في طريقي إلى مطار بغداد الدولي تأملت طويلا تمثال عباس بن فرناس.هذا المخترع الأندلسي الذي عاش في القرن الثامن الميلادي ويعتبره المسلمون أول طيار في التاريخ، وتساءلت لم نحتفي ونمجد الآخرين ونتناسى إننا بناة الحضارة وأصحاب قصب السبق في اغلب العلوم ومنها علوم الطيران .انه لأمر مذهل حقا إن الكثير لا يعلم إن السومريون وقبل ستة ألاف عام نظموا رحلات فضائية جابوا فيها الفضاء وقطعوا مسافاته ومروا بكواكب المجموعة الشمسية وكشفوا عن اسرارالفضاء بأكثر مما أنجزه الإنسان المعاصر !
اليوم الناصرية تستعيد الق الماضي بإحياء فكرة بناء مطار مدني على تخوم زقورة أور يحاكي أمجاد ارثهم السومري المجيد . إذ إن نظام النقل الجوى قد غير مفهوم العالم بالنسبة للإنسان و قد قرب المسافات بين أرجائه و جعله قرية صغيرة و هذا تطلب وجود مطارات تتناسب مع هذه الحركة المتعاظمة .و أصبحت المطارات من أهم المنشات التي يجب أن تتواجد في كل مدينة كبيرة او صغيرة تريد أن يكون لها اتصال بالعالم و أصبح من الصعب بل من المستحيل أن توجد مدينة في العالم مهما بلغ ضعفها و فقرها لا يوجد بها مطار دولي. وهو المعبر الأول والصورة الأولى التي ترسم عن ظروف الدولة الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية لأنه أول شيء تقع عليه أعين الزائرين للدولة .
لقد افرح أبناء ذي قار إن أعلن يحيى الناصري محافظ ذي قار إن مشروع مطار الناصرية المدني دخل حيز التنفيذ وبوشر بتوفير المتطلبات الفنية لإنجازه وتشغيله.
إن فكرة اقتسام قاعدة الإمام علي الجوية وبناء وترميم مطارها المدني على احدث الأسس وتزويدها بأرقى الأجهزة التكنولوجية لهي ابسط حق من حقوق هذه المدينة العريقة عرفانا لسخائها وكرمها …. فبكل أسف يقول التاريخ إن كل الذين حكموا العراق استغلوا مدينة الناصرية وثرواتها وهي المشروع الدائم للفداء والشهادة ومحرقة الحروب لأبنائها . الناصرية النخلة الباسقة التي يجنى الآخرون سعفها ورطبها وماتعافة النفس يجنيه أهلها. والتي تحولت من مدينة مسالمة في أوائل السبعينات إلى مدينة حرب وتم تحويل أقدس بقعها ارض سومر وحضارة أور إلى مطار عسكري للطائرات الحربية مع الاستيلاء على جميع الأراضي المحيطة بها بثمن بخس وبلا ثمن وبناء المعسكرات في محيطها .
لقد فتحت طاقة الأمل من جديد …وليس بعيدا إن نرى اسم مطار الناصرية يتصدر شاشات صالات الاستقبال والمغادرة في مطارات العالم .وبهمة أبناء الناصرية الاصلاء وسعي حكومتها المحلية سيكون ذلك قريبا .لكن (بروح أبوكم) ..ضعوا لنا في بوابة مطارها تمثالا سومريا تزين خلفيته المجموعة الشمسية التي اكتشفها أجدادنا قبل 6500سنة .ولا تضعوا تمثال عباس بن فرناس الأندلسي الذي بالتأكيد لم يطر من الناصرية .