصال الشكاوى وهموم المواطنين الى المسؤول يحاولون تجاهلها أو اخفاءها بشتى الطرق . حين نطلع على صفحات كبار المسؤولين وصغارهم نجدها مليئة بأرقام الهواتف والبريد الالكتروني وما شابه ، ولكنها يبدو مجرد وهم في وهم من دون اية استجابة لأية شكوى تصلهم . وهذا الأمر يجعل الفجوة بين المسؤولين والمواطنين تتسع وتكبر كثيرا . وحين تتسع الفجوة تتزعزع ثقة المواطن بالمسؤول ، ويصبح جاهزا للغضب والنقمة وتفريغ كل معاناته من دون وعي . خلاصة القول أن الوضع العراقي الحالي الساخن وما وصل اليه البلد نتيجة حتمية لعدم مبالاة المسؤولين بهموم الشعب العراقي وانشغالهم بشؤونهم الشخصية ومصالحهم النفعية ، وأن الأزمة الحالية وما سيحدث لاحقا يتحمل نتائجها وعواقبها جميع المسؤولين دون استثناء .

أحدث المقالات