23 ديسمبر، 2024 1:18 ص

عبد المهدي والنفط وكوكب اليابان

عبد المهدي والنفط وكوكب اليابان

مساء أحد الأيام من نهاية سنة 1945 وافق الإمبراطور الياباني هيروهيتو على لقائه بأحد الصحفيين الأجانب، والذي أرسل لمعرفة ما تخطط له اليابان بعد خروجها منكسرة من الحرب العالمية الثانية.

اللقاء جرى في حديقة أحد القصور الإمبراطورية، التي تحيط به صخور سواحل البحر المتكسرة، وكان للصحفي سؤال واحد وهو ماذا ستفعلون الأن؟

أجاب الإمبراطور الياباني وهو ينظر الى الأفق: كما تعلم ليس لدينا سوى هذا وهذا مشيرا الى البحر والصخور.

الصحفي: عفوا سيدي لم أفهم.

هيتو: لدينا العقل والرجال، وهذا ما نحن في حاجة اليه، انتهت المقابلة.

بعدها بعامين، غير الدستور الياباني وتم انتخاب مجلس نواب من مفكري الصناعة والاقتصاد السياسيين، بمباركة من الإمبراطور نفسه، الذين لعبوا دورا مهما وكبيرا في نهضة اليابان بعد أن أحيلت الى ركام بسبب الحرب.

اخذت اليابان تستورد كميات هائلة من النفط الخام من الشرق الأوسط، ومن كافة المصادر التي يمكنها أن تستورد منها.

مقابل أن تبادل اليابان تلك الدول بمنتجاتها الصناعية، لاقت تلك الفكرة الاهمال من مفكري الاقتصاد الغربي في البدء.

لكن سرعان ما اكتشفوا نجاحها.

أذ حول الفكر الصناعي الياباني النفط الخام الى منتجات، كثيرة بفضل تطوير صناعة البتروكيمياويات، ولعب رجال الاقتصاد لعبتهم في تصديرها الى مختلف بقاع الأرض.

 اتفق المؤرخون والمهتمون في الشؤون اليابانية على ان الامبراطور كان أحد الروافد المهمة جدا التي انتشلت اليابان من مستنقع الدمار والاحباط الذي وقعت فيه إثر الحرب العالمية الثانية وجعل اقتصادها أحد اقوى اقتصاديات العالم خلال فترة عهده الباقية التي استمرت أربعا واربعين سنة.

اليوم، يمر العراق بأزمة اقتصادية كبيرة، زاد وطئها على الظرف العراقي وجود عدوان دولي من قبل عصابات داعش الهمجية، لفت انتباهي في متابعتي لأخبار العراق الاقتصادية وتراجع أسعار مبيعات النفط العالمية

تلك الدراسة التي قدمها الدكتور عادل عبد المهدي والمنشورة في شبكة الاقتصاديين العراقيين بعنوان

 (الدولة الريعية…حاجز اساس امام التنمية المستدامة)

وهالني ما وجدت، من مشاريع طموحة ونظريات بالإمكان تطبيق جزء كبير فيها، ينطبق على وضعنا الحاضر، منها في مجال الصناعات النفطية ومنها في المجال الاقتصادي الصناعي النفطي.

وهناك جزء كبير من هذه الدراسة، يركز على صناعة البتروكيمياويات، تحول العراق من بلد منتج مستهلك لمنتجات ومشتقات للنفط، الى بلد مصدر للمنتجات والصناعات النفطية.

بل أن هذه الدراسة تفتح المجال أمام العراق كي يتبوأ، مكانة اقتصادية صناعية رفيعة أمام دول العالم المتقدمة، بالإضافة الى حله مشكلة الاقتصاد أحادي الجانب، وإخراجه العراق من دائرة الضائقة المالية المزمنة.

هذه الدراسة أخذت ترى النور تدريجيا بدعوة السيد عبد المهدي لصناعيي النفط بطرح وجهات نظرهم وعزمه على بناء عدد لا يمكن الاستهانة به من المصافي الموزعة في المحافظات كافة، وإيجاد أكثر من بديل لتصديره.

يرافق هذا كله بطفرة في تصدير النفط العراقي لم تحصل منذ 30 عاما كما أشارت الى ذلك جريدة وول ستريت الأمريكية.

ومشاريع الوزارة الى استغلال الغاز المرافق لعمليات استخراج النفط بالكامل.

أستبشر خيرا بتلك المعطيات، فلدينا النفط والفكر والرجال، كي نلحق بكوكب اليابان.