من العجيب والغريب ان حكومتنا لا تتعظ ولا تقارن ولا تستفيد من الحضارة والتقدم الذي تشهده بلدان كثيرة على هذا الكوكب وبالذات على صعيد احترام الانسان وحقوقه وكيانه ومشاعره بل انها تزداد عناداً واصراراً وتتمادى في اهانة المواطن ومسح كرامته وانسانيته بالارض بوسائل وطرق خبيثة ولكنها مكشوفة لتوصله الى ذروة الكره لبلده وتربته وتدفعه عنوة الى البحث عن مأوى وملجأ في اصقاع الارض البعيدة ليجد فيه ادميته وكل ما كان يحتاج اليه من حياة كريمة . واليوم توجه حكومة االمالكي التواقة الى الدعاية والمهووسة بكرسي السلطة صفعة جديدة وضربة من ضرباتها الموجعة لشعبها لتخرج علينا بمهرجان الرقص والغناء في بغداد عاصمة ( الثقافة ) على اشلاء الاطفال والشباب والنساء الذين تتقطع اجسادهم كل يوم امام مرأى ومسمع الفاشلين والساقطين في الحكومة واجهزتها الامنية الكارتونية دون أن يرف لهم جفن ودون ان نسمع من يستقيل أو يعفي نفسه من المسؤولية بسبب هذا الانهيار وهم يسمعون صراخ الامهات ونواح الثكالى فهم منهمكون في ترتيب أوضاعهم وتحقيق مصالحهم وابتكار الاعيب وحيل جديدة في عالمهم اللا منطقي المليء بالظلم والطغيان ، ان ما يهم المالكي هو ان يكون مهرجانه البغيض في مأمن من هجمات الارهاب فيشكل لجنة امنية تقطع الشوارع وتزيد الضغط على المواطن وتضرب مصالحه وحريته في التحرك عرض الحائط ليعلن بعد ذلك عن النجاح الباهر لمهرجان الثقافة للرقص والغناء ، وما يهم المالكي اليوم ان تخرج وفود الفن والثقافة وهي راضية عنه ولكنها بالتأكيد لن تكون مقتنعة بقيادته لهذا الوطن المنهوب والمنكوب ، فقد وفر لها من الامن والامان ما لم يوفره يوماً لشعبه واعطاها من المتعة والرفاه الشيء الكثير وخلق لها اجواء رومانسية حالمة وسط اجواء الرعب التي يعيشها العراقيون وهم يترقبون الاسوأ ويملأهم الاحساس بانهم يتجهون نحو الهاوية حيث لم يكفي ما قدموه من تضحيات جسام طوال الاعوام والعقود الماضية . وكنا نأمل ان يقف المالكي وقفة مشرفة فيها اجلال واحترام لكل الدماء الزكية التي سالت انهارا ولا زالت على ارض العراق ولكل الاشلاء الطاهرة التي تتطاير بانفجارات الارهاب وهي تشتكي حالها الى السماء ويُعلن للعرب جميعاً اعتذار العراق وشعبه والتنازل عن حق بغداد باحتفال عاصمة الثقافة ، فالعراق لم يعد ذلك البلد الذي لا يهتم لدماء ابناءه ولا نريد ان يعود ذلك الحاكم الذي أقام الاحتفالات والمهرجانات وسـط دمار وخراب الحروب والمعارك ولا يمكن لحكومة تحترم نفسها وشعبها ان ترقص وتغني في عرس الثقافة المزعومة وسط كل الخيام المنصوبة لتعزية ضحايا هجمة الارهاب ووسط كل هذا الهيجان وكل هذا التوهان والفقر والحاجة الى السكن والخدمات . وفي تلك اللحظة التاريخية التي تعتذر فيها الحكومة سيشعر العراقيون ولاول مرة بعزتهم وكرامتهم وشموخهم وسيفخر العراقيون بحق ولاول مرة بحكومتهم التي لم تنسى دماء ابنائهم الشريفة وسيكون ذلك اكبر تأثيراً بكثير من كل الدعايات الانتخابية المزيفة التي ملأت الشوارع والساحات وسط استهزاء واستخفاف المواطن البسيط وعزمه على مقاطعة كل هذا الكذب والتزييف والضحك على الذقون . فلا ثقافة بدون أمن وأمان ولا ثقافة والبلاد تحترق وتتجه الى المجهول واللعنة على كل من شارك ورقص وغنى على اشلاء ودماء العراقيين .