بعد فترة طويلة نسبيا من المواقف المتشددة والمتسمة بالضبابية والتصريحات العنترية من جانب القادة والمسٶولون في نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية والتي وصلت الى حد وضع شروط أمام الولايات المتحدة الامريکية من أجل العودة الى طاولة المحادثات النووية وحتى التمادي في ذلك، خرج المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، يوم السبت الماضي إن طهران قررت مواصلة المفاوضات في فيينا مع مجموعة الـ4+1 (روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) في فيينا.
الملفت للنظر إن خطيب زادە برر هذا الموقف الذي سعى النظام الايراني طويلا لتأخيره بأن هذا القرار جاء بعد “انتهاء المرحلة الأولى من إعادة النظر في المحادثات”. وأشار إلى أن المرحلة الثانية من إعادة النظر في المفاوضات النووية “ستصل إلى نتيجة في المستقبل القريب”، مضيفا أنه فور انتهاء مسار إعادة النظر في المفاوضات السابقة ستبدأ المفاوضات. غير إن هذا التبرير لايمکن أن أن ينطلي على أحد لأنه قد جاء وکما توقع المراقبون السياسيون المعنيون بالشأن الايراني نتيجة للمواقف الحازمة للولايات المتحدة والدول الاوربيـة وهو الامر الذي وضع النظام الايراني في موقف حرج وإضطره في نهاية الامر أن ينصاع للأمر الواقع ويعود للمفاوضات مع ملاحظة نقطة مهمة وهي إنه وکلما يمر الوقت أکثر على محادثات فيينا فإن الشکوك تتزايد بشأن نوايا النظام الايراني ولاسيما وإن للمجتمع الدولي تجارب عديدة معه بهذا الصدد.
التشکيك بالنوايا المبيتة للنظام الايراني بشأن المحادثات النووية والمطالبة بعدم الثقة به وضرورة إتخاذ نهج صارم وحازم حياله بهذا الخصوص وإن کان على الاغلب من جانب المجلس الوطني للمقاومة الايرانية، المعارضة الوطنية الرئيسية ضد النظام، ولکن نظرا للمبررات والمسوغات الواقعية المقدمة من جانب هذا المجلس الى جانب إن النظام نفسه ومن خلال تجارب تمتد لثلاثة عقود من التفاوض معه، قد أثبت عمليا بأنه غير جدير بالثقة، فإنه باتت أوساط سياسية وإعلامية تٶکد هي الاخرى على مسألة عدم الثقة بهذا النظام وبالتالي عدم التعويل على نجاح المفاوضات بخطها العام وحسم البرنامج النووي للنظام الايراني.
في تقرير مهم وحساس لمجموعة أوراسيا الاستشارية للمخاطر السياسية، وهي منظمة أمريکية سياسية مختصة، أکدت فيه من إنه ربما ينفد الوقت بالنسبة للولايات المتحدة وإيران لاستئناف المحادثات النووية مع استمرار طهران في تطوير برنامجها النووي بشكل مطرد، وأضاف التقرير”بالنظر إلى وتيرة تقدمها النووي، تقترب إيران من النقطة التي لا يمكن عندها استرداد فوائد الاتفاق النووي دون إجراء تغييرات كبيرة على الاتفاقية التي قد ترفضها طهران”، وأوضح التقرير مبرر عدم التوصل لإتفاق وبالتالي عدم نجاح المفاوضات بالقول إن الصفقة أصبحت أكثر إلحاحا من أي وقت مضى بسبب التقدم الكبير الذي حققه النظام، مثل اكتساب إيران المعرفة حول كيفية تشغيل أجهزة الطرد المركزي المتقدمة لتخصيب اليورانيوم، وهو أمر في الوقت نفسه قلل من احتمالية التوصل إلى صفقة.
وبصورة عامة، فإن عودة النظام الايراني لطاولة المفاوضات النووية لايمکن الاستبشار والتفاٶل به لأن هذا النظام من النوع الذي لايمکن الوثوق به أبدا کما عود العالم على ذلك خلال 30 عاما من التواصل معه، وحتى يمکن القول وبثقة بأنه قد عاد من أجل اللعب والمراوغة في سبيل تحقيق أهدافه وليس أي شئ آخر!