يعكف يان كوبيش رئيس بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في العراق (اليونامي) والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق في هذه الأيام على القيام بسلسلة لقاءات مع كبار المسؤولين العراقيين ويركز في محادثاته معهم على القيام بإثارة موضوع مشاركة فصائل الحشد الشعبي في المعارك ضد العصابات الإرهابية الدموية الوهابية الداعشية مثيرا في هذه الاثارات التشكيكات حول أداء هذه الفصائل في جبهات القتال ومرددا اسطوانة باتت مشروخة تستغل بعض التجاوزات الطفيفة التي تصدر عن بعض المندسين ليلصقها بالحشد الشعبي كله. و لا يخفى ان مثل هذه الاثارات لا تخلو من صبغة طائفية يقوم البعض من المتعاطفين مع الإرهاب بمحاولة إضفاءها على فصائل الحشد الشعبي وهي فصائل عراقية عقائدية مؤمنة مقاومة تنتمى شكلا ومضمونا إلى مذهب اهل البيت (ع) شكلت بفتوى المرجعية الدينية الرشيدة للدفاع ليس عن أرض العراق كلها في أوجه قوى الشر والارهاب بل للدفاع عن البشرية جمعاء في مواجهة اشرس هجمة بربرية وحشية دموية وهابية عرفها التاريخ.
موقف كوبيش هذا يعبر عن عدم احترام للدماء والتضحيات التي سطرها رجال الحشد الشعبي الميامين الذين تحركو في أطار الواجب الوطني للدفاع عن أرض العراق كلها من دون اي تمييز أو خلفية طائفية. فأرض العراق لا هوية لها سوى الهوية العراقية. فضلا عن ذلك فإن هذا الموقف يعبر عن تشكيك واستهانة بالحكومة العراقية حيث ان قوات الحشد الشعبي تعتبر جزءا لا يتجزأ من القوات المسلحة العراقية والتي يرأسها رئيس الوزراء العراقي القائد العام للقوات المسلحة الدكتور حيدر العبادي ويتقاضى أعضاؤها مخصصاتهم من الحكومة العراقية. ولكن من يعرف خبايا وخفايا البعثة الأممية التي طالما كان موقفها منحازا لقوى سياسية ومكونات عراقية يدركون أن موقف كوبيش يعبر عن ما هو اعظم وافظع من مجرد الاستهانة بدماء العراقيين وتضحياتهم. فهذا الموقف يتطابق مع مواقف دواعش السياسة في العراق من الطائفيين المدافعين عن تنظيم داعش اللااسلامي والذين يعملون على تأمين الغطاء السياسي له. ولكننا لا نستغرب مثل هذه المواقف التي تلتقي مع الموقف الداعشي في الاصل والغاية. فلازالت المواقف السياسية لهذه البعثة المشؤومة تصدر عن نوايا خبيثة يضمرها مسؤولو القسم السياسي فيها من اخواننا الفلسطينيين وعلى رأسهم رئيس القسم الطائفي البعثي الحقود مروان علي الكفارنة والمستشار السياسي الفلسطيني الطائفي محمد خليل النجار وأمثالهم.
وهؤلاء المتعاطفين مع حزب البعث المقبور يضللون كبار المسؤولين في البعثة ويزورون تقاريرها للتجني على القوى السياسية التي تصدت لحكم البعث المقبور وقدمت الدماء والتضحيات سخية في سبيل الاطاحة به واقامة اركان عراق جديد لا مكان فيه للبعث الصدامي فضلا عن تشويه صورة القوى التي تتصدى للارهاب في العراق اليوم. والعلاقات بين أيتام صدام والدواعش باتت معروفة للقاسي والداني. ويبدو أن تاريخ هذه العلاقة يعود لسنوات طويلة وليست أمرا جديدا او مستجدا. فالمعروف ان ابو عمر البغدادي الذي تولى قيادة تنظيم القاعدة في العراق، سلف داعش، كان ضابطا في جهاز الأمن الصدامي في الثمانينات، والمقبور سمير الخليفاوي، المعروف باسم الحجي بكر، وهو الذي قام بالتخطيط لقيام داعش بالسيطرة على شمال سوريا، كان ضابطا في مخابرات القوات الجوية ابان حكم المخلوع صدام حسين.
وعلاقات التخادم بين التنظيم الارهابي واسرائيل ليست بالأمر الجديد وهي علاقات انكشفت للجميع في اطار الحرب الارهابية التي يشنها تنظيم داعش اللااسلامي وامثاله من القوى الارهابية في سوريا. حيث نرى كيف ان هذه الدولة الصهيونية لم تقم لحد الان بتوجيه اي ضربة لهذا التنظيم في حين انها تقوم بين الفينة والاخرى بشن غارات ضد مواقع تابعة لحزب الله. وثمة مؤشرات ان مواقف اليونامي تاتي في سياق نفس علاقة التخادم هذه بين الدواعش والصهاينة. فالمدعو الكفارنة المعروف بتاريخه البعثي ومواقفه المتطابقة مع تنظيم داعش كان قد اعتقل من قبل السلطات الاسرائيلية قبل مغادرته لقطاع غزة. والمعروف ان سجون الاحتلال الصهيوني هي مدرسة لتجنيد وتدريب العملاء الذين يعملون لحساب هذا الكيان المسخ بحيث يستخدمون فترة السجن التي قضوها لتضليل الناس وايهامهم بأنهم من المناضلين الشرفاء في حين أنهم في الحقيقة عملاء لا يفوقهم في الخسة والدناءة سوى قتلة النساء والاطفال والمدنيين الابرياء من وهابية داعش والارهابيين. أما المدعو محمد خليل النجار فلقد سبق له العمل في جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني الذي كان يرأسه المدان محمد دحلان والذي كانت تربطه علاقات وثيقة الصلة بالمخابرات الاسرائيلية (الموساد) والمخابرات الامريكية (السي اي اي). والمعروف ان الصهاينة قاموا بمكافأة هذا النجار على خدماته لهم عبر منحه لوحة اسرائيلية صفراء كان يستخدمها على سيارته المرسيدس اثناء اقامته في عمان قبل سنوات لكي يعبر بها جسر الملك حسين الى الاراضي الفلسطينية المحتلة.
وتكشف هذه الخلفيات المشبوهة للطائفيين في اليونامي عن علاقات تخادم يقومون بها لصالح قوى الشر والارهاب والصهيونية لاستخدام مواقعهم في البعثة الاممية وبث سمومهم الطائفية الخبيثة للاساءة الى القوى المؤمنة التي تجاهد ضد الارهاب.
لقد خذلت اليونامي العراقيين في المواقف الصعبة التي تطلعوا فيها الى البعثة لكي تمد لهم يد المساعدة في الجانب الانساني. فرغم كل المناشدات التي قام المسؤولين العراقيين بتوجيهها للبعثة لكي تقدم المزيد من الدعم لضحايا الارهاب في العراق فاننا نجد ان حجم ما تقدمه هذه البعثة من دعم ومساعدات إغاثية يظل اقل بكثير من المستوى المطلوب. فنقص الدعم أدى مؤخرا الى اغلاق العشرات من المستوصفات الطبية التي تقدم الخدمات للنازحين.
واليوم يخذل كوبيش العراقيين مرة اخرى عبر تبنيه لمواقف تتطابق مع مواقف دواعش السياسة والمتدعشنين العاملين بوحي اسرائيلي من مستشاريه السياسيين. الأجدى لكوبيش وسمعته في أوساط العراقيين الشرفاء أن يكف عن القيام باتخاذ مواقف تآمرية ضد القوى المتصدية للارهاب وان يبذل جهوده كلها لتخفيف آلام ومعاناة ضحايا الارهاب.