12 أبريل، 2024 6:10 ص
Search
Close this search box.

عبيد الدولار

Facebook
Twitter
LinkedIn

قَدْ طَرَأَ عَلَى مَسَامِعِنَا بِأَنَّ فُلَانَ مِنْ اَلنَّاسِ عَبْد لِلدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ وَكَانَ إِنْسَانًا مَنْبُوذًا بِطَبِيعَةِ اَلْحَالِ ، لَايْجَالِسَهْ أَحَد أَوْ اَلْأَصَحِّ هُوَ لَا يُحَبِّذُ اَلْجُلُوسُ مَعَ اَلنَّاسِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى وَإِنْ كَانَ بَخْسًا ، وَقَدْ قَرَأْنَا قِصَصًا وَسَمِعْنَا كَثِيرًا حَوْلَ هَذَا اَلْمَوْضُوعِ وَكُنَّا نُصَاب بِالْحَيْرَةِ حِينَذَاكَ وَالِاسْتِغْرَابِ يَعْلُو مَلَامِحَنَا لِأَنَّهَا حَالَةٌ نَرَاهَا فَرِيدَةً مِنْ نَوْعِهَا . وَكُنَّا لَا نُصَدِّقُ بِأَنَّ هُنَاكَ مِثْلٍ هَذِهِ اَلْحَالَةِ . تَغَيُّرُ اَلْحَالِ فَأَصْبَحَ ذَاكَ اَلْمَنْبُوذِ هُوَ سَيِّدٌ لِلْمُجْتَمَعِ يُنْهِي وَيَأْمُرُ حَسَبَمَا يَشَاءُ لَكِنْ أَصْبَحَ اَلدِّرْهَمُ بَلَاتَقَدِيرْ يُذْكَر لِفِقْدَانِ قِيمَتِهِ اَلْمَادِّيَّةِ أَوْ بِالْأَحْرَى لَمْ يُعَدْ شَيْئًا يُذْكَرُ أَمَامَ طَمَعِ اَلطَّامِعِينَ وَجَشَعُهُمْ وَحَلُّ مَحَلِّهِ اَلْأَصْلَعِ ( اَلدُّولَارُ ) فَأَصْبَحَ سَيِّدًا لِجَمِيعِ اَلْمَوَاقِفِ دُونَ اِسْتِثْنَاءٍ عِنْدَ مِنْ اِسْتَشْرَى اَلْحَرَامُ فِي جَسَدِهِ . فَانْقَادُوا لَهُ صَاغِرِينَ وَالذُّلِّ وَالْهَوَانِ وَالْكَرَامَةِ اِسْتَبَاحَتْ أَمَامَ جَلَالَتِهِ ، فَلَا كَرَامَةً بَيْنَ اَلْحَبِيبِ وَمَحْبُوبِهِ حَتَّى وَإِنْ فَقَدَ اَلْمَحْبُوبُ صِفَاتِهِ اَلْبَشَرِيَّةَ وَانْتَهَى بِفِقْدَانِ نَفْسِهِ ، وَالسَّيْرُ بِخُطَّةٍ مُسْرِعَةٍ نَحْوَ اَلْخُضُوعِ اَلتَّامِّ لِجَلَالَتِهِ . فَالْمُلُوكُ إِذَا سَخِطُوا مِنْ أَحَدِ وُزَرَائِهِمْ تَرَاهُمْ يُقَرِّبُونَهُ إِلَيْهِمْ فَيَلْتَزِمْ اَلْأَمَانُ وَلَا يَعْلَمُ مَاذَا يُحَاكُ لَهُ خَلْفَ اَلْكَوَالِيسِ فَإِذَا تَمَكَّنُوا مِنْهُ بِالْجُرْمِ اَلْمَشْهُودِ تَبَرَّأَ اَلْمَلِكُ مِنْ ذَنْبِ وَزِيرِهِ وَالسَّبُّ وَالشَّتِيمَةُ كَانَا نَصِيبَ ذَلِكَ اَلْوَزِيرِ مِنْ عَامَّةٍ اَلنَّاسِ وَهُوَ فِي قَبْرِهِ وَمَدَحَ اَلْمَلِكُ لِأَنَّهُ عَادِلٌ ، لَمْ يَعُدْ اَلنَّاسُ ذَا أُذُنٍ صَاغِيَةٍ وَانْجَرَفُوا بَعِيدًا عَنْ قَوْلِهِ . تَعَالَى { الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا } فَالْآبَاءِ ذَلَّتْ رِقَابَهَا لِلدُّولَارِ عَمِيَتْ إِبْصَارِهَا عَنْ اَلْحَلَالِ فَأبَتَالْهَمْ اَللَّهُ تَعَالَى بِخَلَف لَا يَمْلِكُونَ ذَرَّةٌ مِنْ اَلْأَخْلَاقِ اِنْحَرَفُوا عَنْ طَرِيقِ اَلصَّوَابِ فَسَارُوا عَلَى خَطِّ وَالِدِهِمْ مُبْتَعِدِينَ عَنْ كَوْنِهِمْ بَشَرًا . وَهُنَا لَا بُدَّ مِنْ اَلْإِشَارَةِ بِأَنَّ اِبْنَ اَلْأُصُولِ اَلَّذِي تَرَبَّى فِي كَنَفِ اَلْحَلَالِ وَالْحَرَامِ بَقِيَ مُحَافِظًا عَلَى إِنْسَانِيَّتِهِ فَلِكُلِّ قَاعِدَةٍ شَوَاذَّ وَتِلْكُمْ اَلْمُتَرَبُّونَ وَانْ اِمْتَلَكُوا اَلدُّنْيَا بِمَنْ فِيهَا شَوَاذُّ هَذِهِ اَلْقَاعِدَةِ . دُمْتُمْ بِخَيْر

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب