18 ديسمبر، 2024 10:42 ص

كنت أحب كثيرا أغنية ست الحبايب التى غنتها فايزة احمد وإن كنت أحبها بصوت عبد الوهاب أيضا..فى عيد الأم كنت اسمعها كثيرا وأمى على قيد الحياة ومنذ رحلت من سنوات والأغنية ثقيلة على قلبى بل اننى أحيانا أشفق على قلوب هؤلاء الذين افتقدوا أمهاتهم وأنا افرق دائما بين الموت والغياب..إن الموت يعنى رحيل الجسد ولكن الغياب يؤكد وجود البشر حتى ولو رحلوا..فى كل شىء مازلت أرى واسمع أمي..فى أغنية كانت تحبها وسمعناها معا..فى نوع من الطعام كانت تصنعه من أجلى وكان عندى أفضل من كل مطاعم الدنيا التى زرتها رغم انه طعام بسيط..وحين تموت الأم تبدأ مواسم الوحشة وتشيخ الأشجار ويتغير لون مياه النهر وتشعر أن الزمن بدأ يتسلل إلى كل شىء فيك وانك فعلا كبرت..مادمت تنادى يا أمى وترد عليك فأنت صغير دائم الشباب فإذا اختفت الكلمة منك ولم تعد تسمع صوتها وجدت نفسك فى أول الصفوف عمرا وزمنا ومسئولية..فى يوم من الأيام كنت أعيش محنة صحية وسافرت إلى فرنسا ودخلت المستشفى وفى أول يوم رأيت الطبيب وصارحنى بالحقيقة ذهبت إلى الفندق وألقيت نفسى على السرير وما بين النوم واليقظة وجدتها تزورنى وتخفف عنى وسمعتها تقول سوف تعبر هذه المحنة أحسست بها وجودا وكيانا وكأنها جاءت تطمئن علي..كلما جاء عيد الأم ربما لا تشعر فيه بأحزان الآخرين وأمك بين يديك فإذا رحلت تغيرت كل الأشياء حولك ورغم غيابها فهى حاضرة دائما معك تشاركك كل شىء إذا فرحت فرحت معك وإذا مرضت زارتك وإذا حزنت خففت عنك الألم..ولا يمضى وقت طويل واراها تزورنى فى أوقات كثيرة..وكم من الأزمات عشتها وأيقنت أنها مازالت تدعو لى واننى أكون أكثر صلابة وقوة بهذا الدعاء..أوقات كثيرة اشعر اننى أعيش ببركة هذا الدعاء لأننى أؤمن أن الإنسان لا ينجح فقط بجهده وقدراته ومواهبه ولكن دعاء الوالدين يبقى دائما حصن أمان قد لا نراه ولكننا دائما نشعر به..حاول أن تستمتع بأيامك الجميلة مع أمك وتكسب دعاءها وهى بين يديك لأن خسارتها لا تعوض..كل سنة وكل الأمهات بخير.

نقلا عن الأهرام