23 ديسمبر، 2024 10:23 ص

عاداتنا الغذائية وإحتياطي العملة

عاداتنا الغذائية وإحتياطي العملة

أتتأثر عاداتنا الغذائية السيئة بإنخفاض أسعار النفط ودخولنا أزمة مالية حادة لاينبغي التهوين بشانها؟ مازلت انتظر إجابة ولو نصف شافية من قبل “فطاحلة” الإقتصاد عندنا عن هذا السؤال من دون النظر الى إحتياطي العملة من موجودات البنك المركزي. من جانبي ولا أدعي إنني إخترعت “جاجيك” دايت لمرضى السكري بت أرى أن الأوان قد حان لحل إشكالية العلاقة بين وارداتنا الآتية الينا مما نبيعه من النفط وبين دفع مايزيد على ثلاثة أرباع الميزانية رواتب وأجور. وما بين “الإيراد والمصرف” فإن المطبخ العراقي يفتخر بفتح فروع له في دول الجوار من قاسم أبو الكص الى قدوري أبو “الباقلاء بالدهن الحر” الى إبن سمينة وإسمه يدل على نصف مانعانيه من مأساة غذائية.

وإن كنا نفتخر بتصدير مطاعم الكص والباقلاء الى الخارج فإننا نستورد المزيد من “المولات” من الخارج. فقبل عقود من الزمن لم يكن في بغداد مول واحد. كانت هناك الأفريقية في العهد الملكي والأسواق المركزية في العهود الجمهورية. حتى “السمك المسكوف” وهو درة تاج مطبخنا كان حكرأ على شارع أبي نؤاس فقط.أما اليوم فقد أصبح كل شارع بل ربما كل زقاق من محلاتنا أبو نؤاس السماك لا الشاعر. الأمر نفسه ينطبق على الكباب الذي كانت تشتهر به مطاعم على أصابع اليد في بغداد بينما تنتشر اليوم في كل محلات بل وإزقة بغداد وكل مدن العراق القطعة الشهيرة “نشوي الكباب للعوائل”.

لم يتوقف الأمر عند المطاعم والمولات بل تعداه الى دكاكين الفواكه والخضر والغالبية منها مستورد. قبل عقود كانت عملية التسوق تجري غالبا من أماكن معروفة مثل علاوي جميلة والرشيد في جانبي الكرخ والرصافة. أما اليوم فقد تناسلت الدكاكين والعلاوي بين البيوت حتى أصبحت جزء من الطراز المعماري المشوه لمدينة بغداد. ومع كل هذا الإنتشار الهائل الذي لايرتبط معظمه بنسب الزيادة السكانية الأ بقدر معين فإن القدرة “الأكلية” لا الشرائية عند المواطن العراقي لاتزال تسجل إرتفاعأ غير مسبوق. والفارق بين القدرتين الأكلية والشرائية تتمثل في عدم تأثر منظومة الأكل والإطعام عندنا بالقدرة الشرائية المرتبطة بالأسعار حيث لانملك سوى النفط الذي دالت دولته.

وهذا يعني إنه على الدولة أن “تحتار” وحدها بتأمين الرواتب حتى لو صارت كلفة إنتاج النفط أكثر من الربح لأن عيوننا جميعا بدأت تشرئب الآن الى إحتياطي البنك المركزي البالغ نحو 59 مليار دولار لا لشئ الا لنحوله الى تشريب وباميا وبسبوسة وحمس بطحين. وبين طحين الحصة المغضوب عليه وأسعار النفط التي رفعت بوجهنا شعار “الأطحين” لايوجد ضوء في نهاية النفق بشان تغيير عاداتنا الغذائية. خلاصة ما يجري أن الحكومة لم يعد لها من هم سوى التكرار على مدار الساعة أن الرواتب لن تمس برغم تحذيرات خازن بيت المال هوشيار زيباري. للأسف صار همنا جميعا أن ناكل و”نتريع” دون أن يخطر على بالنا إنه في حال إنهار سد الموصل لن يكون بوسعنا القول لبعضنا حتى .. عوافي.