22 نوفمبر، 2024 5:05 م
Search
Close this search box.

عاصمة الثقافة ..الطموح والواقع

عاصمة الثقافة ..الطموح والواقع

انتهت في العاصمة بغداد مؤخرا مراسم ٍافتتاح فعاليات (مهرجان بغداد عاصمة الثقافة العربية لعام 2013)، وهو حدث علينا أن لاننكر أهميته وأشراقته وهو يعقد وسط أجوائنا الملبدة بدخان المفخخات ورائحة الفساد والأزمات الخانقة التي تعيشها العملية السياسية وفي ظل واقع الخراب الذي يعم بغداد والمدن العراقية الأخرى.
ورغم الكثير الذي قيل في هذا الحدث الثقافي بين ذام ومادح وساخط ومتفائل، الاّ انني ومن وجهة نظري أرى أن الحدث جاء بهدف تقديم رسالة سياسية صريحة المضمون إلى الخارج أكثر مما هو خطوة جادة باتجاه إرساء ثقافة وطنية وإنسانية قادرة على إشاعة الجمال والمتعة يمكن أن تسهم في إزالة الخراب الذي طال العديد من مرافق المؤسسات والعقول.
فبغداد لايمكن أن تكون حقا عاصمة للثقافة العربية وصالات العرض السينمائي فيها ماتزال غائبة عن اداء دورها الثقافي، وكذلك هي لايمكن أن تكون هكذا قبل أن تتوجه الدولة لرعاية الثقافة حقا من خلال تأسيس البنى التحتية ومنها بناء عدد من المسارح الجديدة أو على الأقل إعادة تأهيل المهجور منها، وبغداد لا نتباهى بريادتها الثقافية قبل إبعاد وزارة الثقافة عن منهج المحاصصة البغيض وقبل أن نرى واحدأ من رموزنا الثقافية على رأس هرم الوزارة، وبغداد لن تصبح عاصمة للثقافة حقا قبل أن نتخلص من هيمنة الفكر المعادي للثقافة التنويرية وقبل أن نشهد تعايش الثقافات المختلفة على أرضها، إننا يمكن أن نتفاءل بريادتها الثقافية عندما نلمس جدية الدولة في تخصيص جزء من ميزانيتها للمشاريع الثقافية، فما زال أدباء المحافظات يتخذون من المقاهي والأرصفة مكانا للقاءاتهم بسبب افتقارهم لمقرات تحتضن أنشطتهم المختلفة، وكذلك مايزال الكثير من منجز الأدباء والمشتغلين في مجالات الفكر والثقافة فوق الرفوف بانتظار النور.
وبغداد يمكن أن تعيد مجدها الثقافي عندما يؤمن السياسي القائم على إدارة البلاد بدورالثقافة الفاعل في بناء الانسان وإسهامها الأكيد في بناء المجتمع السليم الخالي من الأمراض والعقد.
وبغداد تتألق بثقافتها وتعود منتجة ومصدرة لها عندما يبتعد السياسيون عن خطاباتهم المحرضة على العنف والاصطفافات الممزقة لوحدة البلاد.
وكذلك تشرق بالابداع المميز حينما يطمئن المبدع على مستقبله من خلال التشريعات التي تكفل رعاية الدولة له في مرضه وشيخوخته لكي يتمكن من الاستمرار في عطائه بعيدا عن القلق الذي قد يشغله عن مشروعه الابداعي. وكل هذه ليست بالاحلام البعيدة المنال والعصية على التحقيق عندما توجد إرادة مخلصة لبناء ثقافة تنهض بالإنسان والمجتمع.

أحدث المقالات