تنقسم المشاكل الفردية والأممية الى مستويات بحسب حجمها وتداعياتها وكل مستوى منها يكون له أهله ومن هم مخولون حصرا ً بحل المشاكل والتعامل معها ضمن هذا المستوى وهو منهج الهي علّمه الله لنا في قرآنه من خلال مثال يتعلق بالحياة الزوجية , حيث يوجد المستوى الاول لحل المشكلة طرفاها – الزوج والزوجة – واذا كبرت المشكلة انتقلت الى مستوى اعلى وبالتالي حلها يكون بمستوى مواز من خلال أناس غير اولئك المسؤولين عنها في المستوى الاول , وهم الحكم من أهله وأهلها [ فابعثوا حكما ً من أهله وحكما ً من أهلها 35 النساء ] .
واذا لم يصلا للحل تنتقل عندها المشكلة الى المستوى الثالث وهو الحاكم وعندها يسقط أي دور لأصحاب المستوى الثاني .
الأكراد اصحاب حق وهذا امر مفروغ منه فقد تم ضم اقليم كردستان للعراق قسرا ً ونحن مسلمون والمسلم لا يأكل حق غيره . ولا ننسى ان نضيف لهذه الحقيقة نكهتها وهي تولي الاحزاب الدينية للحكم وهو سبب ادعى لأن يعطوهم حقهم . وقطعا ً لن يكون الحل حربا ً استنزافية جديدة ولا اف 16 نهددهم بها فقد سأمنا وهم لا يسأمون لأننا ذوي نفس قصير وهم ذوي نفس وصبر طويل .
كما ان كل الحروب التي خاضتها الدولة العراقية ضدهم هي حروب عدوانية بشهادة السيد محسن الحكيم .وليس من خاض الحروب ضد الاكراد مخطئا ً بل كل من أعطاهم تنازل عبر تاريخ الصراع هو مخطيء كذلك ويمتاز بغباء سياسي ومنه قرار الحكم الذاتي الذي أعطاه حزب البعث للأكراد في 1973 .
والسبب لأنك تعطي خصمك حقا ً قبل الاتفاق على حل نهائي وهذا خطأ ستراتيجي تعودنا على امثاله من البعثيين .
فلا حروب الاستنزاف أجدت ولا التنازلات .. فلا يبقى سوى حل جذري ينهي الموضوع مرة واحدة والى الأبد .
ان مستوى حل الازمة الكردية هو محكمة العدل وليس الحكومة العراقية لسببين : أولهما ان المسؤول العراقي واعني به الحكومة منذ 1921 – 2012 لا تملك ان تحل القضية الكردية فهي ان اعطت اعطتهم حقا ً ليس من صلاحياتها اعطاءه وان منعتهم تكون منعتهم حقا ً ليس من صلاحياتها ان تمنعهم اياه إذ لابد من اطراف محلية لن ترضى عن الحكومة اذا اعطت واطراف لن ترضى عنها اذا منعت وبالتالي انتفت عن الحكومة صفة ( الحَكم ) الذي يفترض ان تُجمع عليه كل الاطراف .
وثانيا ً : ان الحكومة العراقية تختزل القضية الكردية بمسألة كركوك وهو اختزال يمثل خطأ كبير لأنه يقفز على قضية الحدود التي تثيرها مطالبة الاقليم بأقضية واقتطاعها من محافظات عراقية .اي ان الامور لا بد وان تعود لمسألة حدود الاقليم .
ثم كيف يؤول مصير محافظة الى استفتاء …فماذا لو استفتى اهل البصرة ورأوا انهم تابعين لأيران او الكويت فهل يصح استفتاءهم ام ان الخرائط هي من يفترض ان تقرر هكذا مصير !!
ان حل الازمة واضح ويتغاضون عنه لأن السياسيين اخضعوه للمساومة فيما بينهم منذ مؤتمر لندن وصولا ً للمادة( 140 ) فهو امر اجدى من حل المحكمة لأن من طبيعة هكذا حلول ان تكون جذرية أي تقضي على اصل المشكلة وبهذا سيفقدوا ما يساومون عليه وهذا الكلام يشمل الكرد كما الحكومة .
وقد يكون هناك سبب ثاني لتأخير الحل وهو الاستعلاء الفارغ والرعونة المتأصلة التي تميز العقلية السياسية العراقية مفادها ان الازمة محلية ويجب ان يكون حلها عراقي متغاضين عن فشل (100) سنة عراقية في حلها !! .
ان الموضوع اكبر من مجاملات تكون نتيجتها ان نشكل حكومة على اساس طائفي وقومي لنجلس بعدها على تخت الحكم لأنه سيكون تلاعب رخيص وتأجيل حل لعقدة عميقة الجذور بينما كان الواجب الترفع عن اتخاذها كقضية مساومة وكسب .
واخيرا ً لن نأتي بدعا ً من الامر اذا توجهنا للمحكمة فقد سبقنا غيرنا وليس من سبب يجعلنا مختلفين عنهم .
عندما هدمت الكعبة وشرع اشرافها ببناءها أدركوا بأحلامهم بعد حصول مشكلة الحجر الأسود انها قد انتقلت الى مستوى اعلى ولم يعد من المنطق بشيء ان يحاولوا الحل لأنه لن يعني سوى استمرار المشكلة لذا اختاروا حكما ً من مستوى آخر من مستواهم فجاء الرسول صلى الله عليه واله وحل القضية بعباءته المحمدية كذلك يجب علينا ان نرفع قضيتنا لتحلها عباءة لاهاي الدولية العادلة .