مع الأسف .. وأقولها مع الأسف أن تنجرف بعض أقلام طالما كانت مرموقة لتكشف عن طائفيّتها المقيتة حصل ذلك ما أن أعلنت السعوديّة بدء هجماتها على “الحوثيين الشيعة اليزيديّة” ولو على الريحة! ينتشلها توتّرها المذهبي من قاع ترسّبات نفوس أصحابها فتظهر فوق السطح كبقع دهنيّة سوداء منكمشة لتحجب الرؤيا عن ما يدور داخل التفاعلات عن التحليل المنطقي لما يحدث تحت عنوان عاصفة الحزم فشاغلت نفسها وشاغلت القرّاء معها بدفاع لا ليس في محلّه عن قضيّة إيرانيّة خاسرة مبرّراتها من الأساس غير منطقيّة ظهر فيها الحوثيّون يسيطرون على اليمن وكأنّ لا أحد غيرهم فيها وباقي اليمنيّون مجرّد متفرّجون! وذلك ما جعل آلاف علامات الاستفهام ترتسم في فضاء السياسة وكأنّ الحوثيّون فيها قوّة عظمى تجتاح بلدًا صغيرًا “أو قد تكون بمجملها عمليّة متّفق عليها” بين جهات ذات مصلحة .. فلو استعرضنا مواقع إلكترونيّة مهمّة تمثّلها صفوة أقلام البلد ,سنرى “حشو” من مقالات تكسوها طائفيّة خجولة للهجوم على السعوديّة دون أن يكلّف أحد أصحاب تلك الأقلام نفسه بقراءة بسيطة وخاطفة للواقع السياسي الآن حول بؤر النزاع العربي العربي ـ الغربي ـ الإيراني الّتي باتت متداخلة بحسب طبيعة الارتباط المذهبي والجو سياسي.. إذ منذ أن أعلن وزير الخارجيّة الأميركي “كيري” عن نيّة بلاده “التفاهم مع الرئيس السوري بشّار الأسد بدل القتال” كنت من بين الّذين أخذ يدور بذهنه هذا “الإعلان” الأميركي على غير عادته ساحبًا لفلك الدوران عواصف سابقة لإعلانات أميركيّة مماثلة كانت نتائجها “كسب الوقت للالتفاف حول الهدف ومباغتته” ..
فكما هو معلوم أنّ الولايات المتّحدة الأميركيّة لا ولن تستخدم قوّاتها البريّة في مشاريعها العسكريّة المستقبليّة ولمدى غير منظور بعد الّذي جرى لقوّاتها البرّيّة على أيدي العراقيّين, فغيّرت من استراتيجيّتها العسكريّة فلم تجد أفضل من الطبيعة العسكريّة الاستعماريّة الانكليزيّة الفرنسيّة ,والّتي سبقها بهذا السياق الساسانيّون “ذي قار” والعثمانيّون “سفربرلك” وبمصروفات زهيدة ,باستخدام شعوب تقع تحت هيمنتها السياسيّة في الهجمات البرّيّة بديلاً عن جيوشها البرّيّة ..انسحاب الحشد “وسليماني” وتصريحات العبادي ربّما مُختلقات “لتكليف” لما هو أبعد , فلولا نتذكّر أنّ “قادة السنّة” أعلنوا النفير العام “لحمل السلاح” قبل ليلتين من بدء عاصفة الحزم و”السنّة” بالطبع لديهم ابن العشيرة غالِ ونفيس عكس الحشود الجنوبيّة عندنا وحشود إيران من السهل جدّاً تجميعها سريعًا والدفع بها للقتال حتّى من دون تدريب “اتركه ,وهو في طريقه للقتال سيتدرّب!” كما حصل بداية إعلان نفير السيّد السيستاني, لولا نتذكّر أيضًا الموجات البشريّة الهائلة من الإيرانيّون الّتي كان يدفع بهم السيّد الخميني على القوّات العراقيّة بحرب الثمان سنوات وفقط لتفجير الألغام!, والبعض اليائس من “الشيعة” اليوم اقتنع على مضض بما تردّد “عن قيام عشائر تكريت بملء فراغ الحشد المنسحبون” ولأسباب! يتصوّر هذا البعض اليائس أنّ عشائر “السنّة” سيدفعون بفلذّات أكبادهم لمقاتلة الدواعش على طريقتهم جنوبنا وعلى غرار الإيرانيّون!.. فبعد يومين من إعلان النفير “السنّي” هاجمت السعوديّة الحوثيين .. فقبل بزوغ نجم الحوثيّون على الساحة العسكريّة والسياسيّة كانت تعلو الوسط السياسي الغربي “دعوات لهجمات برّيّة على سوريّا”, ولأكثر من مرّة يرافقها استعداد أكثر من جهة “حليفة” للغرب عن الاستعداد لتدريب المشاركون بالحرب على سوريّا ,بعدها بدأ اسم الحوثيّين يلمع وبتجهيزات عسكريّة إيرانيّة تحت سمع وبصر أميركا الّتي أعلنت هي أيضاً قبل “الحزم” انسحاب قوّاتها من اليمن؟ أعتقد أنّ الحوثيّون جُعلوا بشكل أو بآخر “أهداف” للتدريب الحيّ “لتقوية قلوب الخليجيّون” أوّلاً وأهدافًا قتاليّة لهم ثانيًا يحميهم في ذلك تفوّقهم الجوّي والبرّي بمساعدة “الحلف” والاقتصادي والحشد الدولي الداعم بانتظار مهام جسام أعقد من هذه..
كما ولا يجب أن ننسى أنّ الحوثيّون ,وقبل ما يباشروا اجتياحهم اليمن كانوا يقاتلون إلى جانب قوّات النظام السوريّ “ولكنّ خسائرهم الفادحة في سوريّا جعلتهم ينسحبون عائدين إلى اليمن” بحسب ما قيل ,لكن لو لاحظنا مبرّرات انسحابهم نجد لها وجه شبه مع انسحاب الحشد الشعبي من تكريت!.. عمليّة “قيادة الحلفاء” اختصاص أميركي صرف , فأميركا لا تهجم على أيّة دولة دون الاستعانة بحلفائها التقليديّون ,وهو سياق عسكري حديث ,حتّى أنّ من كثرة تكرار المشاركات القتاليّة للحلفاء بقيادة أميركا أصبحت جيوشها جاهزة دوماً متى ما استدعى الأمر وبوقت قصير, والسعوديّون هم الآن من يقود “حلفاء” سيتمرّنون هم أيضاً على هدفين ربّما إلى ثلاث, الحوثيّين أحدها ,عند ذاك “الّذين قد خاضوا أكثر من معركة وأصبح لديهم القتال أمر عادي ومستساغ” سيكون من بين الحلفاء من لديه جيوش برّيّة ستتدرّب هي الأخرى بملاحقتها للحوثيّين ولغيرهم أينما انسحبوا حتّى لو لجأوا إلى الجبال ,وقد أعلن عن الملاحقة هذه أمس ومن أكثر من مصدر لحلفاء السعوديّة ستشارك فيها قوّات مصريّة برّيّة وحرس ملكي سعودي, حتماً ستكون بعدها مستعدّة للقتال فيما لو أنيطت بها مهمّة اجتياح بلد آخر حتّى وإن كان بلد عربي!..