23 ديسمبر، 2024 12:12 م

عباس عبد جاسم و تحنيط المعالجة الإجرائية

عباس عبد جاسم و تحنيط المعالجة الإجرائية

قراءة في دراسات ( جماليات الخروج على سلطة النموذج )
عندما يتسنى للقارىء مطالعة ما جاء به منجز دراسات

( جماليات الخروج على سلطة النموذج ) للأستاذ الأديب

عباس عبد جاسم ، سرعان ما يتبين للقارىء حجم ما عليه

فضاء متانة المنظورية الأسلوبية و الملفوظية و المنطوقية

في مجسات تعامل دال الرؤية المفهومية و الإصغائية و التساؤلية لدى درس هذا الكاتب و في مقتربات مباحثه الانعطافية في معاينة الدرس النصي الكامن في مشهد بيانات

علاقات النص نفسه إزاء آلياته المنخرطة في أفق إمتلاك

الموعظة المعقولية و السببية و سلطانها اللا مبرر في حمولات ظاهرة الكتابة الثقافية المجردة في منافذ انجازية منطقة اصطلاح ( ما بعد الحداثة ) و ثمة اشارات و مقروئيات و حضوريات و غيابات عديدة في أفق طرحية زوايا و بنيات هذه الدراسات الثقافية الخاصة بمجال حقل

إجرائية النقد الشعري .

( المتن الادواتي و إجرائية الأفق الرؤيوي )

بدءا عند معاينة دراسة ( حركية المغايرة الشعرية /

شعرية القصيدة بوصفها نظرية شعرية ) يتجلى لنا مفهوم

شطر مواجهات الباحث في أفق أمكانيته البحثية و كشفه

لمستويات و تعاريف الإقامة في نظرية الرؤية المفهومية

المحدثة و المختصة بمهام وظيفة النظرية الشعرية حيث

يقول الباحث ( و لغرض إقامة الأدلة على شعرية القصيدة

و الاستدلال على نظريتها الشعرية بالملاحظة و المعاينة

النصية ـــ تفترض هذه القراءة : 1ــ إن للقصيدة قوانين

عمل جديدة بحاجة الى فهومات جديدة 2ــ ثمة إنفصال شعري عن سياق تاريخي بأتصال جدالي معه 3 ــ إن

شعرية القصيدة مشروع نظري يتأسس بوعي الحداثة

و ينفصل عنها بحساسية نص ما بعد الحداثة ) لا أعتقد

إن في قول الأستاذ عبد جاسم ثمة استنتاجية ابتكارية

حديثة أو حداثوية ما ؟ خصوصا و أننا نعلم بأن القصيدة

الحديثة أي ما بعد الحداثة لا تنفصل و حدود معيارية الفكرة

الموضوعية و الابعاد النظرية لشاعريتها المفهومية و الجمالية .. لكن ما حدث في قصيدة الخروج عن الاتباعية السائدة هو ذلك الضرب من تعددية المعنى و الإزاحة و التجريد و التصوف و الإيحاء في تشغيل مساحة الدال و اقتناصه داخل مخيالية انفصالية عن حدود التحويل و التعديل

الشكلي و معالم الاقتباس و التأثير و المغايرة و الإضافة ..

إن مبحث فرع دراسة ( حركة المغايرة الشعرية ) إحاطة شبه شاملة حيث تذكرنا بموارد معالم الحداثة و التفكير الإستنساخي الذي يعتمد بدوره صنيع و خلفية ( المفكر التوليفي )الذي يسعى جاهدا للوصول الى المقدمات الاستقرائية بلا قواعد تمهيدية أو مدخلية لفسحة علاقات الخاص بوظيفة العام أو بوظيفة بؤرة العلاقات الإجرائية

المتكاملة التي من شأنها أولا و أخيرا غربلة أجزاء عضوية

الحالة الموضوعية و الأدبية و الجمالية في النص . أن نمطية

دراسة ( حركة المغايرة الشعرية ) تبدو رؤية مضنية يعوزها فعل الأستجابة الإجرائية المعرفية الخاصة من أجل ماهية الربط بين فصل الشعر و مدروسية حالة الفكرة الشعرية .

لعل من أدق التشخيصات و أجملها في هذا السياق هو ما ذهب إليه ( جيل ليبوفيتسكي ) بقوله ( أن حركة ما بعد الحداثة تبدو تعميما ديموقراطيا للحداثة أو دفعا بها الى حدودها القصوى ) و بعضهم يراها مرحلة لا تقع خارج الحداثة أو ما بعدها و أنما هي أقرب الى أن تكون محض مراجعة لمفهوم الحداثة نفسها .. و بسبب هذا التداخل الجدالي

و المفهومي يمكن تفسير منجز دراسات ( جماليات الخروج على سلطة النموذج ) على أنه يشكل بذاته مرحلة من مراحل

الاستعمالات التعقيبية في شؤون ترويج المصطلح و المفهوم

بقصد إنشاء التنويعة و الشكل المضاف الى نماذجه المبحثية

النسقية .. مؤكدين ان ما بعد الحداثة في كافة جوانبها ما هي إلا صورية إمتدادية للبرنامج الحداثي في جل ردود أفعالها

الأخرى .

( القراءة النسقية و فكرة سلطة المقصود )

بملاحظة بسيطة يمكننا القول أن القصيدة منظومة صورية

و علامية تنتظم من خلالها المقولات الدوالية مع مفهوم أيقونة البناء الداخلي و الخارجي ، حيث تبدو مواضعة كلامية خاضعة في كل صورها الى جهة إرتباط الجزء بالكل .. و بالنسبة للسيميائيات الشعرية فأن النص الشعري فيها هو قبل كل شيء بنية تركيبية من العلامات اللغوية وهو بمثابة الحاوي الشكلي حسب ما قاله ( رولان بارت ) و هذه البنية

في الوقت ذاته تشكل ضربا من ضروب الدال مع صوته و مدلوله و مساره التعددي . و تبعا لهذا السياق تعقبنا ما حاول

الوصول إليه عباس عبد جاسم من خلال مبحث دراسته التي جاءت تحت عنوان ( قصيدة الجملة الشعرية / حمولة الدلالة)

حيث قال في أحدى فقراتها : ( تنتمي الجملة الى نص و أن تكتفي نحويا .. يعني إن هذه الجملة لا تنفصل عن سياق تعمل به و بدون سياق لا يمكن تحديد بنية جملة من الجمل لأن السياق هو الذي يحدد قوانين عمل الجملة .. أما ما تنتجه الجملة من دلالة فهو مستقل عن السياق الذي تعمل به ولكن

ما تنتجه الجملة من دلالة يفترض وجود طاقة تعبيرية خاصة موازية لحمولة هذه الدلالة ) أن ما يتحدث عنه الأستاذ عبد جاسم في مبحث دراسته هذه هو التنويه و الاشارة حول مقام بنية الجملة في المتصور التركيبي الخاص في سلطة تمظهرات مواضعة الجملة في علامات سياق مقولة الدلالة و كيفية فعل خصوصيتها داخل حيوية حمولات العملية المقصدية الجامعة في النسق التواصلي الممتد بين المعنى المستقل و بين إستقرائية علاقة النسيج في جملة معاييره المختزلة في مرسوم فاعلية الجملة ذاتها في الإزاحة و الوصول الى معنى كفاءة الدلالة الرسمية في النص .. ما يهمنا في نواة هذا المبحث هو الكيفية و الاستعمال و المنظور و الاستفهام وألاهم من كل هذا الواقعة الإجرائية للنصوص

( و لكن ما يحدث عند إزاحة قوانين عمل القصيدة بقانون عمل الجملة الشعرية ؟ إذن هل بإمكان طاقة الجملة المؤسسة على تكثيف المطلق الشعري فيها تقوم مقام القصيدة فيها في تحقيق المعنى الشعري فيها أو إحتواء شعرية الدلالة لحظة

الحمل ؟ و لكن علام يتوقف تشغيل الجملة : على وحدتها المعجمية أم على وحدتها اللغوية أم على وحدتها النحوية أم

على الرؤياوية ) أن عباس عبد جاسم من خلال فقرات كلامه الاستفهامي هذا ، لعله يحاول ان يفترض المؤولات الفعلية في دال الجملة الشعرية ضمن مؤشرات طاقة إظهارية مجسدة للشكل الصرفي على حساب حقيقة تراكيب الأدلة العاملة و دورها في الحالة الشعرية مثلا و المصدرية و التابعية لنسق

المتبدي من مؤول النص مثلا . و على هذا الاساس وحده وجدناه يمطط مباحث دراسته بمشاغل الجملة و مظهر الجملة و مراحل آليات النحو في القراءة الإجرائية .

( نقد ما بعد الحداثة و منهجية التبئير المنظوري)

لقد ادركنا سلفا و منذ تنظيرات و تطبيقات ( جوليا كرستيفا )

أهمية تكاتف آفاق المواصفات المنظورية في آلية معاينة رؤى و أبنية دلالات النصوص الأدبية ، بيد أن القارىء لها أي لتلك القراءات النقدية التي كانت تقوم بها كرستيفا و أيكو للفنون و الأداب ، و كأنها مجاهيل لغوية و مفهومية و معيارية و تجريدية لنقل صحة إجرائية دوال النص و شعابه ، بل هي بالأحرى لنا تسميتها ( إنفجار الناقد / أزمة النقد )

وهو يحمل في رؤاه أحجام طوطمية غريبة من التحاليل الدلائلية التي تبدو غير محسوبة كدرس إستقرائي نقدي

أصلا . هذا بإيجاز ما عثرنا عليه في فرع دراسة ( كونية القصيدة / شفرات الرسالة / سامي مهدي و مؤدياته الشعرية

لأواليات الخطأ البدئي ) ونحن نطالع مثل هكذا دال مبحثي و هكذا عنونة جفرية لربما لا نشعر بغير السقوط و الانتظار

على أرصفة أحداث و تبدلات محطات مسار انتاج العلاقة ما بين منظور / حداثة / اختزال / تيه / ثم بالتالي الانفتاح على حس زمن التخلي عن نشوة القراءة الإجرائية و جلالة جمالية

( يقظة التنظير ) و تمنحنا هذه الدراسة حول عوالم سامي مهدي مجالات من المباحث اللسانية و النحوية المفرط بإدارتها من قبل عباس عبد جاسم . و في مفتتح الدراسة

يقول عبد جاسم مثل هذا الكلام حول شعرية سامي مهدي

( لقد تهيأ للشاعر سامي مهدي الموقع و الاختيار في كيفية

الخروج بالشعر الى مطلق كوني و خاصة بعد أن حددت

فاتحة الزوال موقع الشاعر من كونية العالم من جهة و أختارت الخطأ البدئي ــــ المسكوت عنه ــــ في المروي المكتوب بؤرة شعرية لأنبثاق كونية القصيدة في مراثي السابع من جهة ثانية .. و بفرضية أولى أن كان هدف الشعر هو رؤيا العالم أو معرفة العالم كما يقول لوتمان فأن شعرية الخطأ البدئي ذات رؤية شبه فلسفية للعالم ) على حد تقديري و اعتقادي الشخصي أجد علينا من المناسب البحث و التقصي الموضوعي الجاد في مسمى ودال ( النص الكوني ! ) أو الشعر الكوني ! أو الشاعر الكوني ! أو أو الشاعر الفيلسوف! فهذه التسميات في الحقيقة لا أجد لها من وازع موضوعي ما

أو ثمة معيارية ما مصدقة في ميزان مصداقية و معقولية جل معايير و مفاهيم العالم المعرفي و الثقافي ؟ يا ترى ما يقصدون بالكوني ؟ هل ممكن أن يكون هو الشاعر صاحب الرؤيا الماورائية للغيوب اللامرئية مثلا ؟ أو لربما أن هذا الشاعر مثلا أضحى ملاكا سماويا كأسرافيل و جبرائيل و ميكائيل يقول الشعر بدلا من تسابيح الرب الجليل ؟ لقد حاولت تكرارا و مرارا و تباعا أن أجد ولو لوهلة واحدة هذا

النص الكوني أو الشاعر الكوني فلا أدري أين هو و أين يسكن و أين ينام وممن تزوج هذا الخارق الكوني ؟ أو في عصا موسى أم في حوت يونس ؟ أم في الحجر الأسود في

زوايا الكعبة ؟ أنا لا أدري ولا أعلم ما سبب كل هذه المسميات (الزالفة) واللا معرفية في مصنفات دراسات

النقاد و الأدباء ؟ على حين غرى أن هذا الأمر لا يحدث

مع نصوص شعراء غير سامي مهدي و حميد سعيد و الفلسطيني خالد علي مصطفى في نصوصهم السماوية المقدسة ! أنا في الحقيقة لم أسمع أو أشاهد أو أقرأ عن ناقد عربي قال عن سامي مهدي بأنه ( شاعر كوني ! ) كما و لم أسمع عن باحث لم يتسنى له العيش في تلك الأزمنة الغابرة

من الدكتاتورية من أن حميد سعيد شعريته تتعدى ما وراء أفق

شعرية دوال المتشيئات الكونية في العالم الأرضي ولا من جهة ما بأن أحدهم كان فيلسوفا شعريا خارقا . في الحقيقة عندما قرأنا لسامي مهدي ( الزوال ) وجدناها نصوص سردية شعرية حاذقة في كل أبعادها الدلالية الراسمة لمهام وظائفية الدليل الشعري الناجع ، و هذا الأمر لا يعني بأن لهذا الرجل في كل ما قيل عنه و عن شعره و ما سمعنا عنه من خرافات و خربشات من أفواه من كان لهم معه سبق المنفعة والجاه و الكرامة السلطانية .. فسلاما لك سامي مهدي لأنك كنت رغيفا ساخنا في بطون الجياع و اللاهثين وراء حب الدراهم و الظهور الرخيص ؟ .

( تعليق القراءة )

مع أحتمالية الغموض و الاسراف و التهويل في دراسات

( جماليات الخروج على سلطة النموذج ) قد يحق لنا القول

بأن مستوى دراسات الاستاذ عبد جاسم لم توفر المساحة الإجرائية الكاملة للنصوص المدروسة ، بل أنها حصرا أي

الدراسات جاءتنا عبارة عن كميات ثقيلة من الفرضيات اللسانية و المنظورية و الأخوانية في مقاربة متون النص

.. و في مثل هذه الحالة فأن ما قرأناه من دراسات الأستاذ

عبد جاسم ما يعد بعيدا كل البعد عن ادوات و وعي و فراسة

و نظرية الإجرائية النقدية الشافية ، و ذلك بحكم أن جميع دراسات الكتاب كانت تخص العناية بعلوم اللغة و النحو و

الأوفاق و التخطيطات الفرضية و التي تذكرنا في الوقت نفسه

بقاعات قسم ( اللسانيات ) في قاعات الجامعة الدراسية .. أن كتاب دراسات ( جماليات الخروج على سلطة النموذج ) يشكل خطاطات إجرائية غريبة لا تخلو من خيال جموح الرؤية الثقافية و المعرفية في أحوال النص و مراكبه و لكنها في الوقت نفسه قد حلت بروح المسافة اللاإجرائية بين الناقد / النص فإذا كانت مقاربات ما بعد الحداثة تبدو بهذا الشكل الذي لا يهتم إلا بكيفية إطلاق المسميات الكونية و الطلاسم التصوفية الخاطفة على روح و أشباح النصوص ، فأرى من الضروري أن نبقى على مفاهيمنا الثقافية التي أكتسبناها من قراءاتنا النقدية السابقة التي ارشدتنا بأن هذا الجنس هو رواية و ذلك الجنس هو قصة قصيرة . و هناك نظرية و بالمقابل منها يوجد التطبيق لمعارف الافكار المعرفية النقدية . أن نظرية ما بعد الحداثة لربما من شأنها ان تجعل من شكل تعابيرنا الأدبية و الثقافية على نحو من جماليات الخروج الى شعورية سلطة التحنيط و الشواذ المعرفي في قراءة النص الأدبي و الفني .. و في الأخير أقول للأستاذ الصديق عباس عبد جاسم أن دراسات منجز ( جماليات الخروج على سلطة النموذج ) ما هي إلا محاورات مبحثية مغلقة مع ذاتها ولذاتها ، ولا تشكل في الحقيقة أي قيمة حافزية في مشهد الرؤية النقدية الإجرائية الجمالية ، بل أنها دراسات جاءت لتستعرض

جملة من الأسماء السالفة و إقامة حفل ما لأستحضار الأرواح و الضغط بالأصابع على طاولة الأبهام و التلميح وصولا الى علاقات كائن شبه نقدي كل ما يعنيه إيصال نشيد حب الى شخص سامي مهدي وحميد سعيد ، و إلا أين ذهب من دراساتك ( ما بعد الحداثة ) أدونيس و محمود البريكان و عدنان الصائغ و عبد الرزاق الربيعي و عبد الكريم كاصد و طالب عبد العزيز و عقيل علي و جواد الحطاب و موفق محمد و عباس بيضون و أديب كمال الدين ، سبحان الله أليس هؤلاء شعراء جديرين بالدرس و المعاينة و التقويم ؟ فقط القصيدة الكونية وجدتها على أبواب جمهورية سامي مهدي و غابات ماوراء الشعر حصرا في قصائد حميد سعيد ؟ سبحان الله ؟ وياللخيبة .

( خلاصة قراءة )

على أية حال اتمنى من كلام مقالي هذا أن لا يحسب بمأخذ التقريع و التجريح و العدوانية على شخص الشاعر المبدع سامي مهدي و حميد سعيد فأن شخصيا قزم في حضرة إبداعهم الشعري الكبير ، كما و أتمنى أيضا أن لا يحمل معنى كلامي بمحمل الاستهانة و التهكم بمنجز و قيمة دراسات الأستاذ الروائي و الناقد المبدع عباس عبد جاسم . و لكن فقط أردت توضيح مسألة نابعة من مكامن وجهة نظري الشخصية حصرا ..و زيادة على ما قلته أقول للأستاذ عباس عبد جاسم : إن الألمام بالمصطلح و الذخيرة الملفوظية الرشيقة أحيانا لا تزيد من حجم متانة البحث النقدي إذا كانت غير مزودة بمقادير استدلالية مشبعة بمعايير تسجيلات الحالات النصية

التشكيلية . و ما قرأناه في متن بعض دراسات

( جماليات الخروج على سلطة النموذج ) لا تكاد ان تتعدى

موضوعة ذروة التأثير بعوالم أصطلاحية الدراسات النقدية المترجمة الخاصة بتقويمات مفاهيم ( مابعد الحداثة ) فأنا على حد تقديري لم أجد ثمة خروج حقيقي على سلطة النموذج النصوصي في دلالات مقارباتك الثقافية و النقدية و حتى ممن أنتقيته من نماذج نصوصية تابعة لشعراء من الجيل الحداثوي ، بل بالعكس لم أشاهد سوى نصوص شعرية مشحونة بأقنعة

الإبهام و التجريد و الغموض و السريالية اللامنظمة . أما ما يخص مستوى مقولات النقدية لتلك النماذج فقد جاءت مفبركة

بإحالات و مؤشرات و رؤى و تفاسير و مؤولات لا تناسب

واقعة النصوص ذاتها .. كان من الأجدر بالأستاذ عباس عبد جاسم أن لا يغور طويلا بسفره الطوطمي بحلم خطاطة مابعد الحداثة ،بل كان من الأجدر به ان يهتم بدور محددات و محمولات رؤية النص في شكله الإيحائي و القصدي و الأنطباعي و الحلمي و النفسي .. بدلا من تلك الإبحارات الكلامية و الصياغية و الملفوظية التي سلخها عبد جاسم بلا أدنى نتيجة أقناعية و قبولية و مفهومية سليمة .. هناك في مستوى أمكانيات التدليل السيميائي لدى عبد جاسم ثمة مسارب يشوبها الحس الأختلافي و المفارق في السياق المقصود من المعنى الدلالي .. كما و هناك قراءة نصية لا تحاول عرض و معالجة جميع أحوال النص و معطياته الاسلوبية و الموضوعية و البنائية و التقنية ، و هذا ما يؤكد لنا بأن علاقة الناقد مع النص كانت شبه توليفية أن لم تكن

( مستحضرات مصدرية ) كل همها لحظوية أبراز المشفر و الجرد و فخامة الأصطلاح اللامبرهن .. ولابد من التمييز

هنا في منجز عباس عبد جاسم بين القراءة النقدية الإجرائية و بين الخروج عن المعيار الأسلوبي و المنظوري في مقاربة النصوص معرفيا .. أن الحديث عن أيقونة ( ما بعد الحداثة) التي خصها الأستاذ عبد جاسم في مسمى تمظهرات عنونة

منجزة و قد منحها في الوقت نفسه طابع (التحنيط النقدي )

و الدلالة المبحثية المخالفة لشروط و قواعد المعالجة الإجرائية النقدية الدالة ، حيث بدت مقارباته للقارىء و كأنها بنيات لغوية صماء لا تشكل في ذاتها دخولا مفيدا في مفهوم

مقاربة أجزاء النص و كشف حالاته الدلالية و مداليله بطريقة

المعالجة القرائية الهادفة في وضع تأويل متسق لحياة النص الشعري .. من هنا أسوق مقولات خطاطة مقالي هذا حتى أكون قبل غيري واعيا ما أمكن بحدود واقعية و وثوقية مجال استيعاب ماهية المقاربة للنص الأدبي و كيفية مساءلته وحدودها في الظرف الذي لا يجعلني أخشى كابوس الأنجراف وراء شعارية أوهام مدن مابعد الحداثة و ما شابهها من شروحات تنهي زمن مقدمات النقد ومنطوقه وسلطته و شرائطه و انطباعيته الجادة في فضاء حيويةعلاقة الناقد بالمنقود .