23 ديسمبر، 2024 5:56 ص

عاصفة الحزم، رغبات التحالف وخيارات صالح وطهران

عاصفة الحزم، رغبات التحالف وخيارات صالح وطهران

بأستعراض مجمل الأحداث والمواقف نجد أن التحالف العربي الأسلامي قد رسم هدف محدد في اليمن يتمثل في إعادة شرعية الرئيس منصور هادي وتحجيم القدرات العسكرية خارج نطاق الدولة اليمنية لضمان الأمن العربي والأقليمي متمثلاً بالحدود الدولية والمياه الأقليميه مع ضمان مسار سياسي سلمي يجتمع اليمنيون عليه من خلال الحوار بين مختلف التيارات وصولاً لتثبيت دولة المؤوسسات الشرعية. هناك ثلاث اطراف في القضية اليوم، اولها التحالف العربي الأسلامي ومن خلفهم الرئيس الشرعي منصور هادي، ثانيهم الرئيس السابق علي صالح، وثالثهم إيران ومن خلفها جماعة الحوثي. بأستعراض خيارات ورغبات كل هذه الأطراف نصل لنتيجة مفادها في النهاية أن الأزمة لن تطول وأن اليمنيين عائدين لطاولة الحوار وذلك لأن الثلاث اطراف لايرغبون في التصعيد أكثر ويمكن إستشعار ذلك من خلال المواقف الرسمية الصادرة عنهم من بعد إنطلاق عملية عاصفة الحزم وصولاً للحظة التي أكتب فيها هذا المقال.

لاتريد دول التحالف العربي والأسلامي التورط في عمليات برية داخل الأراضي اليمنية وإن حدث فلن يكون أبعد من المناطق الحدودية لعدة أسباب، أهمها أن العمليات البرية ستعني إطالة الأزمة وإنتهاء سبل الوصول للحوار وتمزيق ماتبقى من اللحمة الوطنية اليمنية المنقسمة اليوم بين مؤيدين لصالح وأخرون للحوثي والمتبقي لشرعية الرئيس هادي. كما إن العمليات البرية لاتضمن إستمرار الدعم الدولي للعملية ولا التأييد الشعبي العربي الأسلامي الواسع الذي نالته العملية منذ إنطلاقها للأن. بينما خيارات الرئيس السابق علي صالح والحوثيين ومن خلفهم ايران، فهي ليست كثيرة، اما الأنصياع للحوار والمحافظة على قليل من ماتبقى من مكتسبات حققوها وقت بداية الأزمة للأن، واما المواجهة العسكرية المباشرة. موقف صالح وإيران واضح منذ بداية العملية العسكرية وهو معلن، اختاروا الحوار على المواجهة العسكرية، فليس لصالح من إمكانيات عسكرية يواجه فيها تحالف كما لاتريد إيران التورط بحرب مفتوحة مع عشر دول تتحالف وتحظى بتأييد واسع دولي وأقليمي، شعبي ورسمي. كما أن ايران تدرك تماماً أن فتح جبهة اليمن بحرب مفتوحة سيكلفها بشكل مباشر جبهة سوريا والعراق من خلال موقف دولي وعمليات عسكرية تهدد مصالحها في كلا البلدين خصوصاً اذا ماعلمنا ان تركيا اعلنت بشكل واضح موقف سلبي اتجاه طهران ولديها رغبة غير معلنة بالتدخل في سوريا مع حماس باكستان في أن تكون طرف مباشر بأي حرب مستقبلية ضد السعودية وعندما نقول باكستان فأننا نتحدث عن حدود ايران من الجهة الشرقية التي كانت سبب مشاكل كبيرة مؤخراً بين باكستان وأيران لدرجة التهديد المتبادل.

فرضية المغامرة لجميع الأطراف في هذه الحرب تحظى بنسبة قليلة من القبول، لا أحد يرغب في إشعال المنطقة بحرب ممتدة بين عدة دول والجميع يدرك تماماً خياراته وإمكانياته، فلا أيران التي تسابق الزمن للوصول لأتفاق مع العالم في عهد اوباما تريد افساد ذلك، ولا الدول العربية والأسلامية تريد فتح هكذا جبهة ممتدة دون توفر حتى بدائل في سوريا على سبيل المثال وإن كانت الرغبة في إزاحة الأسد شديدة لكن يبقى أن الجميع تعلم من العراق وليبيا أن ازاحة أي نظام سيتطلب وجود بديل جاهز مع المحافظة على مؤوسسات الدولة حتى لاتقع البلدان في الفوضى، وهذا تماماً ينطبق مع حالة اليمن في فرضية تدخل عسكري بري، فهو سيتطلب بناء جديد للدولة وللمؤوسسات وقوات تمسك الأرض لفرض النظام وهذا يستنزف أموال طائلة وجهد كبير ووقت كثير جداً. اما الرئيس السابق علي صالح فلا سبيل لديه غير القبول بالحوار وسواء وافق الحوثيين على ذلك او لا، فأنه ذاهب عكسهم في الأتجاه لضمان أمنه الشخصي وسلامه مصالحه ومن معه. كما ان صالح والحوثي يدركون تماماً أن كل ما استمرت عملية عاصفة الحزم، خسروا قواهم العسكرية والشعبية وتفكك مؤيديهم وضاقت فرصهم. اذن لاسبيل للجميع غير الحوار في النهاية وكلها أيام حتى نرى ذلك يتحقق واقعياً. إلى ذلك الحين نتمنى أن تجري الأمور في هذا السيناريو وأن لايحدث ما يخرج الأمور من مسارها المنطقي اليوم.