23 ديسمبر، 2024 2:01 م

عبير الجنابي ثانيةً

عبير الجنابي ثانيةً

ثمة رابط ومربوط ، يدور هذه الأيام على برائد الناس الألكترونية ، وقد وصلني غير مرة ومرة ، وزبدته تريد من كل من يتسلمه ، أن يترك توقيعه وبصمته ، دلالة موافقة ومطالبة من أجل تعويض العراقيين ، خساراتهم الضخمة ، بالدم والمال والأرض والكرامة ، على يد وحوش أمريكا وشواذّها ومنغلتها ، وكانت صحبة الرابط والرجاء ، تفاصيل جديدة ، توجع القلب ، وتشيب الرأس ، وتمرد الكبد ، عن مصيبة العراقية الطاهرة عبير قاسم الجنابي ، أُم الخمس عشرة سنة ، والجندي الأمريكي النغل ، سليل النغولة ، ستيفن غرين . غرين كان كمنَ هو وثلاثة أنذال من صحبه ، في بستان نخل بمدينة المحمودية الصغيرة ، جنوبي بغداد ، وبعد أن شربوا الويسكي ، سمّاً وزقنبوتاً ، وناراً في معدهم الجائفة ، تضخّمَ وتورّمَ عندهم ، كل تاريخ الوحشية والهمجية الأمريكية ، فانقضّوا – وهم جبناء أباً عن جد – على دار البنت عبير ، فتناوب الأوغاد الثلاثة على اغتصابها ، وكان الجندي غرين ساعتها ، مزروعاً بباب غرفة دم الطهارة ، أميناً لدور القواد ، فلما انتهى الساقطون من فعلتهم ، قام الدوني غرين ، بربط بقية أفراد العائلة ، وهم الأب والأم والأخت الصغرى هديل ، أم الخمس سنوات ، ورشّ العائلة بطلقات الغدر ، فماتوا أجمعين ، ثم سحلهم الى حوش الدار وسكب البانزين فوق جثامينهم ، وأشعل فيها نيران الكراهية واللذة ، ووصف الأمر بعد ذلك ، بأنه كان محاولة مشروعة وهامة لبث الرعب في نفوس الآخرين ، وأنه كان يعتبر العراقيين ، ليسوا من صنف البشر . هذه واحدة مستلة من تأريخ وكتاب العار الأمريكي الحديث ، وهو كتاب ضخم دسم ، من علاماته ، هيروشيما وناغازاكي ، وفيتنام ، وأفغانستان وأمكنة أخرى ، كانت خاتمتها المروعة ، قد نزلت فوق أرض الرافدين ، فرشّتها باليورانيوم وكل أصناف أسلحة الدمار الكامل ، ثم غزتها وفككتها وحطمتها وأمرضتها ، ونشرت فيها الطائفية والأمية والتخلف ، وسرقت نفطها وآثارها وأرشيفها وكرامتها ، وبنت فوق قلبها ، بغداد العباسية البديعة ، أعظم سفارة أمريكية فوق الكرة الأرضية ، يشتغل فيها ومقترباتها وملحقاتها ، المعلنة منها ، والمدفونة ، نحو ستة عشر ألفاً ، من موظفين ومرتزقة وقتلة وجواسيس ، وواحد أو واحدة ، وظيفتها ، شراء الذمم والضمائر والكرامة ، من أدباء وكتّاب وصحفيين وفنانين ومقاولين وسماسرة دكاكين ، شغلتها الشاغلة ، تنظيف وجه العم سام الوصخ ، بقوة الدولار ، من دون نغزة ضمير ، أوصحوة وجدان ، أولفحة حياء ، أو وشالة عيب . من وجوه اللذة المريضة التي عليها جند وجنديات أمريكا الوغدة ، أن كثرة منهم ، كانوا يلتقطون صور ذكرى مع جثامين ضحاياهم ، أو يراهن واحد منهم صاحبه ، على من سينجح باصطياد طفل لاهٍ فوق سياج دار ، أو فلاح محني على كمشة شعير ، والقاتل الفائز ، سيقبض من صاحبه ، عشرة دولارات ، هي ثمن جثة عراقية ، حظها رديء . ألحكومة القائمة الآن ببغداد العباسية ، ما زالت تشتغل في هذا الكتاب الخطير ، أقصد ملف التعويضات ، تحت شعار ” كأنك لا تدري ولا تسمع ولا ترى ولا تكترث ” والجندي الملعون ستيف ، يبحث اليوم مع محامي العائلة ، عن تخريجة ممكنة لتخفيف الحكم ، وتأويل الجرم ، وأُم الجندي ستيفن ، ما زالت مرتبكة في مسألة اخبار ولدها السجين ، بالإسم الحقيقي لوالده المجهول ، وأنا باقٍ على معتقدي الراسخ القوي ” إنّ الأمريكان إذا دخلوا قرية أفسدوها ” وسأظل هكذا ، حتى يتبدل أبناء العم سام ، أو يغير الرب ما بأنفسهم ، فيعتذروا ، ويعوضوا ، ويعودوا الى صنف الأوادم العادلين الطيبين المخلصين الصادقين المسالمين ، لحظتها ، سأحبهم وأصفح عنهم ، ومثلي ملايين مملينة .
 [email protected]