عبادتك وعيالك وعيادتك.. وصية الشيخ علي المحمود إلى ابنه الدكتور سعد الخطابي

عبادتك وعيالك وعيادتك.. وصية الشيخ علي المحمود إلى ابنه الدكتور سعد الخطابي

ما زالت الثوابت في العادات والتقاليد لدى أبناء المجتمع الريفي تسير معنا بكل مناسباتها الاجتماعية وما زالت جزءًا من الأعراف والتقاليد التي تربينا عليها، ولابد لنا أن ننقلها لأبنائنا من بعدنا. ما أجمل الكلمات أحيانًا عندما تكون نابعة من قلب ذلك الأب العارف بأمور دنياه وكل ما يحصل من حوله. ورغم أننا نعيش في زمن الذئاب والوحوش البشرية أحيانًا، إلا أن الحكمة في وضع الموازين الصحيحة تجعلنا في طريق الدراية والسلامة الذي نضع فيه خطواتنا دومًا نحو مستقبل آمن لنا ولعوائلنا.
 أستعرض في هذه المقالة اليوم وصية أوصاها شيخ شجاع إلى ابنه الطبيب، أوصاها الشهيد علي المحمود إلى ابنه الدكتور الأخصائي سعد الخطابي، ثلاثية من كلمات دُررٌ في مضمونها جمعت كنوز الدنيا والآخرة، ويسير من يتعلمها على طريق الحكماء والصالحين. كلمات تضعنا في أول الصفوف دومًا:
عبادتك وعيالك وعيادتك.
 ما أجملها من كلمات لها مدلولات كثيرة، وخاصة أننا نعيش اليوم في زحمة الحياة وتجدنا دومًا نبحث عن الموازنة الحقيقية، خصوصًا في حقوق عوائلنا والواجبات التي مفروضة علينا من قبل ديننا وكذلك ما مطلوب منا من تأديته في دنيانا. وهنا تأتي كلمة العيادة بمعناها الدنيا أو مصدر الرزق بالنسبة للطبيب.
هذه الثلاثية الذهبية تحدد كل الأركان الدينية المطلوبة من المسلم الصحيح لكي يحقق العبودية الخالصة لله، وكذلك لكي يتحمل كل المسؤولية تجاه عائلته وأسرته، إضافة إلى بذور الرحمة الموجودة داخل قلبه والتي يتطلبها منه تقديم خدمته للمجتمع ومساعدتهم بكل الجوانب التي يستطيعها.
فالعبادة هي الأصل والغاية التي خلقنا الله سبحانه وتعالى من أجلها، وهذا ما ذكرته الآية القرآنية الكريمة: “وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون”.
والعبادة هنا هي كل عمل يقصد به الإنسان وجه الله سبحانه وتعالى مثل الصدق والأمانة والتعامل الحسن. وفي ثلاثيتنا الذهبية تأتي بعدها عيالك، ومسؤولية العيال هنا يقصد بها كل ما تقدمه لعائلتك من خير فهو محسوب لاسمك ومحسوب لمكانتك الاجتماعية، والعائلة هنا يقصد بها الزوجة والأولاد والوالدين ومن يستطيع هذا الإنسان أن يعيلهم بالباب الشرعي. ولقد أوصانا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حينما قال: “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته” (متفق عليه).
نعم، إننا كلنا مكلفون برعاية عوائلنا وأن تكون رعيتنا لهم رعية حسنة، فلا يكفينا أن ننفق عليهم وإنما يجب أن نحرص عليهم بتربية حسنة وأن نكون ممن يقدمون لهم التعليم ويعلمونهم على طرق الإحسان حتى يزرعون بهم بذرة الرزق الحلال.
أما الذهبية الثالثة في هذه المقالة فهي عيادتك، وهنا وصية هذا الشيخ الجليل لابنه أن يهتم بأمور العيادة وعمله الوظيفي بعيدًا عن أمور السياسة وبعيدًا عن الكثير من الجلسات التي عادة ما تكون نهايتها المدح والذم والابتعاد عن طريق العلم. وهذا ما نشاهده اليوم لدى الكثيرين في مجتمعنا من أصحاب الشهادات والأكاديميين الذين ابتعدوا عن الخط العلمي الصحيح وأصبحوا في منهاج خاطئ، خاصة أنهم سوف يعيشون في مجتمع ربما يراه أغلب الناس ملوثًا كثيرًا، وهذا  ما نراه بين طبقات المجتمع السياسي اليوم.
إن خلاصة وصيتك بهذه الثلاثية أيها الشيخ الجليل أبا سعد رحمك الله وأسكنك فسيح جناته أن نزكي أرواحنا بعبادتنا وأن نحفظ بيوتنا وعوائلنا برعايتنا الصحيحة لهم وأن نبتعد عن مجالس السوء وعن حب الأنا والمصالح الضيقة وأن نكون أشخاصًا يقدمون ثمرة ما حصلوا عليه من العلم في خدمة الناس وخدمة المجتمع والسير دومًا في الطريق الصحيح، طريق الإنسانية، طريق المحبة والوئام.

أحدث المقالات

أحدث المقالات