18 ديسمبر، 2024 5:52 م

هتافات من قبل شرذمة موبؤة في ليبيا ، تمجد الطاغية المهزوم امام المحتل الاميركي ( صدام حسين ) وذلك اثناء مرور شاحنات المساعدات العراقية لاغاثة المنكوبين جراء اعصار درنة … . مشهد تكرر بطريقة مشينة في بلدان عربية اخرى وليس في ليبيا فحسب.
هو جزء من تصور ورأي عام عربي سلبي تجاه التغيير في العراق منذ عام 2003 والى اليوم.
واعتقد ان هذا الرأي السلبي ناجم عن الدعاية السلبية التي شنتها بعض المؤسسات الاعلامية العربية ضد التغيير ومراحل بناء نظام الحكم الجديد في العراق .
وساهمت قناة الجزيرة على وجه الخصوص في رسم الصورة السلبية الى درجة اثرت بقوة في آراء ومواقف النخب المثقفة بمافيهم شخصيات محسوبة على خانة المفكرين الذين كتبوا مقالات هاجموا فيها الشعب العراقي وبالاخص الاغلبية المسلمة العربية الشيعية واتهموها بالتواطؤ مع الولايات المتحدة .
وبعصبية ممزوجة بالحقد وقليل من الغباء ، امتنع هؤلاء ومن خلفهم قرائهم في البلدان العربية عن الاشارة الى حقيقة وهي ان الاحتلال الاميركي حصل نتيجة تواطؤ صدام حسين نفسه ومعه اركان نظامه وقادة جيوشه وقيادات حزبه وذلك حينما فشلوا في صد الغزو وانهزموا بسهولة امام القوات الاجنبية، في ظرف كان الشعب العراقي خائر القوى ومشتت وهو يئن تحت وطأة الحصار القاسي وقمع السلطة .
بعض العرب مايزالون يحاكمون العراقيين في حين كان يتوجب محاكمة الخائن الهارب المهزوم المهيب الركن صدام حسين وذلك عن جناية الخيانة العظمى حينما فشل في قيادة البلاد واخفق في وضع الخطط للدفاع عن الوطن وذلك بحكم منصبه القائد العام للقوات المسلحة العراقية وامين عام حزب البعث بقيادتيه القطرية والقومية .
وهنا نسأل من يحاكمون الشعوب بجريرة الغزو الاجنبي :
هل من المنطق اتهام الشعب الليبي بالخيانه حينما حصل الغزو الايطالي لليبيا ؟! ..اذ ليس الشعب الليبي هو السبب ولاينبغي اتهامه بالعمالة ، وانما المتهم هو الحكام الاتراك العثمانيون وعائلة السنوسي هم من سلموا ليبيا للمحتل الايطالي انذاك .
تحدثت ذات مرة مع ديبلوماسي ليبي عن هذه الاتهامات وقلت :
انتم تشككون بولاء العراقيين الشيعه وبعروبتهم … . هؤلاء الشيعه هم من احتشدوا في معسكر قبيلة الخزاعل جنوب كربلاء عام 1912 حينما اصدر المرجع الديني في النجف الاشرف السيد كاظم اليزدي فتوى (( وجوب مقاتلة الطليان الكفار )). اذ احتشد 3 الاف متطوع من مدن كربلاء والنجف وبابل والديوانية وكانوا يتدربون للقتال والتوجه الى ليبيا حيث يترقبون وصول السفن التي اشترتها المرجعية من تاجر في البحرين لكن اربع منها احترقت في ميناء جزيرة سترة ( بفعل فاعل )!! .
نعود الى عام نيسان ابريل عام 2003 وبعد ان اصبح الاحتلال الاميركي أمرا واقعا ، اتبع الساسة العراقيون ومن بينهم الساسة من الطائفة الشيعية استراتيجية اللعب السياسي بيد والمقاومة المسلحة باليد الاخرى , وذلك وصولا نحو ارغام جيوش الاحتلال المتعددة الجنسيات على المغادرة بموجب اتفاقية مذلة للولايات المتحدة ابرمت في عام 2011 وهو ما حدث بالفعل .
تحقق الانسحاب واكتملت السيادة العراقية وغادر المحتلون وحملوا معهم جثامين 190 جنديا بريطانيا قتلوا في محافظتي البصرة وميسان حصرا واكثر من 5 الاف جندي اميركي ونحو 350 جنديا من بقية القوات .
هل تساءل العرب : لماذا اصر الساسة العراقيون على اخراج المحتل ؟
اليس بامكان هؤلاء الساسة التحالف مع هذه القوات وتحويل العراق الى نقطة للتوسع والعدوان على دول المنطقة ليصبح العراق شرطي المنطقة ؟؟ وهذا ما فعلته دول كانت محتلة مثل كوريا الجنوبية التي استقوت وتستقوي بالاميركان على كوريا الشمالية وڤيتنام وغيرها من دول معادية للجنوبية ؟؟؟.
ايضا رفض العراقيون ان يتأمركوا ويبنوا بلدهم بوصاية اميركية كما فعلت المانيا واليابان فيتحقق الازدهار والرخاء والرفاهية للعراقيين بعد عقود من الفقر والتخلف والاضطهاد خاصة والعراق اكثر ثراءا واهمية جيوسياسية من اليابان ومن كوريا ومن المانيا .
العراقيون رفضوا هذا الخيار عن اصالة ونتيجة لانتمائهم للعقيدة ولتراب هذه المنطقة ،و آثروا العزة والكرامه فافشلوا المخطط الاميركي المرسوم وفق نظرية ( الشرق الاوسط الجديد ) وقاتلوا وتحملوا الارهاب والعنف وذلك لحماية المنطقة ..وهنا نذكر بما قاله وزير الخارجية الاميركي انذاك كولن باول بان العملية الاميركية في العراق كانت تستهدف تغيير شكل المنطقة والمح بانها تستهدف سورية وايران كخطوة اولى .
وهنا اذكر بخطاب معمر القذافي في القمة العربية حينما توقع ان يأتي الدور على بقية الحكام العرب .. لكن العراقيين (طمأنوا) القذافي وكفكفوا دموعه بأحباطهم المخطط الاميركي وقدموا ربع مليون شهيد من اجل إلا يتكرر النموذج الاحتلالي في العراق ،وينتقل الى دول عربية ودول الجوار العراقي .
ورغم تضحيات العراقيين في سنوات المحنة تلك حيث كان العراقيون يخوضون معركة التحرير ، كان بعض العرب يتآمرون على العراق حتى في ذروة استعادة العراقيين لسيادتهم وبدء مشروعات اعادة الاعمار .. والى عام 2014 حينما حرض ( بعض) العرب جماعة داعش الارهابية المنحرفة على غزو العراق ، وهنا نسرد وباختصار الادلة على دعم ذلك البعض لعدوان داعش :
* قنوات الجزيرة القطرية والعربية السعودية وقناة الاردن وقناة البحرين وقناة دبي وقنوات تونسية ومغربية وموريتانية وسودانية وبعض المصريات ووو كانت قد منحت الغزو الداعشي الهمجي ( الشرعية ) لما وصفت ذلك العدوان بانه ( ثوار عشائر ) .. وصف كان ينطوي على احقاد طائفية وعصبيات بدوية ولؤم البعران من قبل ذلك البعض على نظام الحكم الفتي في بغداد ومن خلفه الشعب العراقي التواق للسلم والاستقرار والامان .
* يعترف حمد بن جاسم وزير الخارجية القطري السابق وفي مقابلة تلفزيونية بان الجماعات الارهابية التي نشأت في سورية كانت مدعومة من قبل نظامي قطر والسعودية وبالتالي كان الاجتياح الداعشي الهمجي يتلقى الدعم اللوجستي الكامل من ذالكم النظامين .
ومع ذاك ، انبرى العراقيون ليس فقط للدفاع عن بلدهم ، بل كذلك دفاعا عن العرب ،فقاتل الشباب العراقي المنضوي تحت راية الحشد الشعبي ببسالة في معارك ضروس استمرت اكثر من ثلاث سنوات قدم خلالها هذا الشعب اكثر من 50 الف شهيد وخسائر مادية قدرت ب 120 مليار دولار ،وكل ذلك لكي لا يصل الارهابيون الى الاردن والكويت والسعودية ،في اقل تقدير ، فيما لو سقطت بغداد .
ومرة اخرى يثبت العراقيون بالدم وبالتضحيات ،ولائهم للمنطقة وانهم حراسها الميامين وان بغداد صمام الامان للعرب ..
فهل جزاء الاحسان المعمد بالدم الذي قدمه ابناء الحشد الشعبي ،الاساءة للعراق والعراقيين؟؟. ويالها من إساءة متعمدة ومقصودة ترتكب في لحظة يقدم ابناء الحشد المساعدة العينية للشعب الليبي المنكوب بإعصار درنة …