23 ديسمبر، 2024 4:38 ص

عبد المهدي…التوافق مذلّة!‏

عبد المهدي…التوافق مذلّة!‏

تُعزى أغلب أسباب أزمات الدولة العراقية الى الصراعات الطائفية, القومية, ‏الحزبية, والسياسية؛ ومن أبرز تلك الأزمات: الإرهاب, الفساد, غياب ‏الخدمات, وإخفاق الدولة في معظم الملفات. وطالما شُخّصت الأسباب, فينبغي ‏العمل على التخلّص منها.‏

حكومة عبد المهدي, تشكّلت وفق هذا الأساس, وسبق تشّكيلها مخاضات ‏عسيرة جداً أنّتجت: كتل عابرة للطائفية ولو بشكل نسبي, ومن ثمّ توافقت تلك ‏الكتل تحت ضغط الظروف والإختيار, وحسنّاً فعلت عندما أنهت أو جمّدت ‏صراعاتها, إذ بدت ليست مشخّصة لإسباب الأزمة فحسب؛ إنما عازمة على ‏حلّها.‏

‏ عود غير محمود..!‏

شيطان واحد كمن في جزئيّة ما كان ينبغي التوقّف عندها, فالوزارات لا يمكن ‏إختزالها بإشخاص مهما سيقت من مبررات. الداخلية أصبحت حجر كؤود ‏تعيق مسيرة الوصول لقضاء محتوم على مسببات الازمة (الصراعات). ‏

تمسّك تحالف البناء, بالسيد فالح الفيّاض, يعكس وفاءً لكلمة قطعت مع الرجل: ‏إنشق ولك رئاسة أو وزارة!‏

غير أنّ الوفاء الذاتي وحده ليس سبباً كافياً, فهناك رغبة من خلفها, تقاوم ‏الإنكسار, وهي تحاول أن تقول: أنا لن أهّزم!.. وهذه هي السبب الكامن وراء ‏الإصرار على الفياض, بل ورفض الفتح لمرشحين من الفتح. ‏

العامري وسرالعداء لرفيقه الأعرجي!‏

وكمثال على مرشحين من الفتح, فالسيد قاسم الأعرجي, مثلاً, لا تمانع به قوى ‏الإصلاح بل هي من تدعو لترشيحه. وهذا يعني أنّ الإرادة الوطنية الداخلية ‏قادرة على خلق التوافق, وما يعيق توافقها أحياناً, الإرادات الخارجية!‏

أي أرتباط بالخارج, مهما كان عنوانه, لن يفضي إلى تحقيق مصالح الدولة ‏العليا وإنعكاس نتائج تلك المصالح على شعبها. ولهذا نتيجة: لن يحقق ‏التوافق مصالح الدولة, سوى في حالة واحدة؛ فك إرتباط جميع قواها ‏السياسية والإجتماعية بالخارج. ‏

الأحداث والوقائع تثبت عدم تحقّق هذا الشرط, وبالتالي فأنّ خيار الأغلبية هو ‏الأكثر نجاعة لمواضع الإرباكات والمشكلات في بنية الدولة العراقية, لا سيما ‏وأنّ مباني تلك الأغلبية متوفرة, إذ خرجت من إطارها التنظيري السابق ‌‏(أغلبية عددية لا تراعي الجغرافية والمكونات) إلى إطار جديد, يمكن التعبير ‏عنه بــ(الأغلبية الوطني), فخصوصيات الساحة العراقية تقتضي تحويراً ‏يناسبها في مفهوم الأغلبية. ‏

محاولات إبقاء حالة التوافق قائمة, صعبة جداً, ولعل هذه الصعوبة تقف وراء ‏الأخبار التي تتحدّث عن تأجيل جلسة إكمال الكابينة الحكومية إلى إسبوع آخر, ‏فإصرار رئيس الوزراء على إحداث التوافق مغامرة قد تضعف حكومته, ومن ‏المحتمل أن تبقى الكتلتين الرئيسيتين: الإصلاح والبناء؛ على مواقفهما, لأنّ ‏تنازل أحدهما قد يعني ضمناً, كسر للإرادة. وفي هذا الحال, فأنّ قرار عبد ‏المهدي الشخصي والبعيد عن رأي الكتلتين, يعد حلّاً جريئاً ويمكن أن يؤدي ‏إلى تحقّق الأغلبية الوطنية في المستقبل القريب.‏

قرار لابدَّ منه..!‏

لن تصبحالأغلبية خياراً، وهي شرط من شروط الإستقرار, إلّا بتنظيرات ناضجة. إنّ ‏نظرية “الإغلبية الوطنية” قطعت شوطها الأكبر, عندما إنشطرت التحالفات ‏الطائفية إلى قوى أصّغر ثم أعادت إندماجها وفق تلك النظرية, وبالمحصلة ‏أصبحت الساحة السياسية أمام تحالفين؛ الإصلاح والبناء, يضم كل منهما ‏قوى مختلطة. ‏

الخروج من الأُطر المذهبية المفكّكة للدولة, تحقّق فعلياً. بيد أنّ ضرورات ‏تشكيل الحكومة الحالية وما رافقتها من شكوك وإشكاليات, أفّضت إلى صحوة ‏أخيرة لــ”نظرية التوافق”, تشكّلت وفقها الحكومة, لكنّ الإستمرار بالعمل ‏وفق هذه النظرية غير ممكن, وبالتالي لا مندوحة من إنتهاج الأغلبية منهجاً. ‏

إكمال تشكيلة عبد المهدي, وفق المعطيات الحالية, من الواجب أن يتمّ عبر ‏الأغلبية الناضجة, ومعنى هذا أن يختار الوزراء من خلال كتلة أكبر ومن دون ‏إنتظار للتوافق بين كتلتين, فالخيار الأول ينجي حكومته من الضياع في نفق ‏إرضاء من لا يرضى.‏