23 ديسمبر، 2024 10:48 ص

عاشوراء … فاصل و نواصل

عاشوراء … فاصل و نواصل

يمر علينا موسم عاشوراء بشعاراته و شعائره و مشاعره كل عام لتتحشد فيه القوى الجماهيرية بكل أصنافها و ألوانها و أختلافاتها و مستوياتها متجهة بوصلتها نحو كعبة الرمز الخالد في كربلاء الصراع بين الحق و الباطل بين الصالح و الطالح بين الصح و الخطأ نعيش في هذه القطعة الزمنية المبتورة من واقعنا في حالة من الرقي و التسامي في كل شيء فمجتمع عاشوراء بعاشورائيته و أربعينيته هو مجتمع المدينة الفاضلة إن لم يكن أفضل فالناس متحابين الى درجة التذلل و العبودية للضيف و الزائر له مكانة تصل الى درجة التقديس و البذل في أقصى مداه حتى يتجاوز الإمكان و يتعدى المحدود و التراحم بين الناس كأنهم ليسوا من الأنس و أنما ملائكة فيتحول مجتمع عاشوراء الى مجتمع ملائكي و كأنه الجنة في الأرض , و بعد عاشوراء تعود الناس الى حياتهم و بيوتهم و أحوالهم و أخلاقهم و عاداتهم و كأن عاشوراء مقطع أسثنائي في فاصل و نواصل , فرغم هذا التحشيد الجماهيري المليوني الذي يصطبغ بصبغة الحسين و أخلاق الحسين و شعارات الحسين يخرج بعده خالي الوفاض نافض ثوبه من هذه المعاني السامية ليعود أدراجه الى ما كان عليه من أخلاق و عادات فلماذا لا يكون عاشوراء مجتمع دائم الحياة في أرواحنا ؟ لماذا لا تكون جنة الحسين مستمرة على طول الايام و الاعوام و تحكم تصرفاتنا و عاداتنا ؟ لماذا لا يكون عاشوراء ملكة راسخة فينا و ليس حال يتبدل بزوال المؤثر الزمني و المكاني ؟ أين الخلل الذي يحيل بيننا و بين أن نستمر عاشورائيين الى الابد فعاشوراء غير قابلة للتقطيع و التجزئة و الزمكنة الا إن كنا ممثلين بارعين على خشبة مسرح كربلاء و بعد أنتهاء المسرحية و تصفيق الجمهور نخلع عن ارواحنا ملابس القيم و نمسح عن وجوهنا أصباغ التأسي بأهل البيت لتبقى وجوهنا على حقيقة ما نضمر و نختزن من خلق بعيد عما ندعيه فوق مسرح عاشوراء ؟