22 نوفمبر، 2024 5:07 م
Search
Close this search box.

عاصفة الحزم.. ماذا لو وصل غبارها للعراق؟!

عاصفة الحزم.. ماذا لو وصل غبارها للعراق؟!

قد يبدو من المبكر أو السابق لأوانه أن نعرف أو نستشف مضامين عملية (عاصفة الحزم) ومآلاتها، وإلى أين سيصل غبارها بعد انتهاء صولتها في اليمن، إلا أن مؤشرات عدة يمكن أن تقودنا كعراقيين إلى استنتاجات لما يمكن أن يحدثه هذا التحالف (العربي-الإسلامي) من تأثير على الساحة العراقية.

لا بد من الإقرار والتذكير دوما أن هذا التحالف العابر للآيدلوجيات بين المملكة العربية السعودية ذات التوجه السلفي التقليدي، وتركيا الأردوغانية ذات النفس الإخواني، وباكستان النووية الصوفية، والدائرة التي بدأت تتسع بانضمام الأردن ودول الخليج (باستثناء سلطنة عمان) والسودان والمغرب ومصر، وطلبات الانضمام من دول كماليزيا والسنغال وأفغانستان وغيرها؛ بأنه ليس عابرا أو وليد ردة فعل تجاه انقلاب الحوثيين على الشرعية السياسية في اليمن.

ويبدو أننا أمام حالة من التجمع والتكتل العربي والإسلامي لم يسبق لها مثيل في القرن الحالي أو الماضي، وحتى إن كانت هذه حالة مؤقتة أو استدعتها ظروف مصلحية لكنها كما يبدو لم تأت من فراغ، فتمدد إيران بأذرعها وميلشياتها داخل العالم العربي، وتآكل وتساقط العواصم العربية أمامها الواحدة تلك الأخرى دق أجراس الإنذار لدى قادة وحكومات هذه الدول، التي لم تنج الكثير منها رغم بعدها من مساوئ التدخل الإيراني، فلماليزيا والسودان ونيجيريا وغيرها قصص كثيرة عن فتن وقلاقل واضطرابات دينية واجتماعية أحدثها نفوذ إيران لديها.

أما وقد تأكد أن هذا الحلف ليس عبثيا أو طارئا (وإن كانت أهدافه بالجملة مجهولة حتى الآن) فإن على سنة العراق أن يبحثوا لهم عن مكان فيه أو بجواره، فهم الضحية الاولى للمشروع الإيراني التوسعي، وهم أول من دفع فاتورته من دماء أبنائهم وأموالهم ومناطقهم، ومن غير الحكمة ولا المصلحة أن ينأوا بأنفسهم عنه، وهم قد قضوا أكثر من عقد من الزمان يطالبون بأدوار عربية وإسلامية لدعمهم.

  لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الذي يمكن لهذا التحالف أن يقدمه لسنة العراق؟ ولمن سيقدم دعمه إن كان ذلك؟.

 

والحقيقة أنه لا معنى لأي عمل موجه ضد النفوذ أو المشروع الإيراني في العالم الإسلامي؛ دون أن يكون للعراق نصيب منه بل النصيب الأكبر فيه، فلقد كان هذا البلد حائط الصد أمام محاولات تصدير ثورة الخميني لعقدين ونصف تقريبا، ودفع الكثير من دماء أبنائه وأمواله ثمنا لهذا الموقف، ثم كانت النتيجة احتلالا أمريكيا بتواطىء إيراني.

 

وبنظرة سريعة على الساحة السياسية السنية في العراق تبدو الأطراف المؤثرة والفاعلة فيها لم تحسم موقفها –الرسمي على الاقل- من هذا التحالف، وهي ما زالت تراقب بمزيج من القلق والأمل أي بادرة على تأثير إيجابي يصل الساحة العراقية، وتحاول ترتيب أوراقها استعدادا لمتغيرات يمكن أن يحدثها مثل هذا التحرك في مثل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد.
أما دول هذا التحالف الجديد فمن الضروري أن تكون لها نظرة استراتيجية للتعامل مع الواقع العراقي، وطرق قطع أذرع إيران التي تعبث بالمنطقة انطلاقا من العراق وغيره، كما أن من الضروري أن تمد جسور التواصل مع القوى السنية الحية الرافضة للنفوذ الإيراني وتقديم دعم لها بصورة واضحة ودون مواربة؛ كما تفعل إيران تماما مع حلفائها من الأحزاب الشيعية.
ليس مطلوبا اليوم من سنة العراق أن يحاربوا نيابة عن العرب والمسلمين كما حاربوا بالأمس، وليس عليهم أن يتخلوا عن مشروعهم الخاص لصالح أي مشروع خارجي تجاهل معاناتهم خلال سنوات محنتهم، لكن من واجبهم أن أن يسعوا للخروج بجماهيرهم من دائرة الإستهداف الممنهج بالاعتماد على ظهير إقليمي قوي يوفر لهم نوعا من الدعم والمساندة ويحمل قضاياهم إلى المحافل الدولية، بعد أن جفت حلوقهم وهم يناشدون مرجعيات إخوانهم في الوطن وقادتهم لرفع الظلم عن أبنائهم ومناطقهم دون استجابة أو جدوى.
إن سنة العراق لم ولن ينسوا خذلان العرب والمسلمين لهم ولقضيتهم خلال السنوات الفائتة، لكن العيش في جدران الماضي والارتهان لصفحاته المظلمة لا يمكن أن يقدم حلولا أو يرفع مظلمة.

وبعد أكثر من أسبوعين على انطلاقها تبدو المؤشرات الاولية لسير عمليات (عاصفة الحزم) أنها لن تقف عن حدود اليمن، وأن ثمارها غير المباشرة بدأت تنعكس إيجابا لصالح الثورة السورية بعد تقدمها اللافت وانتصاراتها السريعة والمتوالية في إدلب وبصرى والقلمون وغيرها، ولا يستبعد أن تؤثر هذه المتغيرات في المشهد الإقليمي على الساحة العراقية وإن كان هذا بعد حين، فتزامن هذه العملية مع قرب الإعلان عن نجاح مفاوضات الملف النووي الإيراني، وتراجع (داعش) في العديد من مناطق نفوذها؛ يشير إلى توسع دائرة المواجهة بين المشاريع الإقليمية النافذة، وستكون الساحتين العراقية والسورية – بمزيد من الأسف – ميدانا لتصفية الخصومات والعداوات التاريخية التي تراكمت حتى وصلت حد الإنفجار، لدرجة دفعت السعودية ذات السياسة الخارجية الناعمة لتتجه نحو الصدام المباشر بعد أن أصبحت أو كادت تطوقها إيران من جميع الإتجاهات الجغرافية.

ليس من الحكمة أن يبقى سنة العراق اليوم يتفرجون على ما يدور حولهم بسلبية، إذ لا بد أن يكون لهم موقف واضح وموحد يترفع عن الحساسيات الشخصية والخلافات الضيقة، لأن مسألة الوجود السني في العراقي أصبحت اليوم على كف عفريت؛ مع تصاعد عمليات الإبادة البشرية والديموغرافية دون هوادة أو رحمة.

أحدث المقالات