في كل عام تتجدد واقعة عاشوراء الاليمة وفي ذكراها يكون للفكر الواعي من العبرة والعظة ما لايخطر على بال , كونها ملحمة أنسانية متحركة تنحو بدلالة الخير المطلق , الذي يدعو نحو الحرية والعدل. ومنذ ذلك الزمن البعيد والناس في كل زمان ومكان يستذكرون الحسين (ع) وعاشوراء . عاشوراء مؤتمر للحزن والبكاء واللطم والذي عادة ماينتهي بعد أربعينية الواقعة, وخلال هذه الخمسين يوما ( تبدء مراسيمها قبل استشهاد الامام بعشرة أيام ) . في هذه الايام تكون هناك عدة فعاليات منها السرادق التي تقدم الطعام ومنها مواكب اللطم والقراءات الحسينية والتطبير والتشابيه وخاتمتها تكون المسير نحو كربلاء في ذكرى الاربعينية, وخلال هذه الايام الطويلة يتفرغ الكثير من الناس لهذه الطقوس تاركين عوائلهم وأعمالهم من أجل بركة عاشوراء . من الخطأ الكبير تغيير ماجبلت وتطبعت عليه هذه الجموع البشرية بيد أن من الضروري توجيه هذه المناسبة المهمة , فهذا الجمع الهائل من المحبين لخصال الامام والفداء من أجله لابد لها من تجديد عاشوراء ومناصرة أل البيت بالعمل الصالح الطيب ,وقبل أيام سمعت بمبادرة قامت بها شبكة الاعلام العراقي لزرع الاشجار على طريق كربلاء بغداد بالتعاون مع عدة دوائر حكومية , ولاشك بأن هذه المبادرة تستحق كل التقدير غير أنها غير كافية نظرا لامكانيات المناسبة من حشد جماهيري ومايرافقه من بذل خيري يتبرع به أهل الخير , فالامام الحسين واهل بيته هم من علموا أتباعهم بسلوك طريق العمل والذي يقترن بعلم وهم من أرسوا أسس محبة الاوطان والمحافظة عليها بالنظافة والجمال , والامام الذي خرج من أجل الاصلاح في أمة جده بوصفه ثائرا ضد الفساد والطغيان والفقر والظلم والجهل وضد أستغلال الدين من أجل نيل مطالب الدنيا. بالامكان للوعي الجماهيري الحر أن يجعل من واقعة الطف ومأساتها السنوية حالة أيجابية متحركة , فهي دعوة للايمان بالعراق وطنا كاملا غير متجزئ , وهي دعوة للنظافة والجمال لوطن أنهكته الحروب , وهي دعوة ضد الفساد والمفسدين الذين يملئون البلاد , وهي خطوة للتكافل مع الفقراء والمحرومين من أبناء الشعب من خلال المبالغ المالية المخصصة لعاشوراء لاقتطاع جزء منها وأعطائها لهؤلاء الناس من أجل سد أحتياجاتهم الانسانية, وبأمكان الخيرين من أبناء البلد أن يجعلوا من هذه المناسبة وأيامها الطوال مؤتمرا ثقافيا واسعا يشارك فيه الكل من جميع الفئات والمكونات العراقية وان يكون لكل سنة جدولا للاعمال بما تحقق وما يمكن أن يتحقق, طبعا مثل هذه الدعوة لاتتناقض مع من يريد البقاء على طقوس عاشوراء ولكن وعي الممارسة أهم من الممارسة نفسها.
الحسين( ع )مدرسة للاباء والعلم والشجاعة فلنصغي اليه جيدا.