8 أبريل، 2024 9:25 ص
Search
Close this search box.

عاصرت زمن الموت

Facebook
Twitter
LinkedIn

على أرضِ العراقْ حدثتْ عشرات لا بل ملايين الصور والحكايات المأساوية في جميع الأتجاهات والميادين المختلفة وكل صورة تحكي حكاية فئة محددة من فئات هذا الشعب الذي ذاقَ ولازال يتذوق مرارة المعاناة . من أقسى الصور التي لامستْ شغاف قلبي صورة أو حكاية ذلك الجندي المسكين الذي ترك بيت والديه وأحبائه ليسافر الى جنوب العراق تلبية لنداء الوطن في الدفاع عن أرضه في حرب ضروس دامت ثمانية أعوام بعذاباتها وأحزانها ومرارتها التي رافقت كل شخص عاصر تلك الحقبة من الزمن العصيب. ومات الجندي المسكين في أرض الغربة وفُقد الى الأبد وظلت والدته تذرف الدموع الحارة عليه طيلة 37 عاماً من الفقدان. وجاءت السيول الهائلة ومياه الأمطار التي جرفت معها كل شيء بلا رحمة . وعثر أهالي مدينة المشرح على رفات جندي عراقي كان قدعاد بلا روح ..لم تكن هناك إلا بقايا وعلامات تشير الى اسمه والى أي وحدة عسكرية ينتمي – هو الجندي عبد الأمير حاج جبار الجادري- عثرت السلطات ألأمنية على صورة قديمة له وقلم وساعة ونقود قليلة معدنية . صرح الأستاذ زهير كامل رئيس مجلس ناحية الفجر بأن السلطات القضائية والأمنية في محافظة ميسان تعرفت على رفات الجادري من خلال القرص الحديدي الخاص بالجنود العراقيين الذين كانوا يحملونه أثناء الحرب. لا أعرف هل أذرف الدموع عليه لأنه عاد الى أهله بلا روح ..وعودته المريرة هذه ذكرتني بعودة شقيقي الصغير عامر في عام 1982 ممزق الجسد والطلقات رسمت مواضع لها في كل بقعة من جسده بلا رحمه وظلت والدتي تذرف الدموع عليه بصمت أكثر من ثلاثين عاما حتى موتها في غفلةٍ من الزمن . شاهدت تعليقاً لشخص كتب اسمه تحت عنوان – ابو حارث الجبوري جعلني أذرف الدمع ساعات طويلة حيث قال ” شكراً لكِ أيتها السيول الجارفة يامن أرجعتِ الغرباء لأهلهم وهم لايعلمون بأن الأعداء قد تصالحوا بعد رحيلهم ” ..شيءٌ في صدري يكاد يصرخ بأعلى نبرة في جنح الليل – من هو المسؤول عن تلك الحرب ؟ ولماذا صارت تلك تلك الحرب ومن هو المستفيد منها ؟ مات البؤساء فقط وظل الطغاة ينعمون بثروات العراق لوحدهم ولم يشعروا بعذاب الغرباء الذين عادوا الى أرضهم بلا حراك…سحقاً لكِ أيتها الحرب في كل زمانٍ ومكان. رحم الله كل الغرباء الذين ماتوا من أجل العراق.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب