هذه المرة الثانية التي انكث بوعدي الذي قطعته مرارا على نفسي بعدم النزول لمستوى فواز وامثاله، ذلك ان العمر والتجربة لها واجب الاحترام في عدم زجها في أتون سجالات لا تمت الى الثقافة بشيء، لكن محاولة فوّاز الاستخفاف بعقل القارئ واستخدامه المنطق كأداةٍ لتبرير فكره الضحل، لا لشيء، إلاّ ليقدم ماء بركته العفن شرابا سائغا لمن غُرر بهم وتم استدراجهم الى غياب الحقد والتعصب. هذا المغرور الفارغ يتصور ان هناك من يريد إحراجه على اعتبار انه شيء ما، وفوق كل هذا يقول: تخيلا!! طيب من أنت حتى لا يتمكن أحدٌ من إحراجك؟ ما هو ميدانك؟ الثقافة؟ لست مثقفا. الأدب؟ لست كاتبا ولا شاعرا. السياسة؟ لست سياسيا. من أنت؟ أنت حتى لا تجيد سوى سب الآخر وشتمه بلغة أفضل بقليل من لغة الشارع.
فواز كعادته، يحاول جاهدا إقناع القارئ بأنه ليس مدافعا عن صدام، ولا طائفيا وانما هو رجل متنور إنساني، لا فرق عنده بين سني ولا شيعي إلا بالتقوى!! لكنه دائم البحث عن هفوات الحكومة ( الإسلامية) تلك التي لم تبق ولم تذر حزبا ولا طائفة إلا واشتركت فيها وتسنمت منصبا حتى كادت الدولة ان تتقيأ حكومتها لولا العقول الجبارة التي منّ الله بها على العراق، حتى تفكر وتخطط لأن تبتكر مناصبا ووزارات يمكنها استيعاب شهوات الطوائف والأحزاب للسلطة. كل هذا وفواز يقول بأنها ( إسلامية!!) طيب: ما مدى إسلامية وزير التربية؟ الثقافة؟ التعليم؟ النفط؟ الكهرباء؟ أين هم والإسلام؟ هل هم نتاج الإسلام الحقيقي؟ ان كان كذلك فتبا له من إسلام راعٍ للصوص والقتلة. ولم يقتصر بحثه عن الهفوات في الحكومة بل كذلك في ( أقول وزراء الحكومة التابعين لدولة القانون!!) طيب يا فواز: لماذا لا تبحث في هفوات وزراء السنة؟ هل هم ملائكة؟ وزراء الأكراد؟ مقتدى؟ ألا يدل ذلك على حقدك على شخص معين؟ ثم انه يتفضل علينا بأن يبين بأن غايته هي التوضيح للناس بأن القانون والكون مطاطي!! ولا أعلم ما علاقة فواز بالقانون وما مدى فهمه به وما هي علاقة القانون كمفهوم فكري واجتماعي وسياسي بالكون بمفهومه الشاسع؟
يحط فواز من قيمة نبي الإسلام ويصوره على انه مغتصب للأطفال، وشهواني على غرار الكتابات المنفلتة من القيم الأخلاقية والأدبية، وينال من رجل دين لم يره في حياته مطلقا وإنما رآه بخياله المريض وهواجسه التي يحاول إخفاءها دون جدوى. والمشكلة في هذا الأمر ان أحدا ردّ على مقالة فواز الأخيرة ليس لغرض كشف حقيقة فواز أو تعرية فكره الضحل وإنما لغرض الدفاع عن رجل الدين وهو اليعقوبي ولم يدافع عن نبي اليعقوبي. أليس هذا مؤلما؟ ان ما طرحه فواز بخصوص زواج النبي عليه الصلاة والسلام من سيدتنا عائشة ليس بالأمر الجديد، فقد طرحه الكثيرون قبله وللأسف لم يرد عليه سوى قليلون لم تبرز ردودهم كما برزت الأولى. لذا، سوف لن أرد على ما تفوه به فواز لأن كتابته هذه لا قيمة لها فكريا ولا حتى اجتماعيا، فهي لا تنال من النبي بشيء حتى لو كتب ألف واحد مثل فواز، فالنبي سيبقى نبيا عظيما معصوما منزها عن الخطأ، رغما عن انف فواز. لكني سأرد على ( خرابيطه) التي أوردها في المقالة التي بعنوان: هل يحق للمالكي ان يعدم المتآمرين ولا يحق لصدام ان يقتص من المتآمرين؟ بغض النظر عن الركاكة في هذا العنوان، فإن ثيمة الخبث واضحة ولا تنطلي على أحد، ذلك انه استخدم مفردتين يحاول ان يصور للقارئ على أنهما بمعنى واحد. فاستخدم مفردة الإعدام مع المالكي تمثل الكلمة الأشد حساسية للسنة وموضع جدل واختلاف بين المفكرين بينما استخدم مفردة القصاص مع صدام ليسبغ على فعله الشرعية القانونية والدينية على اعتبار انها ذكرت في القران لكنه اخطأ كثيرا وأدان صدام حين لصق به هذه المفردة وانتصر للمالكي من حيث لا يعلم وهذا ما سنحاول تبيانه ولنبدأ من صدام وفعلته النكراء والهمجية بحق ابناء الدجيل. فالقصاص الذي ذكره فواز يعني: تتبع الدم وعقاب الجاني بمثل جنايته. فهنا نسأل: هل طبق صدام هذا الأمر؟ صدام لم يمت حتى يقتص ممن حاول قتله، وبالتالي لا يمكن ان نطلق مفردة الاقتصاص على فعل صدام كما زعم فواز. الأمر الآخر الذي تجاهله فواز تماما في معرض تبرير فعل صدام وتجريم القضاء العراقي بزعم انه حكم على مجرمين حاولوا قتل المالكي بأن صدام لم يكتف بقتل من حاول قتله، بل تعداه الى أقاربهم وعوائلهم وساق صدام الى المعتقلات عشرات الأسر من الدجيل ورماهم في الصحراء وصادر اراضيهم وقطع عنهم الماء والكهرباء وجرف بساتينهم وفعل الكثير الكثير بهم كل هذا ويأتي فواز ليقارن فعل صدام بإعدام 5 اشخاص!! مثل هكذا مقارنة تدخل على مدى الانحطاط القيمي ولاخلاقي لصاحبها وهو يبرر لفعل كهذا.
اما إعدام المالكي فهذا كلام لا يقوله صبي غير مميز لأنه يدل على اندفاع عاطفي نحو مسألة ليست موجودة بسوى ذهن قائلها. هؤلاء الخمسة اعدموا. نعم لكن: هل تم اعتقال عائلاتهم؟ هل جّرفت بساتينهم؟ هل اغتصبت زوجاتهم؟ لا يمكنك يا فواز مقارنة هذه بتلك. نعود مرة اخرى. وفق أي قانون تم اعدامهم؟ سوف لن اقول انه وفق المادة 4 ( سنة) بتعبير احمد العلواني و( كواده) بتعبير علي حاتم السليمان، وإنما تم إعدامهم وفق قانون العقوبات العراقي النافذ الذي سنته السلطة التي تدعي براءتك منها.
ثمة فقرة في مقالة فواز يقول فيها: فان كان المالكي محقا بإعدام من يفكر باغتياله فهذا يعني بطلان مسرحية الدجيل واعتراف ضمني بأحقية صدام في إعدام المتآمرين ضده والمخططين لاغتياله!! اولا يا فواز: القانون لا يعتد بالنيات، ومن تم إعدامه لم يفكر فقط وانما فكر وخطط ونفذ لكنه خاب واعلم بأن الدجيل ليست مسرحية وانما جريمة ستبقى وصمة عار في جبين صدام ومن يدافع عن صدام الى يوم الدين.