ان مشروع الشهادة بدأ منذ الاف السنين ابتداء من قتل انبياء بني اسرائيل و حادثة قطع رأس النبي يحيى (ع) ؛ و قضية حرق اصحاب الاخدود التي ذكرت في القرآن الكريم ” قتل اصحاب الاخدود ؛ النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود——–الخ”؛ لأنهم رفضوا نكران وحدانية الله سبحانه و تعالى؛ حيث تم حرق الاطفال و النساء و الشيوخ . ثم نعرج على حادثة استشهاد سيدنا الحمزة و ال72 شهيدا سقطوا معه في معركة أحد ؛ حيث بقرت بطن سيدنا حمزة (ع) و قطع رأسه و مثل به. ثم نأتي الى معركة الطف التي استشهد فيها سيدنا الحسين (ع) و ثلة طاهرة من اهل بيت النبوة . ثم تلتها احداث و احداث و منها على سبيل المثال مقتل سيدنا زيد ابن علي و تعليقه من قبل هشام بن عبد الملك لمدة طويلة ؛ و من ثم حرقه . و علينا ان لا ننسى الشهداء الذين استشهدوا في الدفاع عن شعب العراق المظلوم ابان حكم الطاغية صدام حسين؛ حيث مثل بأجسادهم الطاهرة و وضعوا في التيزاب فذابت اجسادهم الطاهرة. لقد بقي أهالي مئات الالوف من الشهداء يبحثون عن احبائهم في المقابر الجماعية و لم يجدوا لهم اثرا. ان استشهاد محمد باقر الصدر و اخته الشهيدة ام الهدى ليست بعيدة عن الذاكرة و لا زالت اجساد العراقيين من الشهداء تتناثر من الشمال الى الجنوب على ايدي قتلة مجرمين نراهم كل يوم في كل انحاء العراق. و لا ننسى الشهداء الذين يقاومون الاحتلال الصهيوني في فلسطين و الذين يقفون ضد الحكام العرب الظالمين.لقد كرّم الله سبحانه و تعالى الشهداء بالآية الكريمة” ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ؛ فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون”. ان فرح الشهداء بالجنة لا يقدر بثمن و هو جزاء الصابرين و الشهداء. و في آية اخرى يقول الله سبحانه و تعالى ” و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم و لكن لا تشعرون”.
ان العبرة من استشهاد الامام الحسين (ع) ليست بالبكاء و العويل و ضرب الرؤس و جلد الظهر ؛ بل بالعمل الجاد على مسيرة سيد الشهداء ضد الظلم و الطغيان و الوقوف مع الضعيف و نصرته . ان هذا الغلو الذي نشاهده اليوم يتناقض مع فكرة و فلسفة آل البيت (ع) . ان هذا الغلو في التعبير عن مضمون هذه المناسبة الاليمة هو مخالف لما اوصى به الامام الحسين (ع) لأخته زينب (ع) اذ قال: ” يا اختاه اقسمت عليك بالله الاّ تشقي جيبا و لا تخدشي خدا و احتسبي بجدك رسول الله (ص). و هذا الامام الصادق (ع) يقول ” احبونا حب الاسلام ؛ لقد ازداد حبكم لنا غلوّا حتى اصبح شأنا علينا” . لقد اشار الامام على (ع) في احدى خطبه و قال ” يهلك فيّ اثنان محب مغال و مبغض قال” . ان الركض وراء من يدعون انهم خدمة الامام الحسين (ع) انّما يخدعونكم لانهم يخدمون انفسهم لكي تمتلأ جيوبهم و بطونهم بأموال الفقراء و المستضعفين. و كان الاجدر بهذه الاموال التي تصرف ؛ ان توزع على الملايين من الفقراء و اليتامى و ما اكثرهم في العراق. ان هذا سيثلج قلوب آل البيت الطاهرين (ع) و يعطي مثالا لبقية الطوائف الاسلامية على تأثير هذه الواقعة الاليمة على نفوس المسلمين الشيعة و جعلهم ينتبهون الى معاناة اخوانهم المسلمين المحتاجين و هو واجب شرعي.
ان هذا الغلو في حب آل البيت قد يؤدي لا سمح الله الى الابتعاد عن هذا المشروع الاستشهادي و يدخل الناس البسطاء بالشرك من حيث لا يشعرون؛ كما جاء في الآية الكريم “ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب “.
ان تسخيف عقول الناس من قبل انصاف المتدينيين له عواقب خطيرة على حاضر و مستقبل الطائفة الشيعية و خاصة الروايات الكاذبة عن اهل البيت؛ و الغلو فيهم و هم براء منها . فقد قال الامام زين العابدين (ع) ” شيعتنا كذبوا عنّا حتى اصبحوا عارا علينا”. و هذا الامام الصادق (ع) يقول ” اعرضوا كلامنا على القرآن فأن ناقضه فأضربوه عرض الحائط”. ان الروايات التي تدعي ان الانبياء و الصالحين كانوا يضربون رؤسهم بأستشهاد الامام الحسين (ع) كلام كاذب على الله و رسوله . كما ان زيارة الامام الحسين (ع) تعادل الف حجة و الف عمرة في عرفه هي منافية للقرآن و السنة النبوية و يجب الالتفات لها. ان العودة الى القرآن الكريم و السنة النبوية و فقه آل البيت (ع) سيعطيكم فكرة عن هذا التراث العظيم و يجعلكم بمنأى عن هذه الاكاذيب و الاساطير التي حرمها آل البيت انفسهم.
لقد وقف عدد من رجال الدين ضد ألمظاهر اللأسلامية مثل ألتطبير وألمشي على ألنار أو الزحف على ألرجلين وأليدين في هذه ألمراسيم ؛ومنهم ألعلامة ألأمين في ألأربعينات من ألقرن ألماضي وكذلك السيد محمد حسين فضل ألله وأشار أليها ألخطيب ألمرموق ألشيخ ألوائلي ألى حرمتها ومخالفتها لعقيدة آل ألبيت ؛ كما وقف ضدها ألسيد ألخميني في أيران كما منعت ألحكومة ألأيرانية ألتطبير وتعاقب عليه بالسجن؛ولا تؤيده سوى مجموعة معينة متطرفة تسمى ألشيرازية ؛ومما يثير ألأستغراب وألدهشة وعلامات ألأستفهام !!وقوف ألمرجعيات ألدينية ألكبيرة في ألنجف على ألحياد بينما ألمفروض بها أن تكون في ألطليعة لتوجيه ألناس ألى ألأقلاع عن مثل هذه ألطقوس ألتي تسيئ ألى ألشيعة ألأمامية لما فيها من غلو وخروج عن ألمألوف وأن ألساكت عن ألحق شيطان أخرس وهذه مسؤولية ألجميع!!.
انها دعوة مفتوحة لأهل العلم و المعرفة و المثقفين بأداء و اجبهم الشرعي و الانساني بتوجيه الناس البسطاء نحو الاعمال الصالحة التي تخدمهم و تخدم اوطانهم . انها مسؤلية دينية و وطنية يجب على كل متعلم ان يقوم بها ؛ و ان التقاعس عن دعوة الناس في الابتعاد عن مرضى العقول من المتخلفين و الرجوع الى القرآن و السنة و تراث آل بيت الرسول (ع)ستكون له عواقب وخيمة؛ لأن التخلف عن اداء هذا الدور يعتبر خروجا عن الواجبات الدينية و الاخلاقية التي اوجبها الله علينا ؛ لأن من لا يسهم في خدمة مجتمعه و وطنه نحو التطور في المجالات العلمية و المعرفية هي خيانة عظمى يحاسب عليها الله و الوطن. على رجال الدين ان يتصدوا لهذه الظواهر المتخلفة و بعكسه سيتحملون وزر ما يحدث الآن و يوم القيامة. لأن من يمتنع عن توضيح العلم الذي حباه فيه الله عز و جل في سبيل خدمة المجتمع سيكون عقابه عسيرا عند الله سبحانه و تعالى؛ لأن التعلم و المعرفة هما هبة من الله و يجب ان يستخدما لخدمة البشرية و ان حجبها يعتبر تقصيرا في اداء الشكر و العرفان الى الله تعالى؛ لأن أية قدسية مزيفة تحافظ عليها في الدنيا ستكون وبالا عليك في الآخرة ؛ و هذه هي زكاة العلم.
يمكن ألأستفادة من ألدماء التي تهدر بهذه ألمناسبة ألأليمة بالتبرع بها الى ألمستشفيات لأنقاذ أرواح ألمصابين من ألأعمال ألأرهابية
وألمرضى .أما ألأموال ألتي تصرف وألتي تقدر بالمليارات من ألدنانير فيمكن توزيعها على ألأيتام والأرامل وألثكالى وما أكثرهم في ألعراق ألجريح؛ وبدلا من أشغال ألقوات ألمسلحة وسلطات ألأمن وأعطائها ألفرصة لملاحقة ألأرهابين وألمجرمين واللصوص ألذين يعيثون في ألأرض فسادا ويقتلون ألأبرياء بالجملة . وبدلا من ألتركيز على ألردات وألأشعار التي لاتنفع ؛لفت أنتباه ألناس بهذه ألمناسبة لعظمة ألقرأن ومفاهميه ألمقدسة ألتي تدعوا ألمسلمين ألى ألوحدة والتكافل ألأجتماعي ومحاربة ألطغاة وألقتلة وألتخلص منهم خدمة لله وللعباد.لقد أوصى ألامام علي ولديه ألأمام ألحسن والحسين عليهم ألسلام جميعا{ عليكم بالقرأن فأنه ربيع ألقلوب فيه خبر ماقبلكم ونبأ مابعدكم وتمسكوا بالصلاة وعليكم بالزكاة فأن ألأْعمال لاتقبل بدونها }وبذلك تكون ألطائفة مثلا متقدما في ألتمسك بمبادئ ألأسلام وفي ألتضحية والأيثار.