22 ديسمبر، 2024 2:10 م

عاصمة العراق الزراعة

عاصمة العراق الزراعة

تعد الزراعة في العراق موردا مهما بعد النفط، حيث ارتقى حين نال عناية كبيرة من قبل الحكومات السابقة، لكنه عانى الضعف، بسبب تراجع الموارد المائية، وعدم التوازن في توزيعها بين الأقاليم، وعدم الانتظام السنوي للموارد المتجددة منها.
التحول الزراعي هو جزء من عملية اكبر للتحول البنيوي، تتضمن تغيرات كبيرة في اهتمامات الدولة، وعلاقاتها بالتنمية الاقتصادية والقطاع الزراعي.
وكان قانون الارض العثماني لعام 1885 قد صنف ملكية الاراضي الزراعية في العراق الى ملكية الدولة والملكية الخاصة، الوقف، والاراضي البور.. وفي حقيقة الأمر ان تنفيذ هذا القانون، قد فاقم مشكلة ملكية الارض، ونتج عنه تركز كبير للأراضي والنفوذ، في أيدي رؤساء العشائر والملاك الكبار، الذين اصبحوا طبقة ارستقراطية مدنية.
وبعد الاحتلال البريطاني وخلال فترة الانتداب على العراق (1917 ـ 1932) لم تطرأ تغيرات رئيسية في ملكية الاراضي، وقد استوجبت مصالح بريطانيا ايجاد دعامة اجتماعية محلية لها، كي تبقي سيطرتها بفعالية اكبر وبتكلفة زهيدة، ووجدت هذه في بعض الشيوخ.. لذلك عززت السياسة البريطانية، المواقع السياسية والاقتصادية لشيوخ العشائر، وفي مقابل ذلك ساند هؤلاء الحكم البريطاني، وفي هذا السياق تم اصدار قانون دعاوى العشائر لعام 1924 الذي حدد وعزز الدور القانوني للشيوخ وللاجراءات العشائرية المألوفة.
بقيت الدولة في يد مجموعة صغيرة من الافراد، تتكون من اعيان المدن الاثرياء وملاك الاراضي وشيوخ العشائر، الذين كانت اولوياتهم تتمثل في تعزيز نفوذهم وثروتهم.. وهذه النخبة من المجتمع سيطرت على اجهزة الدولة، واستخدمتها لتوسيع هيمنتها على باقي المجتمع العراقي.
لقد قاد تدخل الدولة في المجتمع الريفي الى اصدار تشريعات، عززت من استغلال الفلاحين من قبل النخبة الريفية، المتكونة من شيوخ العشائر وملاك الاراضي، مثل قانون تسوية الاراضي لعام 1932 وقانون حقوق وواجبات الفلاحين لعام 1933.
كذلك التدخل في الزراعة تم عبر تنفيذ قانون الاصلاح الزراعي الثاني لعام 1970 وانشاء التعاونيات الزراعية والمزارع الجماعية ومزارع الدولة، وهي آليات مختلفة استخدمت لتنظيم سيطرة الدولة على المجتمع، وخلال السبعينات زاد الاعتماد على الاسواق العالمية، لتأمين المواد الغذائية فانخفضت استثمارات الدولة في الزراعة، في خطط التنمية من %24 في 1970 الى %9 عام 1983.
في الثمانينات وللخروج من الازمة المالية اوقفت حكومة البعث، جميع برامج التنمية وذهبت بعيدا لاعادة النظر في مجمل سياسات التنمية، وبدأت تطرح الحكومة خصخصة الاقتصاد والقطاع الزراعي على وجه الخصوص، والغت برامج الإصلاح الزراعي، وباعت ايضا معظم الاراضي والمشاريع التي تملكها الدولة، كان هذا بداية مرحلة جديدة من التحول الزراعي في الريف العراقي.
بعد 25 سنة من الاصلاح الزراعي، وجد الفلاحون أنفسهم من دون اي دعم من قبل الدولة، وباتوا يعتمدون على التجار واصحاب الاعمال، من الفلاحين والمستثمرين، ولم تؤد سياسة الانفتاح في العراق الى أي تحسن مهم في الانتاج. ففي الفترة 1988 ـ 1990 لم يتمكن الانتاج الزراعي، من مواجهة الطلب الداخلي المتزايد على المنتجات الزراعية، واستمر العراق يستورد ثلثي المواد الغذائية، وهذا لا يعني بالضرورة ان التخصيص مطابق لعدم الكفاءة، لكن الذي يجب تأكيده ان انماط التخصيص، التي اتبعت في العراق كانت غير ملائمة، اضافة لذلك غياب الثقة في مصداقية السلطة، اذ ان اصحاب الاعمال، كانوا غير واثقين من اجراءات المستقبل، والقرارات السياسية التي يمكن ان تفرضها الدولة.
نظام صدام اراد تدمير الزراعة، من اجل تدمير المجتمع الريفي العراقي، ومنعه من الاستقلال الاقتصادي، وجعل لقمة عيشه بيد النظام الحاكم لتركيعه ، خاصة وان معظم المجتمع الريفي موال للمرجعية.
من هذا التاريخ الذي مر به العراق.
اليوم وفي خضم الوضع في العراق من كل الجوانب ، ينطلق قائد الحكمة من محافظة القادسية، مطالبآ بتشريع قانون الديوانية العاصمة الزراعية، و دعم الفلاح في مدخلات الزراعة، من الوقود والأسمدة و البذور والمبيدات و المكننة الزراعية، وتسهيل عملية التسويق إضافة إلى إعادة النظر بتسعيرة المحاصيل المسوقة، والجهد المتبع في تطوير الزراعة، وجعلها مصدرا مهما بعد النفط بشكل عملي، على أن تنظر الحكومات للمصلحة العامة من الزراعة، ولاتنظر بعقلية التاجر وحساباتها بالربح والخسارة، وضرورة أن ينسجم تكريم الديوانية مع حجم التضحيات التي قدمتها، و تشريع قانون الديوانية عاصمة العراق الزراعية، لما له من أثر كبير في إحداث ثورة زراعية في الديوانية.️