22 ديسمبر، 2024 2:39 م

تعلمنا أن الحسين قضية، عِبره وعَبره، نهج ومنهج، كل ارض كربلاء وكل يوم عاشورا.
نعلم أن الحسين ليس مأتم ورثاء، بل ثورة وانقلاب على واقع فاسد، الحسين لم يخرج ليعالج حاضر كان يعيشه، بل رسم طريق حياة لكل من يريد أن يعيش كما خلق إنسان.

كلنا ندرك أن الحسين في العراق ليس مثله في إيران، والحسين في لبنان لا يشبه الحسين في البحرين، وهو في أوربا غيره في أمريكا واسيا وأفريقيا.

فلكل قوم داء، ولكل داء علاج يكمن في الحسين، والحسين قبل ألف عام ليس الحسين اليوم، نعم هو خالد على مر العصور، لكنه يتغير مع الحاجة، ألم نقل انه دواء لكل داء.؟

الحسين يتغير في القلوب والفهم بين ارض وارض وشعب وآخر، فهو علاج في كل ارض ولكل قوم.

أن كنا نعتقد أن الحسين عِبره، كيف لمكلوم أن يقرأ الحسين ليتأسى به، وكيف لمن يسمع ما جرى على ارض كربلاء في يوم عاشورا، أن يفرغ ما في داخله من حسرة على الأطفال والنساء، الذي أحرقت خيامهم، وهم أيتام بلا أب أو أخ، أو قريب يلجئون إليه.

أن كان الحسين كما يريده البعض عِبره، كيف يتخلص الإنسان من آه تخترق جسده، لعليل لا يقوى على النهوض، ولا يجد من يتكأ عليه، ليتخلص من نار تلتهم خيمته الذي تأويه وعياله.

كيف لحر يسمع عن امرأة مخدرة، كانت تحظى بحماية ورعاية أبطال قومها، تجد نفسها مسبية، ومسؤولية عن سبعين طفل وطفلة أيتام ونساء ثكالى وعليل لا يقوى على النهوض.

أما إن كنا نريد الحسين عَبره، فبمن يقتدي المظلوم ليعلن ثورته، ويقتفي أثر مَن من يجد نفسه بلا ناصر ولامعين، كيف يتصرف من يبحث عن الخلود لقضيته، كيف يواجه المحروم الحرمان، وعلى من يستند من يجد نفسه في ارض المعركة وحيدا، ويعاني العطش والجوع، أن الحسين أن لم يكن عِبره لما وجدنا أحرار

على وجه المعمورة، ولما انتصر مظلوم على وجه الأرض، ولما ظل الإسلام كما أرادته السماء.

الداعين لتحجيم الحسين بالدمعة فقط، أو بالثورة فقط، هم أتباع الإسلام الأمريكي الذي اجتاح عالمنا اليوم، هؤلاء يرعبهم نداء (لبيك يا حسين)، ويفزعون من صيحة الأحرار (هيهات منا الذلة).

أذن الحسين قضية لا تستوي إلا بالعَبرة والعِبرة، الحسين خلود يستند إلى العَبرة والعِبرة.

اليوم في ارض الحسين العراق، نحيي الحسين بالعَبرة التي اعتدنا، ننصب سرادقنا وتلتحف الأجساد والجدران بالسواد، نبكي ونلطم مصيبتنا بالحسين، لنستثمر ذلك في المواجهة، مع أسلاف بني آميه من شذاذ الآفاق، الدواعش ومن يقف خلفهم.

الطعام الذي يطهى، يذهب إلى ساحات المواجهة، إلى الحسينيين المرابطين هناك، الدعاء في مجالسنا سيكون لنصرة المجاهدين، ولتسديد المرجعية القائدة.

هذا العام كما كل عام، سنجسد قضية الحسين على ارض الواقع، ليرى آثارها، المتنطعين ممن يشتمون بكائنا ولطمنا ومسيرتنا السنوية، سيرون بأم عيونهم، أننا لا نفهم الحسين مأتم ورثاء، بل نقتفيه ثورة وإباء، كما قال الشيخ الوائلي رحمة الله…