23 ديسمبر، 2024 12:05 م

عجين بدموع الأيتام وهريس بعظام الضحايا

عجين بدموع الأيتام وهريس بعظام الضحايا

يتأكد من يتمعن في مطالب المتظاهرين العراقيّن؛ بأن خروجهم نتيجة تراكمات وغضب شعبي؛ للتغيير ومحاسبة الفاسدين وإلغاء المحاصصة، ثم ينحرف الى شواذ يدعون الى نسف العملية السياسية، وإلغاء الدستور والبرلمان، والمطالبة بنظام رئاسي، وتتدرج الى المطالبة بعودة الدكتاتورية والمركزية ؟!
يؤكد تزاحم الشعارات وفوران الشارع؛ أن الإندفاع لم يأتي من إرتفاع درجات الحرارة، ولا من إتهامات تقصير وإسراف المواطن، وتشغيله السخان في الصيف؟!
عجزت الحكومات المتعاقبة من توفير الخدمات، ورفع المستوى المعيشي والأمني، وفشلت في التخلص من آفة الفساد، ولم تنجح سوى في فك إرتباط الشعب بالبوصلة الوطنية، وزرع تشتت المواقف، وخضوعها لتخضع شعبها؛ للتأثيرات الحزبية والطائفية والعشائرية، وصار الحلم مجرد وعود كالسراب يلاحقها المواطن، وهناك في الزاوية الأخرى بريق شعارات مخالفة.
سؤال منطقي في وقته المناسب، لماذا التظاهرات في العراق ولبنان، وكلاهما نظام ديموقراطي، يسمح بالمشاركة وحرية التعبير؟! والشعب هو من يختار من يمثله، فلماذا تسوء الخدمات وتتكدس النفايات، ويستشري الفساد؛ بدليل فقر المواطن، وثراء فاحش للمسؤول.
نفس السؤال لماذا فضلوا أنفسهم على شعب؛ توسلوه قبل وصول السلطة، وأقسموا له وأقسم لهم على عدم الخيانة؟! وسرعان ما سقطت تلك الوعود، ومن الظاهر أن أيادي خفية، تديرهم من خلف الكواليس، تجمعهم وتضربهم ببعضهم متى تشاء، وبالنتيجة ينقسم شعبهم شتات، على أساس طائفي وعرقي؛ بقواسم مشتركة بين العراق ولبنان؟!
وقف جميع الشعب بجانب التظاهرات، وحتى النخب لم تتأخر في مساندها، وظهرت حركة واضحة المعالم، تحتاج الى الإدارة وجمع تشتت المواقف، ومنع الساسة من ركوب الموجة، يستأجرون سذجاً لتنفيذ أجنداتهم، ويمنعون الحلول العلمية،؟ وتنظيم الواقع السياسي وفق متطلبات المرحلة بعيداً عن الفاسدين، الذي يسعون لتوجيه التظاهر للتسفيه والتشهير والتسقيط، بعيداً عن الأخلاق العراقية، ونفس الموقف تكرر في لبنان وإعترف جميع الساسة بالتقصير، وتفاقم الخلافات؛ أدى الى سوء الخدمات وتراكم النفايات.
إن لبنان والعراق لديهما كثير من القواسم المشتركة، تسببت بإصابة الساسة بالأنا وعضال الفساد، وضعف إدارة العملية السياسية، وخلافات لا تنتهي، ومعظم النخب تسلقت على أسس طائفية، وتناحرت لدرجة هلاك المواطن، وإضعاف وعرقلة الإصلاحات؛ لتضرر جهات تربعت بطريقة غير شرعية، وترك مؤسسات الدولة سائبة بالوكالة، وإنعكس ذلك على صلب العملية السياسية وإدارة الدولة، وبالتالي سوء إدارة بلاد ونقص خدمات وفساد مستشري.
لم تقتصر الظاهرة على العراق ولبنان، وفق معطيات الربيع العربي، وبعد الفساد والدكتاتورية ركبت الموجة نخب أفسد تعجن خبزها بدموع الأيتام، وتهرس لحم وعظام الضحايا.
خرج الناس بمطالب الخدمات وحقوقهم المسلوبة، ودخلوا دوامة لا تنتهي بوجود ساسة فاسدين، لديهم القدرة على سحق شعبهم من أجل البقاء وعرقلة الإصلاحات، وربما أنها فوضى وإعادة لترتيب أوراق الديموقراطية، والتعرف على الحقوق والواجبات، ولكنها عسيرة أيضاً بوجود ساسة لم يتوقفوا ولم يراجعوا مسيرتهم الكارثية، وقد تكون السنوات الماضية كلها مخاض لولادة عسيرة، وطرد لولادة خارج رحم معناة الشعب، ومستقبل بأمل، لا يمكن تغيره بمصالح ضيقة مشخصة للشعب وفردية سياسية منبوذة، وأن المشكلة وجود نفايات سياسية.