18 ديسمبر، 2024 11:00 م

عالم ما بعد وباء كورونا، عالم متعدد الاقطاب

عالم ما بعد وباء كورونا، عالم متعدد الاقطاب

خلال جائحة كوفيد 19الذي اجتاح العالم في الاسابيع الاخيرة، وتسسب بعزل دول المعمورة بعضها عن البعض، بالاضافة الى اجبار الناس على ملازمة بيوتهم. لقد كان وباء فيروس كورونا المجنح القاتل، من القوة والفتك بالبشر بصورة واسعة وسرعة في الانتشار، لم تشهد البشرية مثيلا له منذ قرن. لقد اطاح هذا الفيروس بجبروت القوى العالمية العظمى التى عجزت عن مواجهته على الرغم مما تمتلكه من ادوات على صعد العلم والطب وما يتصل بالاثنين. كان له وسيكون له تأثير كبير جدا على الاقتصاد بالدرجة الاولى وعلى العلاقات الدولية مستقبلا وبالنتيجة الحتمية، مما يؤشر ان عالم ما قبل كوفيد وهو غير العالم ما بعده، كما يصف هذا، اغلب الخبراء والمحللون لشأن الدولي. فيما ذهب اغلب هؤلاء الخبراء والمحللون؛ على أن الولايات المتحدة، سوف يتراجع او تتراجع عن موقعها الحالي في قيادة العالم او بعبارة اخرى عن موقعها كأقوى قوة في العالم من الناحية الاقتصادية والعسكرية والنفوذ وما يتصل بهما من ظلال الهيمنة، لتخلي مكانها للصين على وجه التحديد. لكن ما مدى صحة هذا التحليل ومدى توائمه وملائمته على الواقع المتحرك على الارض وبالذات حين نأخذ بالاعتبار عناصر وعوامل ومعايير القوة والقدرة بالاستناد على ما يتوافر لكلا الدولتين منهما وحجمهما وكميتهما وقدرتهما او مخزونهما من هذه العناصر والعوامل على صعيد كمية هذه العناصر وعوامل تشغيلها وفاعليتهما في الكرة الارضية..بالعودة الى الفترة التى سبقت هذه الجائحة،والتى كان لها وجود فعال في الساحة الدولية ومنذ سنوات وعلى وجه التحديد منذ عقد او اكثر قليلا، والتى كان فيها تراجع الولايات المتحدة كقطب واحد يقود ويسيطر على الساسية الدولية بلا منازع في حينها، واضحا. مما شكل اول مؤشر على ان العالم صائر لامحالة الى عالم متعدد الاقطاب. شكلت الصين وفي هذا العقد الذي فات او اكثر قليلا منه، قلق ووجع رأس الولايات المتحدة، كون الصين ثاني قوة اقتصادية في العالم وحجم النمو فيها يفوق بكثير حجم النمو في الولايات المتحدة بالاضافة الى ان الصين فتحت لها مناطق استثمار كثيرة في افريقا وفي اسيا وفي منطقتنا العربية، بالاضافة الى كونها قوة فتية وصاعدة بل تواصل الصعود، وهذا هو الذي اقض مضجع الولايات المتحدة، لأنها رأت في الصين، قوة منافسة لها على قيادة العالم ولو بعد سنوات. لكن بالرجوع الى عناصر القوة والقدرة في الدولتين؛ لايشير الى ان الصين قادرة لوحدها، على قيادة العالم وحتى الولايات المتحدة في حينها ليس لها القوة والقدرة على التحكم وقيادة العالم، والتعبير الاخير في توصيف موقع الصين او الولايات المتحدة في المعمورة هو توصيف مهذب، لكن الحقيقة والتوصيف الواقعي لموقعيهما؛ هو النفوذ والهيمنة، مع ان الصين لها وضع مختلف كليا عن الولايات المتحدة بتأثير المرجعية الايدولوجية الموجه لسياستها اي الصين ولو بقدر محدود، لناحية تهجين المرجعية الفكريةالتى تشكل بوصلة الصين، في الاقتصاد والسياسة وما إليهما. ان القول بأن الصين سوف تحل محل الولايات المتحدة في التربع على كرسي القيادة في الكرة الارضية، ما هو الا قول اقل ما يقال عنه؛ أنه مجافي الى الوقائع والحقائق التى تفرضها القوة والقدرة لكلا الدولتين، بالاضافة الى دول عظمى وكبرى، روسيا، الهند، فرنسا، بريطانيا، ألمانيا وغير تلك الدول، دول أخرى، مستقبلا، بعد انجلاء غمة كوفيد 19عن المعمورة. حقيقة الامر ان الوضع الدولي وكما بينا هو في الطريق الى عالم متعدد الاقطاب حتى يتناسب مع التطور في الساحة الدولية، الذي نضج في العقد الذي مضى، وما أنتشار وباء فيروس كورونا، المجنح والقاتل الا عامل سوف لامحال يساعد في تسريع هذا التحول، الى عالم متعدد الاقطاب، تنوجد فيه، ما يمثل امم الارض في صياغة قرارات المنظومة الاممية بما يحفظ حق الجميع ويساهم في سيادة العدل والانصاف ويقضي على التجبر ومصادرة حق الدول الاخرى بالصوت والرأي في تلك القرارات، ويمنع سيادة قوى عظمى بعينها على المنظمة الدولية عن طريق مجلس الامن كما هو حاصل في الوقت الحاضر؛ من قرارات ظالمة وغير عادلة على دول بعينها من العالم الثالث،حين تريد قوى عظمى معينة وتحديدا، الولايات المتحدة الامريكية، معاقبتها لأصرارها على المحافظة على سيادتها وقرارها المستقل.ان عالم ما بعد وباء كورونا والذي وكما اسلفنا نضج واستوى جاهزا بإنتظار عامل ما للتسريع فيه، قبل انتشار الوباء، هو عالم غير ما قبل الوباء، لكن هذا الوباء، كان الفتيل الذي اشعل النار تحت هذا التحول المرتقب الذي حتما، أن كوفيد 91، سوف يزيد في تسريع وجوده.. السؤال هنا من يقود العالم؟ الواقع العالمي يبين لنا؛ لا الصين لها القدرة على قيادة العالم لوحدها ولا الولايات المتحدة ولا اي دولة اخرى، عظمى او كبرى، بقادرة على التربع لوحدها على كرسي قيادة المعمورة، العالم بفعل ما فيه من نضج وتطور وأشتباك مصلحي وتخادم نفعي، وعلى مختلف الصعد التى لايمكن ان تنمو وتكبر وتتوسع الا بالتعاون والتشارك العادل والمتكافيء، عليه يحتاج العالم كي يتناسب مع المستوى الذي بلغه او وصل إليه العالم، الى قيادة عالمية مشتركة وعادلة وغير ظالمة بخلاف ما هو كائن من وضع في الكرة الارضية في الوقت الحاضر وفي القرن الذي خلا وسبق هذا الوقت.