23 ديسمبر، 2024 1:53 ص

عبد المهدي وفتوى المقاومة

عبد المهدي وفتوى المقاومة

يا مناضلنا العتيد.. لماذا؟
في إحدى سنوات وجود رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بمنصب نائب رئيس الجمهورية وقد تكون في بداية عام 2011، تلقينا دعوة مع مجموعة من وسائل الاعلام لحضور لقاء مع سيادة نائب الرئيس لتعريفنا بمشروع استقدام أطباء أجانب للقيام بعمليات جراحية يتحمل كلفتها عبد المهدي كتبرع لإغاثة “عُبَّاد الله” وبعد حديث الأطباء الأجانب الحاضرين وكلمة افتتاحية لسيادة النائب اثارت لدى الحاضرين “روح التفاؤل” بهذه الشخصية التي تبحث عن طريقة تغطي فيها “عجز” المؤسسات الصحية عن القيام بواجبها، حتى لو كانت على حسابه الخاص من باب الشعور بالمسؤولية، فكان الحديث الجانبي يدور بين الحاضرين حينها، اننا بحاجة لقيادة تفكر بهذه الطريقة وتقدم مصالح “المواطنين البسطاء” على حساب مصالحهم.

‎مرت السنوات وانتهى دور عبد المهدي كنائب لرئيس الجمهورية، وتحول بفضل الاتفاقات السياسية والقرارات الخارجية وتزكية محسوبة على المرجعية الدينية الى رئيس وزراء بعنوان “مستقل” لا تربطه علاقة انتماء مع الاحزاب والقوى السياسية، لكن لم يتجاوز عبد المهدي سنته الاولى حتى انتهت جميع تلك الآمال التي حضرت ليلة اللقاء في قصر إقامته المطل على نهر دجلة والذي (كان منزلا لإحدى بنات صدام)، لاعلان مشروع الأطباء الأجانب، ليظهر ضعيفا امام القوى السياسية لا يستطيع اتخاذ القرارات من دون الرجوع اليها او محاولة إرضائها، ليكون لتحالفي الفتح وسائرون الكلمة الاولى في اختيار المناصب وتقسيم الحصص، وحينما غضب عليه تحالف سائرون رغم منحه منصب امين عام مجلس الوزراء وتيار الحكمة الذي اعلن المعارضة، ذهب ليغازل تحالف الفتح وزعيمه هادي العامري بمنح منصب مفتش عام وزارة الدفاع لقيادي في منظمة بدر وتسمية مستشار عسكري محسوب على قيادات الحشد من تحالف الفتح.‎

لتستمر بعدها النكسات بسياسة عبد المهدي التي أنتجت موقفا “صامتا” بعد استهداف مقار الحشد الشعبي بطائرات اسرائيلية اخترقت الأجواء من دون ان ترصدها قوات التحالف الدولي التي تقودها اميركا المرتبطة باتفاقية استراتيجية مع بغداد تلزمها بحماية الاجواء، ورغم اعلان وسائل الاعلام الاسرائيلية وتصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التي تشير لوقوف تل ابيب وراء عمليات الاستهداف المباشر، لم يتحرك عبد المهدي، او يصدر بيان استنكار او ادانة او تهديد بعرض القضية على الامم المتحدة كأضعف الإيمان، واكتفى بقرار يحظر الطيران الأجنبي من دون موافقته، لياتي الرد من اسرائيل باستهداف جديد لمقر للحشد الشعبي بقاعدة بلد الجوية بمحافظة صلاح الدين، في رسالة واضحة لا تحتاج لتفسير لتصل لدولة الرئيس بان تل ابيب هي المسؤولة، لكنه تجاهل الرسالة مرة اخرى يرافقها “صمت غريب” نجهل اسبابه.‎

لكن.. صمت عبد المهدي كان له نتائج اخرى دفعت نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس للتدخل وقيادة المبادرة، ليبلغنا بما عجز عبد المهدي عن فعله،، قائلا ان امريكا تتحمل مسؤولية استهداف مقار الحشد ومخازن عتاده من خلال توفير الحماية للطائرات الاسرائيلية، مهددا بان “الحشد سيرد لحماية مقاره باستخدام اسلحة اكثر تطورا”، ليجد عبد المهدي نفسه في “موقف لا يحسد عليه” وخاصة امام واشنطن التي أبلغته غضبها من قرار حظر الطيران الأجنبي من دون موافقته، كما يخبرنا نائب رئيس الوزراء السابق بهاء الاعرجي، الذي اكد ان “امريكا بعثت رسائل تهديد بيد احد المسؤولين تبلغ عبد المهدي رفضها لقرار حصر الطيران الأجنبي في الإجواء العراقية بموافقته شخصيا”، لتأتي صدمة بيان ابو مهدي المهندس وقبل ان يتدخل الأمريكان، دعا عبد المهدي لاجتماع عاجل لهيئة الحشد الشعبي استمر ست ساعات انتهى ببيان موقع من رئيسها فالح الفياض، اخبرنا بان المهندس لا يمثل موقف هيئة الحشد، رغم اعترافه لاول مرة بوجود “عمل خارجي مدبر” ضد مقار الحشد، لكنه لم يتجرئ على وصفه بالاعتداء، حتى لا يغضب الأمريكان مرة اخرى، وتناسى الفياض بان “صمت” عبد المهدي كان وراء بيان ابو مهدي المهندس الذي اعلن البراءة منه، لكن القضية لم تنته و”سياسة” الحياد التي يريد عبد المهدي “تجربتها” انجبت فتوى لمقاومة الأمريكان موقعة بعنوان المرجع الديني المقيم في قم السيد كاظم الحائري، لتضعنا امام خلافات جديدة لا نعلم كيف سنخرج منها.‎

الخلاصة.. إن موقف ابو مهدي المهندس وفتوى السيد كاظم الحائري كانتا نتيجة طبيعة “للمواقف المخجلة” لعبد المهدي الذي يحاول التمسك بالمنصب من خلال ارضاء واشنطن مرة والتغني بطهران مرة اخرى، في حين تجاهل سيادته بان موقف الحياد لا ينفع في مثل هكذا حالات لعدة اسباب منها، اسرائيل كشفت عن نيتها بشكل حقيقي فهي لا تريد المواجهة مع طهران على أرضها او في مياه الخليج لكونها تهدد الاقتصاد الأمريكي، انما جعلت معركتها بحسب خارطة دولتها “المزعومة” من جنوب لبنان مرورا بدمشق وانتهاء بجنوب العراق.

سيقول بعض القراء الأعزاء، هل تدعون لمهاجمة اسرائيل، أبدا.. نريد الدفاع عن اراضينا وسيادتنا فقط،، اخيرا.. السؤال الذي لابد منه،، متى يستيقظ مناضلنا العتيد؟