في ( بوست ) طريف من منشورات الفيس بوك قال عراقي انه يفكر في السفر الى بنغلادش والحصول على الجنسية البنغالية ولما سأله صديقه عن السبب ، قال انه ربما سيحصل بذلك على فرصة عمل في العراق !!..مايعني انه سيفد الى العراق مع العمالة الاسيوية التي تواصل التوافد على العراق بناءا على طلب اصحاب المهن والمصالح التي تحتاج الى أيدي عاملة في العراق ..
ومع اقتراب تخرج طلبة هذا العام من الجامعات سيتزايد عدد الشباب العراقيين العاطلين عن العمل والذي قدره صندوق النقد الدولي بنسبة 40% لدى الرجال و85% لدى النساء وربما اكثر من ذلك اذا ماتم اعداد احصائية جديدة ، هذا بالاضافة الى طلبة الجامعات والمرحلة الاعدادية الذين يحتاجون الى فرص عمل في العطل الصيفية لمساعدة أسرهم في جمع اقساط تعليمهم او اجور المدرسين الخصوصيين ، لكن كل هذه الاعداد ربما لاتحصل الا على فرص ضئيلة ومؤقتة قياسا بالعمال الاجانب الذين يتم استقدامهم بناءا على اتفاقيات ومقابل اجور محددة وحقوق مضمونة ..
ويفضل اغلب اصحاب المهن العامل الآسيوي لأنه يقضي اغلب يومه في العمل وكل مايهمه هو ارضاء رب العمل للحصول على اجره كاملا وارساله الى اسرته الفقيرة كما ان اجره لايتجاوز (200) دولار شهريا بينما لايرضى العامل العراقي بأقل من 500 الف دينار شهريا اضافة الى عدم تحمل التانيب والتوبيخ من رب العمل لأن العراقي (خشمه يابس ) –حسب تعبيرهم–وتجبره الظروف فقط على العمل في الخدمة التي لايعتبرها لائقة به !!
ماهو الحل اذن ؟…العامل العراقي مضطر لطلب اجرة تليق به لأنه ملزم غالبا باعالة اسرة كما ان ( خشمه يابس) لأنه لايحتمل الاهانة او الاستغلال ، اذ يفترض ان العراقي هو ( ابن البلد) و- ليس اي بلد – بل البلد الثري بخيراته والذي ينبغي ان يتمتع ابناؤه بها ..العراقي لايطالب بحصته من النفط لأنه يعلم سلفا ان هناك من هو(أحق بها ) ولايحمل الحكومة أكثر من طاقتها فيطالب بحق العمل والسكن والدعم الحكومي في حالة الزواج او التعليم – كما يحدث في دول الخليج – على سبيل المثال ..انه يطالب على اقل تقدير ان يتوقف استقدام العمالة الاجنبية ليحصل على فرصة عمل ، كما انه لايعتب على اصحاب القطاع الخاص لأنهم يشترون راحتهم بأموالهم ولايمكنه لومهم اذا فضلوا العامل الاسيوي عليه لكنه يعتب على الحكومة التي لاتوفر له أبسط احتياجاته وتحرمه من حق العمل والسكن والخدمات الاخرى وتطلب منه بالمقابل ان يكون مواطنا صالحا يدين بالولاء لبلده ويناصر حكومته ويدافع عن ارضه ..
العراقي لايمكن لومه اذا مااصبحت ( المواطنة ) عبئا عليه ، فقد اعتاد على تضحية الحكومات به وبطاقاته لتستفاد منها الدول الاخرى او لتنطمر تحت ضغوط الحياة وتصبح مجرد ذكريات يعتاش عليها الفرد العراقي وهو يمارس مهنا لاتليق به او سلوكيات تتنافى وتربيته واخلاقه ..
قد يقول البعض ان الانحراف عن الخط الاخلاقي لايحدث اعتباطا وان هناك اشخاصا مؤهلين لذلك وان من يمتلك المباديء والقيم السامية لايمكنه مخالفة ضميره لكن التجارب تعلمنا يوميا ان ضغوط الحياة ربما تكون اقوى من صمود الفرد وان الضعف سمة انسانية والعراقي انسان وليس اله ولايحق لأحد مطالبة العراقي بالارتقاء الى مصاف الالهة ومسامحة الحكومة على كل ماتحرمه منه والدعاء للعمال الاجانب بالتوفيق وهم يختطفون فرص عمله او التفكير في الحصول على جنسية آسيوية ليتم استقدامه للعمل في ( بلده ) !!