بعد رحيل شهيد المحراب الخالد(قدس) في الأول من رجب، خلال صلاة الجمعة في الصحن الحيدري الشريف، تحمل السيد عبد العزيز الحكيم ثقل التجربة العراقية بكل تبعاتها، فكان له الدور البارز في تثبيت بناء الدولة.. وكان أول حديثه
عن ما تعيشه بغداد من تدخل الدول الإقليمية، التي لا تريد الإستقرار للعراق، وأن الدولة الجديدة، يجب أن تحوي كل الأطياف دون تهميش أيّ مكون.
شَهدت له الساحة الدولية بالحضور الدائم في محافلها، ولم شتات المعارضة، فكان الحدث الأبرز مؤتمر لندن للمعارضة، التي أثبتت وجودها قبل ذلك بكثير، بمقارعتها النظام البائد، فهي كانت المعارضة المسلحة الوحيدة على الساحة، ويحسب لها حساب، من قبل نظام البعث..
من يُراجع الأحداث يتذكر أن القوات الأمريكية، كانت متوترة جداً من دخول المجلس الأعلى بسلاحه، وقد إتخذت إجراءآت صارمة بحق المجاهدين على الاّ يدخلون مسلحين، خوفاً من تأثيره ومقبوليتهم على الساحة العراقية، وبين الناس لدورهم الجهادي.
كتابة الدستور على عجل من السمات الأبرز في تلك الفترة، والتعجيل بتكوين قوات قادرة على مسك الملف الأمني كان له الاثر البالغ، مع ما تعانيه بغداد بتلك الفترة من خلايا البعث وتنظيم القاعدة، الذي لعب دورا بارزاً بتأخير كثير من المشاريع، وجعلنا ساحة للتصفيات، وهذا أثّر كثير باستنزاف مالي واقتصادي، والأسوأ هو التضحيات بالتفجيرات اليومية، وكل ذلك كانت تقف خلفهُ جهات تسعى، لتعزيز وجودها في العراق لمدة أطول .
الدور الكبير الذي لعبه الراحل، بتشكيل حلقة ما بين المواطن من جهة، والسياسيين والمرجعية من جهة أخرى، وبدورها ثمنت المرجعية دوره الجهادي الذي شكل اللبنة الأساسية لجيش، إستطاع إدارة الملف الأمني، بعد حل الجيش العراقي، وكانت فترة صعبة جداً مع التخريب لمعدات الجيش.
فقدناه بوقت كان العراق بأمس الحاجة لوجوده، وكان بإستطاعتهِ لما يملكه من جمهور الإستحواذ على كل شيء، وتشكيل حكومة قطب واحد، لكنه آثر على ذلك التضحية، لفسح المجال لباقي الأقليات والمكونات للمشاركة الفعلية، وحثهم على ببناء الدولة،
مما لا يمكن نسيانه وقوفه كالطود، مقابل الحرب الطائفية بعد تفجير العسكريين، بدعم من المرجعية، وإخماده تلك الحرب التي لو تركت لوحدها لدمرت الأخضر واليابس.
رحل الرجل جسداً.. لكنه باقي معنا بأفعاله وأفكاره.، وحسن صنائعه التي لن تنسى.