20 أبريل، 2024 5:28 ص
Search
Close this search box.

عبد الكريم قاسم وثورة تموز 1958

Facebook
Twitter
LinkedIn

لم تكن ثورة تمور 1958 انقلابا عسكريا غيّر نظام الحكم في العراق من الملكي الى الجمهوري ، بل هي ثورة جذرية قلبت موازين القوى في الشرق الاوسط الذي كان يتجاذب فيه الصراع بين دعاة القومية والديمقراطية الغربية . ولعل الزعيم عبد الكريم قاسم من اكثر شخصيات الثورة جدلا ،فمن نعته بالشعوبية ،واخر وصفه بالدكتاتورية ، ولكن لم يجرؤ احد على اتهامه بالعمالة لاية جهة سواء كانت شرقية ام غربية حتى من اشد الناقمين عليه ، لان قاسم من خلال مدة حكمه التي زادت على اربع سنوات ، ضرب نموذجا حيا في الوطنية  استطاع ان يحول مسار العراق في اتجاه يجعله بعيدا عن المؤثرات الخارجية ، فكانت تصرفاته وطنية 100% برغم الاغراءات التي قُدمت اليه من هنا وهناك لانقياده الى قطب معين ،ولكن الرجل وجد ضالته في عراقيته التي جعلها الاساس في كل تحركاته الداخلية والخارجية . 
بعد اكثر من نصف قرن من ثورة 1958 مازال العراقيون يتذكرون انجازات هذا الحدث الكبير ولاسيما الطبقات الوسطى من العمال والفلاحين ،وكيف استطاعت الثورة الفتية رغم المؤامرات ان تقدم الكثير حتى انقلاب 1963 ؟ حيث ان معظم الانجازات كان مهندسها عبد الكريم قاسم ، الرجل العسكري الذي كان يعتقد بعض اعدائه انه سيحول العراق الى ثكنة عسكرية واحكام عرفية ،ولكنه استطاع ان يغير الكثير من الاشياء في العراق نحو الاحسن.
لماذا اخُتصرت ثورة 1958 بشخص الزعيم قاسم برغم ان قيادة الثورة كانت مؤلفة من عدد كبير من الضباط ؟ جواب هذا السؤال يكمن في تصرفات هؤلاء الضباط التي ظهرت بشكل جليّ بعد انتصار الثورة وثباتها حيث بدأت النرجسية تدب في مفاصل بعض الضباط لدرجة انهم تآمروا على الثورة نفسها مع قيامهم بتحركات مشبوهة للاتصال ببعض القوى الخارجية لاستمالتها وطلب المعونة منها . كانت الغاية التي تحرك بعض الضباط من قادة الثورة ورفاق الامس هي الوصول الى سدة الحكم حتى اذا كان على حساب المبادئ التي جاؤوا من اجلها ،و(الغاية تبرر الوسيلة) . وفعلا وصل هؤلاء الى الحكم بطريقة انقلابية ولكن ماذا قدموا للعراق فترة حكمهم التي لاتقاس الى السنوات الاربع الى تربع فيها قاسم على القلوب محطما رقما قياسيا في الانجازات لدرجة ان البعض حاول نسبتها لنفسه ؟ التاريخ برغم ضبابيته في بعض الاحيان والشواهد الكثيرة كانت تقول ان رجلا واحدا يقف على الكثير من الانجازات لدرجة ان اعداءه لم يتركوا له قبرا ينام فيه  حقدا ، وحسدا ، وانتقاما ،ربما كلها مجتمعة ، لاعتقادهم ان مثل هذا الفعل قد يمسح ذكراه من عقول العراقيين . وقد توهم اصحاب هذه النظرية  لان من آمن بهذا الرجل كان  قد نصب له سرداقا في قلبه وبكاه بكاء الثكلى.  

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب