بعض الساسة لا يزال يستنكف من دولة المواطنة والحقوق الفردية، ويسخر من مشاعر المواطن وحرياته المدنية وحقوقه الواجبة، ويعتبر العودة للشعب إنهزاما وتنازلاً، والفقر غبياء والسرقة والتلاعب بالألفاظ شطارة، وعلينا أن نطيع صامتين للفخامة وتتحول الدولة الى مقاطعات حزبية تحدها وتقطعها مدافع المنافع.
يزعم بعضهم أن عقارب الساعة تعود الى الوراء، ويستطيع تسلق القمة بالتدحرج على مواطنين يتساقطون بيد الإرهاب وإرهاب الساسة.
بعض الساسة لا يتخلف عن القنافذ، ريحه نتنة وصوته مزعج، ونبالهم تضرب من يقترب، يتركون جلودنا طرية حتى يسهل أمتصاص دمائها، يتكورون على الغنائم ورؤوسهم مندسة، على مكائد تحاك في ظلام عيونهم وعقولهم، حتى لا نعرف رؤسهم من أرجلهم، لا يهمهم التدحرج وسط القاذورات، ولا يتوقعون أن السير بلا بصيرة يؤدي الى السحق بأحذية السياسة، ومثلما يدينون يدانون؟!
حينما نبحث بين فرق السياسة لا نجد سوى مجموعة كانت ترنوا الى قبض السلطة بالحديد غير أسفة، وحينما نصاب بالأمراض نتهم بنقص الثقافة الصحية، وعندما يشاهدون النفايات في أحواض صنعها عباقرة الخدمات البلدية لإطعام الحشرات، يقال (الشعب قذر)، وحين تقتلنا المفخخات، ويخترق أمننا، سبب أنتماء بعض القادة الى محور الفساد والتخاذل، يقال أن الشعب لا يتعاون أمنياً، ويربطون ولاء قيادات الجيش بأشخاص، لا وطن ومسؤولية وأمانة وشرف.
الوطن ليس مزرعة خلقتها الطبيعة وتنتظر الريع كل موسم، وما علينا إلاّ الحصاد وتقاسم الأرزاق وقوينا يأكل من حصة ضعيفنا، ولا مجرد أرض قاحلة ومدن تجتمع على ضفاف نهر لا يجف، ويجري تحت أقدمها بترول لا ينتهي، ولا نحتاج فيه الى مصانع ومزارع، لأن النفط ملك الشعب، وحفنة ساسة هم الشعب، والبقية تابعين ينتظرون فتات موائد القمار والمراهنة، وأعلاهم صوتاً يكسب اللعبة.
سياسة هوجاء عرجاء عوراء لسنوات منصرمة، أنتجت عاطلين ثلث العراق ونُهب أموال الثلث الثاني رعاع الإرهاب، وثلث في بطون السياسيين، وكنا نتصور منذ عام 2011م حملة تنازل كبرى عن الرواتب الضخمة والمناصب الفخمة، وسنوات والمتقاعدون والرعاية الاجتماعية يقلبون الصحف ويبحثون عن زيادة دخلهم، ولم يكن سوى حبر على ورق ومورفين شعاراتي.
أثنان أنتهجا العدائية المبطنة والعلنية: فريق ما يزال يأنُّ على ماضي الفخامة ودولة المختار، وفريق قوى الإرهاب، بعد إجماع العالم بأسره لأول مرة في التاريخ على حكومة عراقية.
النائب عالية نصيف، صرحت أن التقشف المحتمل، يشمل إيقاف زيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين وقطع منحة الطلبة، وتقليل نفقات ايفادات الرئاسات، وكنا نأمل قيادة حملة للتنازل عن رواتب البرلمان والوزراء والدرجات الخاصة، وهي من تتنازل أولاً، ونستشف من كلامها أن الحكومة الجديدة سوف تجعل التقشف يتحمله الفقراء، وتُنسينا عجز فريقها السياسي في تحسين الإقتصاد طيلة ثمانية سنوات، وهي عضوة برلمانية مقربة من رئيس الوزراء السابق، ونستغرب من أين جاءت بالمعلومات، والموازنة لم تصل من الحكومة الى البرلمان حيث تواجهها كارثة كبرى، وخزينة فارغة حتى من مبيعات قبل تشكيل الحكومة الجديدة؟! بينما يقول العبادي أن تقليل النفقات لا يشمل الزيادات.