8 أبريل، 2024 7:33 ص
Search
Close this search box.

عدالة التأمينات الاجتماعية

Facebook
Twitter
LinkedIn

بتاريخ 7 نيسان 2017 نشر موقع ( كتابات ) مقالتنا بعنوان ( شمول جميع العاملين بالحقوق التقاعدية إسوة بالموظفين ) ، وكان الهدف من إعدادها ونشرها هو دفع الأجهزة المعنية في الدولة لإيجاد إحدى المعالجات للبطالة المستشرية حاليا والتي يتوقع لها المزيد من الانتشار ما لم توضع آليات لولوج العاطلين للعمل في القطاعات غير الحكومية ، ومن خلال إيجاد ضمانات للعاملين وغوائلهم تحت مسمى التأمينات الاجتماعية على وفق آليات وسياقات توضع بهذا الخصوص تقلل من التعويل على الوظيفة العامة ، ولم يكن الهدف هو دمج قانون الضمان الاجتماعي بقانون التقاعد الموحد رقم 9 لسنة 2014 كما إن الموضوع المطروح لم ليست له علاقة بحديث السيد رئيس مجلس الوزراء ( أمس الثلاثاء ) خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي بعد انتهاء جلسة المجلس ، فما تحدث عنه يتلخص في نقطتين الأولى منع الإثراء غير المشروع من خلال استلام البغض لراتبين أو أكثر من الدولة ، والنقطة الثانية هي إعادة توزيع الثروة على عموم العاملين ، وقد وصف الأصوات الرافضة للقانون على إنها منتفعة وتريد المحافظة على امتيازاتها ولا تقبل التنازل عن جزء من مدخولاتهم لصالح غيرهم من المواطنين في وقت يواجه البلد أزمات اقتصادية يجب أن تواجه بحلول ، ولسنا هنا بمعرض الرد على ما تفضل به دولة رئيس مجلس الوزراء ولكن ازدواجية وثلاثية ورباعية الرواتب أما منصوص عليها بقوانين أو إنها حالات فساد يجب التصدي لها بالقانون ، والمكتسبات التي حصل عليها الموظفون والمتقاعدون ليست منة أو صدقة أو مكرمات وإنما هي استحقاقات بسبب سنوات الخدمة أو الشهادة أو الخبرة أو التخصص وقد منحت بتشريعات اغلبها بعد 2003 وليست من ( فضلات ) النظام البائد ، وهناك مسالة مهمة وهي إن أي تشريع جديد يخص معيشة الجمهور يتوجب أما المحافظة على الوضع السابق أو إضافة المزيد ، أما أن يتم الاستقطاع بنسب تؤثر على توفير متطلبات المعيشة ويقلل دوافع الأفراد فانه يخل بمبدأ عدالة التشريع ، واغلب ردود الأفعال التي ظهرت عند انتشار خبر قانون التأمينات الاجتماعية ليست رافضة أو معادية وإنما هي مطالبة بعدم المساس بالحقوق التي كفلتها التشريعات للمحالين على التقاعد أو الذين سيحالون بعد النفاذ ، والمسالة الجديرة بالاهتمام إن المدة الزمنية من سحب مشروع تعديل فانون التقاعد العام من مجلس النواب وإعادة مناقشته في مجلس الوزراء لا تتجاوز 2- 3 شهور ولا نعلم كيف تم انجاز قانون غاية في الأهمية ويهم اغلب العراقيين ، ولأنه قانون بهذا المستوى من الأهمية نتمنى أن تتحمل سعة صدر الدكتور العبادي لغرض إثراء القانون بالمناقشة وقد عرفنا عنه الانفتاح لمناقشة كل تفاصيل معيشة وكرامة العراقيين ، وللعلاقة الوثيقة بين مقالتنا ومشروع قانون التأمينات الاجتماعية نعيد عرض مقالتنا في أدناه كما نشرت في 7 نيسان الماضي :
(( كشفت اللجنة المالية النيابية ( الأربعاء ) عن قيام السيد حيدر العبادي رئيس مجلس الوزراء بسحب مشروع قانون التقاعد العام وتحويله لمجلس شورى الدولة بهدف شمول العاملين في القطاع الخاص ، فيما لفتت إلى تغيير أسم الملف المذكور ليتحول إلى قانون التأمينات الاجتماعية ، وقال عضو اللجنة حسام العقابي في تصريح لوكالات الإنباء ( إن رئاسة الوزراء قامت بسحب قانون التقاعد الموحد وتحويله لمجلس شورى الدولة بهدف تبديل أسمهِ إلى قانون التأمينات الاجتماعية وشمول جميع العاملين بالقطاع الخاص لغرض احتسابهم متقاعدين ضمن الملاك الوظيفي للبلد ، وأضاف أن آلية شمول العاملين في القطاع الخاص تتم من خلال تنسيقهم مع دائرة الضمان الاجتماعي لدفع التوقيفات المالية لهم بهدف احتسابها خدمة وظيفية لهم تمهيدا لشمولهم في القانون المذكور ) ، ومن الجدير بالذكر إن اللجان المختصة بمجلس النواب قد باشرت بدراسة ومناقشة التعديلات على فانون التقاعد الموحد لمعالجة بعض الثغرات ومنها إعادة النظر بتحديد السن القانونية والحد الأدنى من العمر لاستحقاق الراتب التقاعدي ، وتقليل التباين في الرواتب التقاعدية وإعطاء المرونة لصندوق التقاعد في الانتقال إلى التمويل الذاتي لتخفيف الأعباء على الموازنات الاتحادية فيما يتعلق بدفع استحقاق الموظفين من المكافآت والرواتب التقاعدية نظرا لمرور البلد بارمات مالية .
ومن التوقع أن تتضمن التعديلات الجديدة لقانون التأمينات الاجتماعية ضمان الحقوق التقاعدية للعاملين ( المكافآت أو الرواتب وحسب الاستحقاق ) في القطاعات الاقتصادية المختلفة لتامين دخول معقولة لهم أو لخلفهم بعد الإحالة على التقاعد أو الوفاة ، وهي المرة الأولى في العراق التي تدخل فيه مثل هذه التغييرات لغرض إضفاء بعض الامتيازات على الوظائف والأعمال غير الحكومية بهدف تقليل الزخم على الوظيفة العامة وولوج القطاعات غير الحكومية للعمل بها بشكل مستمر وليس انتظار فرصة للتعيين لغرض الانتقال للوظيفة العامة ، وتتركز فكرة التأمينات الاجتماعية على وجود صندوق يتأسس لهذا الغرض أشبه بصندوق التقاعد ، وتتكون إيرادات الصندوق من اشتراكات الأعضاء والإيرادات التي يحققها الصندوق من الاستثمارات والجوانب التشغيلية ، فضلا عن مساهمات الحكومة الاتحادية والجهات الراعية والداعمة والهبات والتبرعات ، وهو صندوق يدار من مجلس يضم مجموعة من أصحاب الخبرة والاختصاص في القضايا الاقتصادية والمالية والاجتماعية والقانونية ، ويراعى اختيار الإدارة الكفوءة للصندوق في مجال الاستثمار والتشغيل وتلبية استحقاقات المشتركين فيه من الحقوق التقاعدية ، كما يراعى التزام الصندوق بالمعايير العالمية في مجال الجودة والشفافية والابتعاد عن غسيل الأموال والمخاطرات وكل ما يتعارض مع التشريعات النافذة ، باعتبار إن أموال الصندوق من جهود واستقطاعات المشتركين وليس من المال العام .
ويحق لجميع الإفراد العاملين في القطاع الحكومي والمختلط والخاص الاشتراك في الصندوق مادامت أعمالهم تدخل ضمن المشروعية والقبول والاستمرار النسبي ، ويتوجب على المشتركين دفع حصصهم من التوقيفات التقاعدية للمساهمة في الصندوق على وفق الجداول التي يحددها القانون أو التعليمات الصادرة بموجبه وتترتب عن قيمة هذه الإسهامات تحديد الحقوق التقاعدية على أساس العدالة ، وتكون شروط الإحالة إلى التقاعد واستحقاق الحقوق التقاعدية واحدة لكل المشتركين من حيث مقدار الحصص وعدد سنوات الخدمة وعمر المحال واستحقاق الراتب التقاعدي وتحديد الخلف وغيرها من التفاصيل ، وبشكل مختصر جدا فان قانون التأمينات الاجتماعية هو شبيه بقانون التقاعد المطبق حاليا على الموظفين ووجه الفرق بينهما انه يطبق على جميع العاملين سواء كانوا موظفين حكوميين أو غير ذلك ، بشكل يسهم في توفير ضمانات مادية وغير مادية للأفراد العاملين عند تعرضهم للإصابات والعجز أو الوفاة أو بعد بلوغهم سنا معينة عندما يكونون اقل قدرة بدنيا أو جسديا أو نفسيا في ممارسة الأعمال ، بمعنى إن هذا القانون يضمن الحقوق التقاعدية للعاملين أثناء حياتهم ولخلفهم المستحقين قانونا بعد وفاتهم وبما يوفر الأمن والأمان المجتمعي ، ويراعى في تامين حقوق الخلف الابتعاد عن التوريث أي إن الخلف يتقاضون لغاية حدود يحددها القانون .
ومن الفوائد التي يمكن أن يجنيها هذا القانون هو تقليل التزاحم على الوظائف الحكومية ومعالجة البطالة والاستثمار الصحيح للموارد البشرية ورفع المكانة الاجتماعية لهم وتوفير الاستقرار النفسي والأمان المالي والاجتماعي للعاملين في القطاعات غير الحكومية ، ولو صدر القانون بنصوص مناسبة وتم تطبيقه بالشكل الصحيح فان توجهات الأفراد للعمل خارج القطاع الحكومي قد تكون أكثر من التوجه للقطاع الحكومي ، والسبب إن ما يجنيه الفرد في القطاع الحكومي يكون محددا بقوانين وسلم الرواتب وبما لا تسمح له بالثراء باعتباره موظف لخدمة العامة ، في حين إن من يعمل خارج القطاع الحكومي يمكنه أن يحقق مدخولات اكبر من خلال المجال الذي يعمل فيه والاستثمار الذي يستخدمه وعدد ساعات العمل وحرية الانتقال من مهنة أو حرفة إلى أخرى تبعا للمردودات ، والعقدة التي كانت تعيق العمل في القطاع غير الحكومي وتجذب الأفراد بالعمل إليه هو المستقبل الذي يعبر عنه بضمانات الراتب التقاعدي لان الكثير يخشون عدم وجود ما يعيل أبنائهم عند الكبر أو المرض أو الوفاة ، ويعني ذلك إن توفر تأمينات اجتماعية شبيهة بتلك المتاحة لموظفي الدولة ستشجع الكثير بالعمل في أي قطاع حتى وان كان غير حكومي مادام مؤمن ويغطى بالحقوق التقاعدية بقاعدة أوسع وأكثر مرونة من قانون الضمان الاجتماعي المطبق حاليا على العمال .
ويمكن إن تطرح أسئلة عديد إزاء الموضوع وهي هل إن سائق التاكسي والباعة المتجولين وأصحاب الحرف والمشاريع الصغيرة والمزارعين يمكن شمولهم بقانون التأمينات الاجتماعية ؟ ، والجواب هو نعم مادامت الأعمال تدخل في إطار المشروعية والقبول ومادام العامل أو الفرد يدفع التوقيفات التقاعدية المحددة بشكل منتظم وحسب النسب الواردة في جداول الاستقطاعات ، وقد يعتقد البعض إن هذه التجربة ستفشل لان ثقافة التسديد غير سائدة في بلدنا فهناك من لم يسدد أجور الكهرباء والماء وما ترتبت عليه من التزامات منذ سنين ، فكيف سيتم التسديد في ظل غياب الاستقطاع المباشر من الراتب كما يحصل حاليا في الأجهزة الحكومية ، وقد تكون العائلة تعول على إن الأب أو الابن مشمول بالتأمينات ثم يظهر انه ( ناكل ) وغيرها من الاحتمالات ، والحقيقة إن هذه المسائل يمكن معالجتها بوسائل متعددة منها الربط مع الشبكات المالية كالمصارف و( الكي كارد ) أو ما يمكن توثيقه في القانون لغرض التعويل عليه في التسديد ، وهي أمور مهمة بالفعل و تحتاج إلى عناية في التشريع وإصدار التعليمات وآليات التنفيذ ، وقد تكون هناك أسئلة وتساؤلات أخرى يضيق المجال لذكرها هنا ولكنها قابلة للمعالجة مادامت قابلة للمعالجات ، ولأهمية هذا الموضوع وما يطرح بشأنه فإننا نقترح على مجلس الوزراء أن يحال مشروع القانون على مجموعة من الخبراء الفعليين أو إحدى المكاتب الاستشارية للجامعات لفحصه ووضع آليات للتنفيذ قبل إحالته إلى مجلس النواب للتشريع ، فهذا القانون من شأنه أن يكون نقطة انطلاق حقيقية نحو إصلاح اقتصادي شامل تتحرر فيه الموازنات الاتحادية من التزام كبير ويكون فيه المواطن مستفيدا حقيقيا من خلال الجهد المبذول ووفائه بتسديد ما عليه ، بما في ذلك تامين حقوق تقاعدية لكل العراقيين ممن يعملون في قطاعات الاقتصاد . ))

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب