23 ديسمبر، 2024 1:30 ص

عالم جديد .. ومشاريع قديمة  …؟ 

عالم جديد .. ومشاريع قديمة  …؟ 

فاجأت بريطانيا العالم بخروجها  من الاتحاد الاوربي بعد استفتاء  جرى الخميس الماضي قد يؤدي لاحقا الى وضع نهاية له ، بعد أن توسع كثيرا ووصل الى ( 28 ) دولة ، بضم دول كانت ضمن  الكتلة الشرقية بعد إنهيار الاتحاد السوفيتي السابق دون تقدير لنتائج هذا التوسع بين دول غير متكافئة في القوة والاقتصاد  والسياسة ، والاجتماعوبالتالي جعل الاتحاد بعض شعوبه  تتحمل أعباء غيرها ليس دون مقابل فقط ، وانما بخسارة ايضا ….فهل كان ذلك من  الاسباب التي دفعت الشعب البريطاني الى الخروج من الاتحاد الاوربي التي اصبح يكلفه اعباء  ازمات اقتصادية لدول اخرى ونتائج الهجرة وانفتاح الحدود فيه  وتدفق اللاجئين من اوربا اليه ، أو يدخل في  صراعات وحروبكان لنا نحن العرب نصيبنا منها –  ويتحمل أعباءها؟
فهل سيكون خروج دولة قوية مثل بريطانيا من الاتحاد كارثة على اوربا  فعلا ، خاصة وقد تعمقت فيها النزعة  الاستعلائية كثيرا بفعل القوة ، ووصلت الى  حد رفض الحوار مع الحضارات الاخرى ، وكأنها الوحيدة في العالم؟..
واذا كانت  هذه الخطوة مفاجئة للاخرين ، فهل كانت مفاجئة لبريطانيا أيضا أم مدروسة من قبلها ؟.. فهل تقبل  بريطانيا مثلا  ان تنعكس عليها هذه الخطوة سلبا في الاقتصاد  ، عندما  هبط  الجنيه الاسترليني ووصل الى 3,1 دولار  فور اعلانها نتيجة الاستفتاء او في تشضيها ..؟.. فكيف لها أن  تشجع النزعات الانفصالية داخلها ..؟فهل حسبت خطوتها جيدا ، ووجدت ما تكسبه اكثر مما تخسره؟.. ولذلك  ربما لم يكن رد اسكتلندا مفاجئا لها عندما اعلنت رئيسة وزرائها تفضيلها  البقاء في الاتحاد الاوربي ونيتها باجراء استفتاء بالانفصال عن بريطانيا وقد تعرف ان  ايرلندا ستحذو حذوها  ايضا
وهل كانت خطوتها محسوبة جيدا  ايضا في  تأثيرها وتوسع  مداها خارج بريطانيا وقد تشجع دول اخرى على  الخروج من الاتحاد الاوربي  كفرنسا وايطاليا وهولندا وسيظهر تأثيرها بصورة واضحة  في الانتخابات في الدول الاوربية خاصة وان اليمين المتشدد يؤيد مثل هذه الخطوات ويستغل الازمات الاقتصادية التي تعصف بالدول فتساعده في نزعته الانكفائية على النفس  وعدم تحمل اعباء الغير بسبب الهجرة وحرية التنقل وتحمل اعباء الدول التي تعاني مشاكل وازمات؟
وبالتالي هل سيكون لخروج بريطانيا انعكاسات خارج اوربا ايضا  ، وبداية لبروز عالم جديد يتشكل على اسس جديدة غير الاسس التي قام عليها في القرون السابقة؟؟
واين موقعنا نحن العرب في هذا العالم ، وانعكاس هذا المتغيرعلى الجامعة العربية التي تضم  مجموعة ارادات تبحث كل ارادة عن مصالحها الخاصة ، وجعلت منها مجرد تجمع عددي ، بدون فائدة ، ولم تكن له انعكاسات على المواطن العربي ، الذي يفترض ان يكون لهذه التجمعات دور في تطور حياته نحو الافضل من خلال تحقيق  التكامل بين الاقطار العربية  ، ويلمس فائدتها في  حرية حركته التي تضمن له  الفرصة المناسبة  للعمل على مساحة الدول التي تضمها الجامعة العربية ، كما هو حاصل في الاتحاد الاوربي

في الاستفتاء البريطاني وجد المواطن ان الاتحاد الاوربي حمله عبئا لم يحصل على شيء مقابله ، وفي الجامعة العربية كان المواطن العربي محبطا ، ولم يجد في العمل المشترك غير بنود على الورق  ومشاعر وكلمات لم تخفف شيئا من معاناته ، أو تفتح الحدود  العربية بوجهه .. والطريقان  وان كانا مختلفين ، لكنهما يفضيان الى نهاية واحدةفهل ينتبه العرب لذلك .. ويكون في مقدمة اهتمامات الامين العام الجديد للجامعة أحمد ابو الغيط  ..؟.. ولنا عودة للموضوع ان شاء اللهوربما يحتاج هذا الامر الى اجتماع خاص على مستوى القمة العربية لدراسة وضع الجامعة العربية ومستقبلها ..؟..
اسئلة منطقية قد تساعد المراقب في معرفة السبب الذي دفع بريطانيا الى الخروج من الاتحاد الاوربي مع تقديرها لكل النتائج العسكرية والسياسية والاقتصادية التي تترتب على خروجها من الاتحاد ..
اسئلة كثيرة  قد تكون اجابتها سابقة لاوانها ، لان نظام الاتحاد الاوربي ينص على ان تمتد مدة التفاوض مع الدولة التي تريد الخروج منه الى سنتين قابلة للتمديد اعتبارا من تاريخ تبليغها بقرار الخروج

 وفي كل الاحوال لا يمكن ان يمر الحدث البريطاني  دون ان يتوقف الاخرون خارج اوربا  امامه ، يتابعونه  بدقة ويدرسون  انعكاساته بعمق ، وتصورملامح العالم الجديد ، بعد ان اقترب  الزلزال من اقوى واوسع التجمعات الاقليمية والعالمية  .. ولا يحتاج المراقب الى عناء كبير لمعرفة موقعنا  كعرب فيه اذا ما استمر هذا التراجع  والدمارومراجعة المشاريع  المعدة سابقا للمنطقة يقرب الصورة أكثر .. و سبق لي  أن تناولتها في مقالات سابقة  أخرها ( ابغض حلال الدستوربدءا من  خطة برنارد لويس ( زيادة عدد دول المنطقة الى 88 بدلا من 56 دولة  وموافقة الكونغرس الامريكي عليها عام 1983) ومرورا بهنري كيسنجر وانتهاء بجو بايدن وخطته ، وهي تسير بما مرسوم لها بخطوات مترابطة ومتواصلة وبالتقسيط المريح لهم والصعب علينا.. وهم ليسوا في عجلة من أمرهم ما دامت المنطقة منشغلة بالارهاب والحروب والصراعات التي ستؤدي الى التفكك والتشضي برغبة ( أهلها ) بتصور واهم انها  انها الطريق للحل ، او الحصول على الحقوقوكل شيء في أوانه ..