عندما يتحرر المرء من شرور ذاته الآثمة فأنه يسمو بنفسه نحو انسانيته التي سيعيش بها مع الناس وبعد تشذيبه وتهذيبه لنفسه يقف على جادة الصواب ليفرق بين الحق والباطل ومن ثم يحدد بوصلة اتجاهه بأي مسير سيمضي فالطرق متعدد وكثيرة وجميعها معبدة إلا واحدةٌ منها فأنها مليئة بالاشواك والتعرجات الصعبة وهو طريق الحق المسمى طريق ذوالشوكة والعنفوان وهذا لا يسلكه إلا المؤمنون بقضيتهم ومن نذروا أنفسهم لخدمة مشروعهم الاصلاحي ….يذكرني هذا الطريق بإصحاب الحسين الذين ساروا بركبه وهم على علم بما سيحل بهم ,وكيف تنازلوا عن المغريات واللذائذ والنعم لا لزهدٍ في نفوسهم وإنما لانهم أصحاب قضية وهذه المغريات زائلة لا محال وهي محصورة بيد الطغاة المستبدين ففضلوا الشهادة عليها ,والوفاء بالعهد الأخلاقي الذي قطعوه مع ملهمهم ومصلحهم أن لايتركوه ولا يخذلوه ولا يبيعوه مهما كلفهم ذلك الأمر من تبعات جسيمة ستهلكهم وتودي بحياتهم,أذكر جيدا أن احد الاشخاص جاء للحسين مقدما جواده وسيفه ودرعه ويقول له هي بين يديك أما انا فلست ملكك فلدي عائلة واخاف عليها من اليتم والتشريد من بعدي ,ما قيمة ما يقدمه وهو يمتنع عن إداء واجب النصرة وتقديم العون?وما قيمة الشعارات الرنانة العريضة المعلقة على لافتات براقة دون تطبيق فعلي لها يجسدها رجال يغوضون غمار الشدائد,ويغوصون في لجج الازمات الى ان ينبلج الليل وتشرق شمس النهار؟ساحة المعركة وما يكون بها هي المصداق لنيل أوسمة الخلود ,ترك لنا الحسين أرثاً عظيماً نفتخر به لنجعل منه منهجاً في مسيرة حياتنا ,أن لانحاف الظالم مهما كان عنوانه وهويته ونتصدى له بحزم وقوة بتوحد الايادي ستكون هنالك معادلة ناجحة في قلب الموازين أما في الفرقة فلن يكون هناك نجاح وإصلاح ,وقول الشاعر مخاطباً الحسين بما قدمه لنا في تصحيح مسار ضمائرنا : لِتُبدِلَ منه جديبَ الضمير / بآخَرَ مُعَشوشِبٍ مُمرِع ,وتدفعَ هذي النفوسَ الصِغارَ/ خوفاً إلى حَرَمٍ أمنَع ,أن لا نقف على الحياد مكتوفي الأيدي والباطل يتمادى في جوره وبطشه ثم يحول المجتمع الى عبيد خانعين له ولأوامره ,عملية التخويف والاحباط وتثبيط العزيمة هي غاية مبتغى المفسد الذي يخلق دائرة من الفاسدين ليرتب اوراقه حسب ما يشتهي وما يريده من السرقة والتلاعب بمقدرات المكان الذي يشغله أو المجتمع الذي ينتمي أليه ,أن سكت الناس عنه أصبح غول يخيفهم ويرعبهم وهو أجوف من الداخل مهزوم لكنه منتصراً على فاقدي الارادة .