عالم الأطفال عالم أسئلة لا حدود لها ولا حصر ، ففي الأسئلة تتوضح لهم المعرفة ،
ويكتسبوا الكثير من الخبرات دون الحاجة الى خوض التجربة ، وكثير من القضايا
تعكر عليهم صفاءهم الذهني وأحلامهم المبكرة التي لا تعرف النكد غير سطوة الكبار
وتجبرهم ازاءهم من جراء الخوف عليهم ورغبة التعلق الفطري والأزلي بهم.
فكرة الموت واشباحه ترعبهم ، اللصوص ، القتلة ، الحيوانات المتوحشة والمفترسة ،
ضرب الكبار لهم ، إهانتهم أمام الغير ، التهديد والوعيد ، الأصوات الغريبة ، الخوف من
المجهول ، السكون المنفرد في الظلام ، وغيرها من الأمور التي يمرون بها في مسيرة
طفولتهم ، منها ما يرعبهم ومنها ما يسرهم ولكن ليس لهم فيها إلا حماية الكبار لهم وإعانتهم
على تخطيها حتى يعود لهم الأطمئنان .
كما أن لهم أسئلة تفوق بعمقها وشمولها بساطة ومحدودية أجاباتنا لهم : مثلاً
ـ من أين جئتم بأخي الصغير ..؟
ـ من أين أتيت أنا ..؟
ـ لماذا الحروب ..؟ إنني أخافها
ـ لماذا نموت ، لا أريد الموت
ـ لماذا الله يعاقب ..؟
ـ لماذا تعاقبونا اذا كنا السبب في كسر حاجة أوتصرف خاطئ ولا تحاسبون أنفسكم ..؟
اليكم البعض من هذه المواقف التي يدين الصغار فيها الكبار
الصورة رقم ـ1ـ
” على الأرض معذبين ”
السنوات الثماني تسأل ، أضف لها ثلاث شهور .
ـ ما معنى التظاهرات التي يخبرنا بها قارئ الأخبار المصورة في التلفزيون ..؟
ـ أنهم ينتفضون لأجل حقوقهم المشروعة .
ـ ولكنني أشاهدهم يضربون بالعصي من قبل الشرطة ويسقطون على الأرض
مُعذبين يتألمون ..؟
ـ إنه جبروت الحكام الرجعيين .
ـ ولكنني لا أشاهد حكاماً ، بل رجالاً مسلحين هم الذين يضربون ..؟
ـ لأنهم مأمورين .
ـ وأنت من يأمرك بضربي عندما ألح عليك بحاجة ..؟
ـ …………….!
الصورة رقم ” 2 ”
دكتاتورية الكبار في عالم الصغار
ـ أنت صغيرة على أن تخرجي لوحدك الى الشارع تذهبين هنا وهناك بمفردك …
ـ لماذا يا ماما …؟
ـ كيف يمكن لي أن أشرح للسنوات السبع ” أقول لها كونك فتاة ” وما معنى أن تكون فتى
ـ سمعت أن هنالك عصابة تسرق الأطفال .
ـ وماذا تفعل بهم ..؟
ـ تميتهم
ـ وماذا يفعلون بموتهم ..؟
ـ ليشربوا دمهم
ـ وهل هو لذيذ كي يشربونه ..؟
ـ لم أذقه
ـ إذن كيف عرفت ..؟
ـ هكذا يشاع
ـ ولكنك دائما تقولين ” لا تصدقوا كل ما يُشاع ”
ـ أوه لا تجادليني كثيراً ، أقبلي بكلامي وأعملي به ، لا تخرجي الى الشارع وكفى .
الصورة رقم ” 3 ”
ـ دائرة الخوف ـ
برز وجهه في الظلام واضعاً كلتا يديه على طرف سريري ، نفذت كلماته بلهجة
مؤنبة ومعاتبة ، كنا أحتفلنا بعيد ميلاده التاسع قبل يومين .
ـ قلتِ لي سأنام معك …؟
ـ ……..!!
ـ لماذا وعدتني …؟
ـ …….!!
ـ في النهار تصرخين بي لماّ أكذب …وها أنت تكذ …ب ..؟!!!
الخوف جعله يبتلع نصف الكلمة الأخيرة …
لملمت ثوبي لأستر صدري العاري وسألته
ما بك يا حبيبي ..؟ لمّا تركت غرفتك ..؟؟ هل أنت خائف !!؟
ـ بابا هو الخائف ..أنظري كيف يدفن رأسه تحت غطاء فراشك .