23 ديسمبر، 2024 11:58 ص

عادل عبد المهدي ولغة الأرقام

عادل عبد المهدي ولغة الأرقام

من المعلوم جلًّيا لدى دارسي حضارات الدول, أن تطور مفهوم الدولة, وآليات بنائها, قد تقدمت وتطورت أشواطا بعيدة, وتعقدت الفروع التي يجب الإهتمام بها, لأي شخصية سياسية أو فصيل سياسي, يروم بناء دولة عصرية؛ ومن أهم التقنيات أو الفروع التي ينبغي الإهتمام بها عند محاولة النجاح في أي مشروع تنموي, هي تقنية لغة الرقام, التي باتت في هذا الزمن, تعتبر الرئة التي تتنفس من خلالها التخصصات الرقابية والتقييمية, في مشاريع بناء الدول المتحضرة والمتقدمة في العالم.
عادل عبد المهدي, كرجل دولة معاصر, يملك نظرة تحمل في مضامينها, تقوقعا تخصصيا قيميا ذو منهجية علمية دقيقة, يحاول من خلالها دوما العمل والتعامل مع الأحداث والمعطيات والأفكار, بلغة الأرقام, فمنظوره إلى البناء الحضاري والعمراني, متأسس من مفهوم أو نظرية (تراكم المكاسب)؛ حيث ينطلق من أن الأمم الحية, التي تبني أمجاد حضارة وتطور سبل حياة, إنما تتوصل إلى النجاح في ذلك, من خلال مراكمة المكاسب, فتصبح لها مخزونات مادية وفكرية مركبة ومعقدة، تنتج وتتطور بمعادلات رياضية وليس حسابية, لتتقدم على غيرها نوعاً وكماً، وهو ما يسمح لها بالتعويض, عند تعرضها لكوارث طبيعية, او ظروف طارئة, او معالجة الآثار الجانبية السلبية لعملية التراكم.
عبد المهدي يحاول جاهدا أن يلغي دور العاطفة (الذاتية, والإجتماعية, والعرفية) في أدائه السياسي والمهني, فتعامل مع المعادلة الوطنية, على أنها أرقام مهولة, بدأت تزحف وتنتشر في كل مفاصل الوجود العراقي (شعبا , ودولة, وقيما) , فيقيس مديات التطورات أو النكوص والتراجع, بأرقام البطالة, وأرقام الأيتام, وأرقام الأرامل, وأرقام الإنتاج, وأرقام التصدير, وأرقام الإستيراد, وأرقام الدخل القومي… إلخ.
“سأعرض أعمالي على إخواني للتدقيق والمراجعة, وسأواصل جهودي بكل عزم وقوة ما دمت سأتمتع بالتأييد اللازم, وما دمنا نحقق سوية التقدم المطلوب.. أما إذا فقدت التأييد, او اذا ما تحول ترشيحي إلى عقبة, فسأعتذر لشعبي واخواني, وأعيد الأمانة لمن سلمني إياها. ” , بهذه الكلمات, قدم عادل عبد المهدي نفسه كرجل دولة معاصر, يحاول أن يجعل من حرفته السياسية, رقما في معادلة بناء الدولة, فإن تحول هذا الرقم إلى إحدى كسور الأرقام, فهو يطالب المؤسسة التشريعية بأن تطرحه كفائض في العملية الحسابية.
(أنا لست بحزبي!) جملة قالها عبد المهدي, عندما تم تعيينه كوزيرا للنفط في الحكومة الحالية, وعندما بدأت طلبات الكثير من تنظيمات تيار شهيد المحراب, ترد إليه من أجل قضاء الحوائج, أو الحصول على المكاسب, أو التعيينات, أو غيرها وغيرها؛ فرفض رفضا قاطعا أن يكون رقما حزبيا, خارجا عن أرقام المعادلة الوطنية, وبهذه الطريقة, حقق نجاحا كبيرا في غلق أبواب الفساد, الذي شاب عمل أغلب الوزارات الأخرى, بوزرائها وموظفيها ومدرائها؛ مع أنه تسبب بصدمة (إجتماعية) كبيرة, في نفوس بعض الأخوة في تنظيمات تيار شهيد المحراب! من الذين كانوا ينظرون إلى مفهوم الأستيزار في تيار شهيد المحراب, على أنه رقم حزبي يمكن التوكأ عليه والإستفادة منه!