لابد ونحن نعيش عبق واقعة الطف من استذكار اولئك الرجال الذين ضحوا بانفسهم وهم سائرون على طريق ياحسين .. ومن هؤلاء الشيخ حسن شحاته رحمه الله ، الزعيم الروحي للشيعة في مصر ، والذي كان يحتفل في بيت شقيقه في قرية “زاوية أبو مسلم” بالجيزة بمناسبة مولد ( المنقذ ) ليلة الخامس عشر من شعبان ، التي وافقت في الرابع والعشرين من شهر حزيران عام 2013 ميلادية .. وكان الشيخ يعرف الظلم الذي حل في العالم .. والجور الذي لم يعد يحتمل .. ولمس ذلك بنفسه ، فرفع يديه هو ومن كان معه في الدار في دعاء وصلاة لوجه الله تعالى ، ليعجل في فرج المهدي المنتظر (ع) .. فوقع عليه الظلم والجور من أهل تلك القرية التي زارها .. ان الجريمة البشعة التي طالت الشهيد حسن شحاته ومن معه جزءا مما يرتكبه أولئك المجرمون .. الذين لا يمتلكون قيماً ولاديناً ولاأخلاقاً .. فقرية الزاوية التي لا يزيد عدد قاطنيها على (20) ألف نسمة جلهم من الأميين والجهلة ، لم ينصروا هذا المظلوم ، ولم يتبعوا وصايا الرسول (ص) باحقاق حق الجار .. بل أسهموا وشاركوا وناصروا تلك الثلة الضالة المجرمة التي هاجمت الدار التي استضافت الشهيد شحاته .. وكانت مجموعة سلفية متشددة قد جابت القرية قبل أيام ، وحرضت سكانها على قتل الشيعة .. المصادر اشارت حينها إلى أن في القرية خمسة بيوت للشيعة ، وهم مسالمون ، إلا أنهم تعرضوا للترهيب من قبل الجماعات المتشددة ، التي أيقظ نظام مرسي انذاك الحقد الأسود في قلوبهم , الذي زرعه أبو سفيان وهند بنت عتبة قبل 1400 عام ,, وأتمه صلاح الدين الأيوبي ، الذي سنن مصر ، بعد أن كانت فاطمية ، تدين بمذهب آل بيت النبوة (ع) .. التطرف الديني غير المعقول الذي أنتشر ببشاعة تلك الأيام ، في العراق ومصر ودول الخليج وشمال المغرب العربي ، والذي بدأ ينخر في جسد المسلمين ، ويؤلب قلوب بعضهم على بعض إنما هو من نتاج أعداء العرب والإسلام .. ففيه فرقتهم ، وتنازعهم ، وتشتتهم وذهاب ريحهم .. والعنف الطائفي الذي يروج له بعض الساسة ، والدول ، وأجهزة اعلام .. إنما ينذر بكارثة تحل بالمنطقة ، تنتج عنها مجازر رهيبة تذهب ضحيتها مئات الآلاف من الناس الأبرياء .. فهؤلاء الذين لعنهم الله كونهم موقظين للفتنة النائمة ، إنما يدّعون زوراً وبهتاناً نصرة الإسلام ، وكثيراً ما سمعنا عن تنظيمات متشددة تدّعي نصرة الإسلام ، والإسلام منها براء .. آخرها جبهة النصرة ، التي أذاقت الشعب السوري الأمرين ، وأستهدفته في مدنه وقراه ، وعقائده ، ووحدته واقتصاده ، حتى أحالت سوريا إلى دمار .. وقبلها ظهر من يتشبث بالإسلام ، وبعناوين النصرة ، مثل انصار السنة ، وأنصار الإسلام ، وهي تنظيمات قاعدية مجرمة .. قامت
بقتل العراقيين في مدنهم باسم المقاومة .. لذلك نجد أن جميع هذه التنظيمات وأينما وجدت ، سواء في العراق ، أو سوريا ، أو مصر ، أو شمال أفريقيا ، أو أفغانستان ، اوباكستان ، أو الخلايا النائمة في أوربا .. تحمل فكراً متشدداً ، يثير العداء اتجاه الآخر ، ويكفر الآخر ، ويحلل دماءه وماله ,واخر هذه التنظيمات الاجرامية ، تنظيم ما يدعى بداعش .
ولد الشهيد حسن شحاته في محافظة الشرقية عام 1946، وانتقل في ثمانينيات القرن الماضي إلى أطراف محافظة الجيزة الفقيرة ، دون أن يعلن عن اعتناقه للمذهب الشيعي .. وقد اعتقل عام 1996 من قبل السلطات الأمنية ، بسبب إعلانه عن اعتناق المذهب .. إن الطريقة البشعة التي قتل فيها شحاته واصحابه ، إنما تدل على بشاعة الفكر السلفي ، المتشدد .. وقد استفزت هذه الحادثة الضمير العالمي ، وربما لفتت إلى خطورة هؤلاء ، وجهلهم ، ومصادر تمويلهم ، وضحالة فكرهم ، وفساد عقيدتهم ، وتخلفهم ، وسطوتهم على الناس .. حتى صار قتل المسلم عندهم جهاداً في سبيل الله .. الحادثة كشفت كثيرا من الأمور .. منها سوء النظام .. والوضع الصعب الذي تعيشه الأقليات في مصر ، من الشيعة ، والأقباط المسيحيين ، وغيرهم من المخالفين لعقيدة العامة .. وقد شكلت هذه الحادثة وصمة عار للقرية ، وساكنيها ، كونهم وقفوا صامتين متفرجين على قتل المسلمين ، بل ان بعضهم ساعد على ذلك .. كما أن قوى الأمن المصرية أثبتت خوائها ، وعدم مهنيتها ، وجبنها ، لأنها لم تضع حداً لأولئك الذين تجاوزا على الشريعة ، والأعراف ، والأخلاق ، والنظام العام ، وحق المواطنة ، وحرية المعتقد والدين ، وحرية الرأي والتعبير . النظام المصري الذي كان سبباً مباشراً لهذه الجريمة ، أدانها على استحياء .. كما أدانها الأزهر ، وأعتبرها من الكبائر .. إلا أن المجتمع الدولي صمت وقتها .. في حين أن الفرحة عمت إسرائيل ، لنجاح خططهم وإخلاص عملائهم لهم . ان الشهيد حسن شحاته من رجال عاشوراء. الا ان استشهاده جاء بعد (1368) عاما ، فمنهم من قضى نحبه ، ومنهم من ينتظر ، وما بدلوا تبديلا .