عادل عبد المهدي, وزير نفطهم, وجهين لعملة المنافع الشخصية, وجه بغدادي والآخر اربيلي, من الصعب تحديد تقاسيم سلوكه, تاريخه مثير للألتباس والريبة, كان بعثياً من سكراب الرسالة الخالدة, ثم شيوعياً ثائراً وضع جيفارا في جيبه, بعدها انقلب اسلامياً يطعن القيم والمباديء من خلف ظهر المعتقد, الآن مجنداً في مارينز المشروع الأمريكي للتقسيم, من داخل هذا المستنقع التاريخي, لا بد ان يخرج عبد المهدي جلاداً, ليس لأرواح الأبرياء كما كان الأمر من داخل مقرات الحرس القومي فحسب, بل للقيم والمباديء الوطنية, فأعاد جلد المشروع الوطني لثورة الرابع عشر من تموز وانجازاتها الوطنية وامتدت اساءته لتنال من شخصية امام الفقراء عبد الكريم قاسم.
قال المقربون منه, انه يكتسب لون البيئة التي يجد فيها منافعه الشخصية, ومن اجل المال والسلطة, لا يمتنع عن ارتكاب جريمة وتلك رذيلة لا يقبلها الشيطان لنفسه, فالعملية السياسية الراهنة, وحكومة المارينز التي انبثقت عنها, تشكل البيئة الأمثل لطموحات عبد المهدي, امريكا التي احتلتنا واذلتنا بحكومة تشكل الوجه الآخر للعبة التراشق بدماء الأبرياء, المارينز السياسي الأمريكي انفجر مارداً من فوهة صناديق الأقتراع في لحظة انتحر العراقيون بأصواتهم, نحن شعب نقف الآن على فوهة الأنفجار بنا, لا نفكر في الدفاع عن النفس الأخير لنا, انه الأستسلام ثقافة شعبية.
لا اضيف شيئاً لما كتبه الأفاضل عن ثورة الرابع عشر من تموز, كما لا ينفع الجدل مع المعوقين وطنياً, فقط نُذكر من لا يحترمون الذاكرة العراقية, ان اهم ما يميز الثورة ثلاثة جماليات.
1 ـــ مشروعها الوطني للتحرر والديمقراطية والتحديث الجذري لمؤسسات الدولة والمجتع وتهذيب القوانين الوضعية والحد من اختراق عبثية الخرافات للوعي المجتمعي.
2 ـــ قائد ثورة يحمل رؤى وطنية انسانية لأعادة صياغة العلاقات بين المكونات واعادة تهذيب العلاقة بين المرأة والرجل, نهجاً ووعياً وثقافة وتقاليد وسلوك حضاري من خارج طغيان الأدلجة الذكورية.
3 ـــ اغلب وزراء حكومة الثورة ومدرائها والعاملين على رأس الموسسات الحيوية, هم من المثقفين الوطنيين واصحاب الأختصاص ـــ التكنوقراط ـــ نزيهين على ارصدة المال العام ومصادر ارزاق الناس والأكتفاء الذاتي, نقلوا قيمهم عبر مؤسساتهم الى جسد الدولة والمجتمع, كانوا يحترمون الحياة والأنسان.
يوم كانت ثورة الرابع عشر من تموز زاهية بأنجازاتها الوطنية وقائدها يسابق الزمن ليعود بالعراق الى حيث كان العراق, كان عادل المنتفكي بعثياً معتقلاً في سجن رقم واحد في معسكر الرشيد, وقد اطلق سراحه انقلابيو 08 / شباط 1963 الأسود, فأنطلق حقداً مجنوناً لأرواء عطشه من دماء الأبرياء من خيرة بنات وابناء الحركة الوطنية في المعتقلات واوكار التعذيب للحرس القومي البعثي, هنا وجد الأمريكان فيه ضالتهم فأضافوه طليعة الى رجالهم القابعون في دهاليز العملية السياسية.
عادل عبد المهدي متصدراً الآن فريق مرحلة الفساد والخراب الشامل, ممثلاً للمجلس الأعلى في حكومة المقبولية والفريق المنسجم, فماذا يمكن ان ننتظر منه غير اعادة جلد الأنجارزات الوطنية لثورة 14 تموز, انه ليس حالة استثنائية, هو واحد من ادوات المشروع الأمريكي البغيض, سمعنا عنه وقرأناه وعشناه خلال العقد الأخير, لا يثير استغرابنا ان يكون قيادياً في المجلس الأعلى, ما يثير الحزن والأسى ان يكون وزيراً لنفط العراق.
عندما نستذكر الزعيم ياخذنا الحنين الى قيم نجهلها الآن ولا نتداولها, مرحلة رموز الحواسم, الخيانة فيها لا تُخجل القادة من التصريح بها اوممارستها, فالسقوط عندها صعوداً الى الأسفل, من سؤ حظهم, ان المتأمرين قبلهم رموا جثمان الزعيم الراحل في المياه العراقية, فشربت من روحه الأمهات العراقيات, وستشربه الأجيال القادمة من مراضعهن, مثلما خسر الحق في جبهة الأمام علي, فالتاريخ اعاد الحقائق الى نصابها, فها هو امير المؤمنين, إمام الكون ومعلم البشرية, الحق الذي استشهد مع الزعيم عبد الكريم قاسم, استمر مشروعاً وطنياً ينبض في ذاكرة الملايين, تحمل الأجيال رسالته للأجيال, ومثلما كان الأمام علي النفس الأخير للفضيلة في المجتمع الأسلامي, كان الزعيم عبد الكريم قاسم شهيدها في المجتمع العراقي.