محتدم في قوله ، قالها بعصبية ، رجل على اعتاب الستين اتسعت الصحراء فوق هامته واشتعل ما بقي من ريعها بياضا :
-“وعادت في بلدنا العجائب من جديد …!”
ابتسمت حين عانقت مسامعي رصاصاته و ادركت حجم ما يحمل ابناء بلدي من هم عميق وحزن مكبوت والم دفين…… كالعادة ، سرقتني افكاري من حيز الواقع نحو مكامن الخيال وتوقفت عند بوابات عجائب الدنيا السبع ، وهي تختم كل شيء اشتدت غرابته لكونها نقطة الوصل في حيز الزمن بين الاشياء و درجة الغرابة فيها ، تعمل منذ الازل بوصلة ترسي درجات الغرابة عند الامور وتجلب الانتباه حين تذكر مع اقترانها الاشياء…!؟ بدأت العجائب تشتد وتغلظ استهلال القرن الحادي والعشرين عموما ، وفي بلدنا بعد التغيير خصوصا ، حتى اضحت تحتل مساحة كبيرة من تساؤلات الناس الى ان فاقت ذاتها بل تجاوزتها نحو غرائب وعجائب اكبر كادت تغطيها وتلقيها في سلال النسيان…!
صحوت من غيبتي واجبته بعفوية:
-” اذكر لك ،يا سيدي ، واحدة من تلك العجائب الجديدة والتي فاقت السبع وهي تسكن مجتمعنا العراقي وتتربع على عرش الثامنة: العلاقة المتناقضة بين الانسان العراقي وممثليه في البرلمان ، تلك العلاقة المثيرة للجدل والنقاش ، حين يرتبط الشعب بممثليه بدرجة عالية من الحب التي تصل الى حد التوسل ، قبيل الانتخابات بعدها بأيام أي بعد الانتخابات يتحول هذا الحب الى حقد مطلق يصل حد الفتك بالشعب وهذه ظاهرة غريبة ينفرد بها العراق ولا تعرف اسبابها لحد الان، حين يكسب النواب الاصوات التي تأهلهم قدما في سلم الفوز، يبدءوا بالابتعاد عن الشعب بشكل كامل ومناصبته العداء بمصافحة الارهاب للفتك به الى الحد الذي وصل بالكثير منهم بيع مدنهم واهلهم للغزاة من اجل وعد كاذب بمنصب ذليل وهذا ما حدث في الموصل ….!؟!
هز الرجل رأسه بالموافقة ونظر لي بامعان وابتسم….. ادركت حينها انه عرف ان رسالته قد وصلتني ووجد من يعطيه المتابعة في التحسس المؤلم فأضفت:
-” التاسعة ان العراقيين يدركوا تماما قاتل ابنائهم ومصدر تعاستهم ومنابع البلاء ومكامن السوء لكنهم لا يستطيعوا التخلص لقلة الوعي لدى ساستنا حين تقبلوا مسرحية الخلاص الامريكي من الارهاب بالارهاب نفسه……صنيعتهم…..!؟ وهذه ظاهرة قد استفحلت واصبحت محط انظار العالم واستحقت الوقوف عندها تحت ظن الغرب والمراهنة على غباء وغفلة العرب واستغلال الضعفاء منهم لبناء كيان مجرم بديلا للكيان الصهيوني تحت عباءة الدين وتسليحه بأحدث المعدات التكنولوجية والاسلحة والمتطورة والاعلام المظلل ونظرية الرعب لقتل الشعب العراقي بمساندة بعض الانظمة العربية المشبوهة وبعض الخونة من ساستنا……..!!!؟” ضحك الرجل طويلا ثم قال وهو يكاد يغص بضحكته:
-“اعتقد ان داروين قد وجد ضالته المفقودة فينا وندم اديسون على اكشاف مصباحه ….!؟” اجاب الرجل:
-“صدقت يا اخي……لكن ماذا نفعل ما دام العيب فينا….!؟!” ونحن في هذا الحديث واذا بسائق الحافلة يعلن وصولنا مركز المدينة ، ودعت صاحبي وانا لم اعرف حتى اسمه ثم انطلقت الى بيتي لممارسة المي وعذابي اليومي مثل كل عراقي……!؟!