ما من شك ان السيد العبادي لاعب جيد وهو يجيد اللعب كسابقه ، ويعرف كيف يحرك البيادق دون ان يتأثر بسمعته السياسية ، او يترك اثراً معكوساً على مساره السياسي ، ولهذا يمكن تصنيفه بالمقتدر السياسي الذي يتجنب التقليد في اجراءاته السياسية ولا يعتمد الترويج لبضائعه السياسية لكي لا يغوص في بحرها المضطرب…
اذن هذا هو العبادي الذي لمسناه عن قرب منذ فترة قصيرة ووقفنا على تدابيره السياسية التي يحاول من خلالها احتواء الازمات العاصفة بالبلاد التي وضعتنا في مصاف الدول المضطربة التي لا تقدر ان يرفع عن نفسها ضربات زمنها الموجع وتدافع عن وجودها كدولة لها مكانتها السياسية والاقتصادية في المنطقة…
ولهذا فبغض النظر عن ما يراه لبعض في شخصيته السياسية ايجاباً فنحن على عكس منه ، فالأمور السياسية والاقتصادية قد تعقدت في عصره اكثر و اكثر، وأصبحت موجة هجرة الشباب تأخذ منعطفا خطيراً بحيث تحول الى كارثة سياسية لها تداعياتها المؤثرة على مجمل الحياة الاقتصادية والسياسية في البلاد بسبب كون الشباب عماد المستقبل ودافعه القوي الى امام وهم القدرة للنهوض بواقع الحياة السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، ناهيك عن الازمات السياسية الاخرى التي تهدد الكيان السياسي في العراق ، وإزاء هذه المشاكل المفتعلة نجد الدور الضعيف للسيد حيدر العبادي لا يتناسب مع حجم التهديدات التي تواجهه ، معتمداً على التصريحات الغير المجدية من الناحية العملية ولا يرتقي الى مستوى المطالب الذي يطرحه المتظاهرون اثناء مسيراتهم الضخمة اتي تجوب بغداد والمحافظات العراقية الاخرى، وهذا يعني من الناحية الفعلية ان الشارع السياسي العراقي يعيش في وادي والسيد عبادي يعيش في وادي آخر، بدليل ما يسمى بفوضى الاصلاحات السياسية التي يبناها العبادي كوسيلته لاحتواء ازمة المتظاهرين التي بدأت يكبر كل يوم باتجاه ما يثبت مطالبيهم دون ان يتحول المطالب الى رحيل النظام، لذلك فان العبادي بدأ يتخبط في اجراءاته الاصلاحية ويتاخذ جملة من القرارات السريعة دون ان نجد قرارا واحدا قد اخذت طريقها للتنفيذ او لملم بعضا من جراحات هذا الشعب المبتلي بحقد داعش الارهابي وفساد مسؤوليه في دولته المنهارة ….
وما نجده على ارض الواقع يدفعنا الى القول او دولة حيدر العبادي قد فقد المبادرة تماماً ولم يعد بمقدوره ان يتكبف مع هذا الكم الهائل من الازمات الذي يفرض نفسه مع الوقع العراقي المتأزم ،ولهذا لم نجده يتخطى حدود المعقول في اجراءاته الاصلاحية المطلوبة ، ولم يستطيع ان يقنع الشارع العراقي بصواب رايه ، بل العكس كان صحيحاً ،خصوصا حين بدأت المظاهرات تنتقد صراحة هذه الاجراءات وتحذره بتحويل المظاهرات الى غصيان مدي شامل تشل من قدرته على المواجهة ، بمعنى ان الشارع العراقي بدأ يشمئز من خطوات العبادي ويتهمها باللامبالاة للمسوؤلية الوطنية وعدم ادراكها وما ينبغي تقديمها للوطن والمواطن على حد سواء ، وان الاستمرار بتفويت الفرصة هي من الاخطاء الكبيرة التي سيكون لها ثمن باهظ اذا بقيت الحالة على ما هو عليه الآن ….
اذن ..فان السيد حيدر العبادي مطالب ان يكون أكثر جراءة في اتخاذها للقرارات ، و يتجنب الانكماش على الذات ويتحرر من الخوف لكي يكون اداءه اكثر فاعلية في معالجته للفساد والفاسدين ، ومطالب ايضاً بتحويل كل ملفات الفساد اى القضاء وفضح الفاسدين مهما كانت درجاتهم الوظيفية ليتسنى للغلبة من ابناء هذا الشعب المظلوم ان يتنفس بحرارة ، و يلملم جراحاته بضميرصادق بعيد عن الضغوطات السياسية والنفسية التي كانت سبباً مباشراً لعذاباته الطويلة….
وصفوة القول ان حكومة حيدر العبادي قد فقد زمام المبادرة من أجل الحلول ،وان كل ما يقال عن حزمة اصلاحات هو هواء في شبك ، ولا يدور الا في حركة فراغ فيما المتظاهرون يجوبون الشوارع على أمل حل لمشاكلهم وعلاج لازمات التي بدأت تنخر الجسد العراقي من كل صوب…..