الجميع يعلم ان قرار الحرب على شعب اليمن , انطلق من واشنطن , وجاء ذلك على لسان السفير السعودي عادل الجبير , وهذا الامر له مداليل كثيرة , اشبعها تحليلا اغلب الكتاب والمراقبين والمحللين السياسيين , في العالم .
بينما وبعد شهر من القتل والتدمير , للشعب اليمني وللبنى التحتية , اطلق وكيل وزير خارجية ايران , ومن طهران ان الحرب على اليمن ستتوقف , وكان ذلك قبل قرار وقف العدوان , الذي اذاعه العسيري من الرياض بعدة ساعات , فماذا يعني هذا؟
هذا يعني :
اولا : ان قرار الحرب من قبل السعودية جاء بضوء اخضر اميركي , وهذا ما يؤكد ان واشنطن تدعم الحرب على السعودية وتمونها , لوجستيا واستخباراتيا.
ثانيا : ان هذه الحرب كان وراءها اهداف امريكية مرسومة , ولن تحقق ما لم تقوم الرياض بضرب اليمن والاعتداء عليه.
ثالثا : ربما من يعلن ابتداء الحرب يملك القرار في شنها , لكن هذه السيطرة على القرار بمجرد اعلان الحرب سينتقل الى دوائر قرار اخرى , ولهذا سوف لن يكون قرار نهاية الحرب بيد الطرف التي اعلنها , بل سيشترك به الطرف الاخر , ومن هنا نلاحظ ان الرياض قد فقدت زمام المبادرة , وهذا ما بيناه في مقالة سابقة عنوانها ( السعودية تبحث عن مخرج…).
رابعا : ضيق الافق السياسي السعودي , والذي جعله ينسى ان كرة النار اليمنية سوف تتخطى الحدود بين اليمن والسعودية وسوف تصل الى دول اقليمية اخرى وسوف يشعل المنطقة برمتها ما لم يكن هناك وقف لهذه الحرب , حيث اصبح خليج عدن والمياد الدولية امام مضيق باب المندب مرتعا لسفن واساطيل العالم , واخرها الاحتكاك القوي والذي كاد يفجر الحرب بين بعض سفن وبارجات الاسطول الايراني ونظيراتها الاميركية قبل يومين من قرار وقف العدوان , وهذا ما دفع الدول التي تبحث عن امن واستقرار المنطقة ان تضغط على الرياض بوقف العدوان.
خامسا : ووفقا للعلم العسكري , ان القوات الجوية مهما كانت متطورة فهي لا يمكن ان تحسم المعركة , ما لم يكن هناك قوات برية تمسك الارض , وهذا العنصر غير متوفر لدى السعوديين , مما دفعهم بالبحث عن بدائل مثل استئجار جيوش اخرى , لكنهم فشلوا في توفير هذه الجيوش.
سادسا : ان لكل حرب كلفة اقتصادية , وهذا سينعكس على الداخل السعودي في حال استمرار الحرب على اليمن , وهو احد الاسباب التي دفعت السعودية , بالتفكير لعدم اطالة الحرب دون تحقيق الجدوى.
سابعا : لو سلمنا جدلا انها سوف تحقق انتصاراتها على الارض من خلال زج القوات البرية تحت حجة حماية ” الشرعية ” , وتمكنت من مسك الارض كل الارض اليمنية , فالسؤال الذي لابد من الاجابة عليه هو الى متى ستبقى هذه القوات ماسكة للأرض وتحمي ” الشرعية ” ؟. , امام شعب ثائر , عرفه التاريخ بعدم الانحناء.
ثامنا : ان لكل حرب كلفة سياسية وانعكاسات على الداخل السعودي , حيث لابد من وجود فئات تعارض الحرب , كونها تتصف بالعقلانية , وهذا يعني ان استمرار الحرب سينمي تلك المعارضات ويدفعها ان ترفع صوتا ضد الحرب , وبالتالي وجود جهات رافضة للحرب سيولد انشقاقات داخل الجبهة الداخلية السعودية مما يضعفها.
تاسعا : ان الحرب السعودية على اليمن , ” عاصفة الحزم ” هي بالأصل ( عفطة عنز) , وليس كما سميت , حيث عاصفة الحزم لا تبقي ولا تذر , وعفطة العنز هي لا تتعدى انفه , فهي اضرت بها ولم تنفعها , من حيث الاقتصاد والسياسة الداخلية والدبلوماسية وحتى الحرب , حيث اهتزاز صورة القوات المسلحة السعودية , وجعلها بموضع السخرية , كما انها لم تحقق اي من اهدافها المعلنة , ولا حتى الاهداف السرية لها .
ربما فاتني نقاط اخرى لم اذكرها , وان هذه النقاط التسع , لا تعني هي نهاية التحليل , لكن استطيع القول انها النقاط المهمة والرئيسية التي دفعت الرياض الى اعلان وقف العدوان على اليمن , والذي اكاد ان اجزم ان قرار وقف العدوان قد اتخذ بعواصم اخرى بعيدا عن المملكة السعودية وعاصمتها الرياض , وذلك من خلال التخبط الذي بات واضحا على المتحدث باسم عفطة العنز ” عاصفة الحزم ” المدعو عسيري , وهكذا يكون قرار الحرب انطلق في واشنطن ليتوقف في محطة طهران .