9 أبريل، 2024 3:53 ص
Search
Close this search box.

عادل عبدالمهدي والحبل الرفيع للبقاء

Facebook
Twitter
LinkedIn

مع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات غير مسبوقة في العراق ،بدات الساحة السياسية تلتهب هي الاخرى بمواقف غير معهودة حيث اعلن على انفراد كل من تيار الحكمة والنصر الذهاب الى المعارضة , وتحدث كل طرف انه لم يعد بالامكان البقاء مع حكومة عادل عبدالمهدي التي لم تنفذ برنامجها الحكومي الذي اعلنت عنه , هذا في وقت تحدثت التقارير عن توجهات جديدة للتيار الصدري ستكشف في الايام القادمة ,اما ان تكون لصالح الاحتضان العذري الواحدي لعادل عبدالمهدي واما التخلي عنه وهذا يرتبط بطبيعة الاستحقاقات والمعطيات القادمة على خريطة الواقع السياسي القادم في العراق .
السؤال المطروح هو ماذا وراء هذا التفكيك الافقي في الخارطة الحزبية والسياسية في العراق؟
وماهو المطلوب من وراء هذه التحركات المريبة التي تاتي في ظروف استثنائية ؟ هل هي فعلا جادة في بلورة برنامج جديدة للمعارضة الديمقراطية في اطار الدستور والقانون العراقي ام انها تضمر شيئا اخر للضغط على حكومة عبدالمهدي؟
هل تاتي هذه التطورات لخلط الاوراق وللتمويه على اقوى هجوم على الطبقة السياسية العراقية، من قبل المرجع السيستاني وذلك في الذكرى الخامسة لصدور فتواه الخاصة بالجهاد الكفائي ضد تنظيم داعش الارهابي ؟
لماذا تتفاعل هذه المواقف والتجاذبات والمنطقة اليوم على مفترق طرق خاصة في ضوء التطورات والازمة الاخيرة بين ايران وامريكا واحتمالات التقسيم الجغرافي القادم للمنطقة؟
هل ان مايجري هو في سياق الجهود الامريكية من اجل اعادة العراق الى الفوضى السياسية او ربما اعادة داعش الى العراق من جديد من اجل ان تستخدم العراق كمنصة لتمرير اجنداتها في المنطقة والاقليم بعد ان فشلت في المواجهة السياسية والحرب النفسية مع طهران ؟
هل لاقليم كردستان الذي احتفل مؤخرا بتتويج رئيس وزرائه بحفل لم ترق له احتفالات دول العالم تاثير معين لطمطمة تسويق النفط الذي تصدره لاسرائيل وتركيا بما يعادل 600 الف برميل يوميا دون حسيب اورقيب فيما تستحوذ على حصة مالية من الحكومة الاتحادية بما يفوق المحافظات العراقية الاخرى ؟
هل ان مايجري في العراق هو عجيبة اخرى تضاف للعجائب السبع المعروفة في العراق ام حزورة اخرى تتناقل رغم رحيل شهر رمضان المبارك ؟
تساؤلات مهمة ومثيرة ومحيرة يجب التوقف عندها والتدقيق في مضامينها ودلالاتها وتوقيتاتها .
التوقيت يعتبر خطيرا وخصوصا وان هذه الاطراف هي جزء من الواقع السياسي العراقي بل هي التي ساهمت بشكل من الاشكال في صياغته بهذا الشكل القائم , ولايمكن التنصل من النتائج الحالية والمرئية اوتلك المترتبة عليه , فهي التي توافقت على حكومة عادل عبدالمهدي وهي التي وضعت العقبات امام مسيرتها وامام محاولة تشكيلها ولم تعط عبدالمهدي الحرية في الاختيار كما تم الاتفاق عليه في السابق .
كما تاتي في ظروف داخلية قاهرة حيث يحاول عبدالمهدي فتح ملف المفاوضات مع اقليم كردستان بعد ان خذله الاكراد بعد وعودهم له باعطاء 250 الف برميل نفط تحت تصرف الحكومة الاتحادية مقابل دفع رواتب الاقليم بما فيها البيشمركة التي قاتلت الجيش العراقي والحشد الشعبي .
وتاتي ايضا بعد قراره بتعيين وكلاء عن وزيري الدفاع والداخلية بعد ان رفضت الاحزاب القبول باي وزير يتم عرضه عليهم بمبررات وعناوين واهية , اضافة الى قرار عبدالمهدي الاخير بما يتعلق بالاعتماد على الشركات الفرنسية والالمانية التي امسكت بملف الكهرباء مما بعث برسالة غير مقبولة من بعض الاطراف العراقية التي تراهن على التفرد بنفسها في تكريس النجاحات لصالحها بهذا المضمار .
اما خارجيا فان العراق هو الاكثر تاثرا بما يجري من تجاذبات وحرب ناعمة بين ايران وامريكا وهو المعني بها اكثر من غيره لموقعه الجيو – سياسي والمذهبي والاستراتيجي مما يعني ان اي اخلال بالمعادلة الراهنة للوضع العراقي سيكون بمثابة القشة التي تقصم ظهر البعير خاصة لو عرفنا بان هناك حالة خلط لاوراق بدات تتبلور وان شهر العسل للثلاثي الحاكم اي رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء تبخر وحصلت مشادات كلامية للتدخلات التي حاول الثنائي القيام بها لاضعاف رئاسة الوزراء حيث صدرت تجاوزات غير قانونية دفعت عبدالمهدي لتقديم شكوى الى المحكمة الاتحادية العليا مما يعني بان القضية لاترتبط بشخص عبدالمهدي كرئيس للحكومة بقدر ماهي مساس بالوضع القائم ومحاولة لتجريد الديموغرافية الكبيرة في البلد من حقوقها المقصاة منها في السابق من الايام , واعادتها الى الوضع المذل ابان حكومات ماقبل سقوط صدام والغريب ان المنتمين لهذه الديموغرافية وبدلا من ترتيب البيت الشيعي وتعزيز مكاسبه يفجرون الغاما خطرة تهدد ليس الحكومة وحسب بل كل مكتسبات الواقع الجديد وتضعه في الزاوية الحرجة فهل يمكن ان نعيد قراءاتنا للوضع العراقي بتجرد وامانة لنكتشف اين نضع اقدامنا وماذا تحيط بنا من عواصف ومنزلقات .
اما تداعيات اعلان المرجعية موقفها تجاه التقاتل البائس على المناصب وانتقاد الطبقة السياسية بشكل سافر فهو يفسر بعض هذه التحركات حيث تحاول بعض الاطراف الهروب الى المعارضة لترفع العتب واللوم عنها علها تعيد الكرة مجددا لتكسب جولة اية انتخابات قادمة بعد ان بات وضع عبدالمهدي معلقا بخيط رفيع قد ينقطع في اية لحظة , كما انها تريد ان تتنصل عن المسؤولية وتلقيها في رقبة عبد المهدي والفتح وسائرون ,ناهيك من ان المعارضة سوف تتسع لعادل لدرجة انه سيجد نفسه مضطرا لاعلان الاستقالة اذا ماوجد نفسه امام الحائط المنتظر .
طبعا فان هذه المكاشفة المطروحة من قبل المرجعية ستفتح الباب امام تبادل الاتهامات والتجريح بين الفسيفساء الشيعي فيما يبقى الاكراد والسنة بمنأى عن هذه التفاعلات والتداعيات ليكتوى العنصر الشيعي بنيران هذه الانتقادات على طريقة جلد الذات التي اعتاد عليها الشيعة وليكونوا دائما وقود نزاعاتهم وفرقتهم واجتهاداتهم القشرية في تناول الاحداث خصوصا وان هناك من المتربصين من السياسيين ومن العامل الخارجي ممن يستغل خطاب المرجعية لايجاد صدام واختلاف بين ابناء المذهب الواحد من جهة وبين مشروع ايران ومشروع النجف الاشرف في موضوع الحكومة وباقي التفاصيل من جهة اخرى .
وبالتالي فان حكومة عادل عبدالمهدي ستكون مكشوفة في مواجهة كل الانتقادات والاسقاطات مما سيستتبع ذلك ان يعي عادل عبدالمهدي هذه الظروف المحيطة به وان يسارع لتفعيل ملف الخدمات وانهاء الازمات واكمال الكابينة الوزارية من اجل حفظ توازنه واستمرار مشروعه في بناء البلد بدل ان يكون وقودا لمطامع البعض وبحثهم الدائم عن كبش فداء .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب